Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 11/08/2013 Issue 14927 14927 الأحد 04 شوال 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

حتى السنة الماضية (1433هـ) كانت إجازة العيد تنتهي في اليوم الخامس من شوال، ومن ثم تبدأ الدراسة والأعمال الحكومية في اليوم السادس منه، وقد تطول المدة حسب موقع نهاية الأسبوع.. والأصل في هذه الإجازة أنها احتفال بعيد الفطر، ويوم العيد نفسه هو يوم أكل وشرب ولا يحل فيه الصوم، فكأنه في هذه الدنيا جائزة ربانية بعد انقضاء شهر الصيام والقيام الذي حرم فيه العبد نفسه من الطعام والشراب وغيرهما من الملذات.. لكنه أيضاً عيد اجتماعي يتلاقى فيه الأحباب ويتعمّق تواصلهم ويتشاركون في إبداء مظاهر الاحتفال والفرح به.. وليس هناك من أحد أشد فرحاً بالعيد من الأطفال، فهم يفرحون بأشياء كثيرة:

لبس جديد وهدايا جميلة وجو من اللطف والحنان في وسط العائلة والأقارب، وإن كانوا طلاباً فهم يتلذذون ببضعة أيام خالية من الدروس.. لذلك كانت المعاني الدينية والاجتماعية تمثّل الخاصية الفريدة لعيد الفطر، وما أيام الإجازة التي نتمتع بها إلا بفضله وبسببه.. ومع أن ذلك لم يمنع بعض الأسر والأفراد من اقتناص فرصة أيام العيد لسفرة خاطفة إلى بلد قريب للسياحة أو لأمر آخر إلا أن الإجازة ظلت خاصة بالعيد.. أما منذ العام الماضي - ولكن بصفة خاصة هذا العام وما سيأتي بعده من أعوام - فإن حال العيد أصابها كثيرٌ من التغير، ولم يعد العيد قائداً لأيام الإجازة، بل مقوداً.. وأصبحت الإجازة الدراسية تبتلع إجازة العيد، فلا يستفيد منها الدارسون لأنها لا تطيل مدة الإجازة الدراسية بل هي ضمنها، بينما يستفيد منها غير الدارسين - وهم أولياء أمور الطلاب وخصوصاً الموظفين منهم - لأنهم يكسبون إجازة طويلة بسبب الجمع بين الإجازتين، وفي ذلك إغراء شديد لهم بأن ينطلقوا إلى أرض الله الواسعة للسياحة أو لزيارة أولادهم الدارسين في الخارج وأن يتركوا العيد للمعايدين.. فليس مستغرباً بعد ذلك أن يقل عدد الذين يحتفلون بالعيد في بلدهم عاماً بعد عام.

وفي سنوات سالفة كانت إجازة العيد هي أيضاً موسم الزواجات لأن الجميع موجودون وغير مشغولين ويتنفسون أجواء بهجة العيد.. أما اليوم فإن المقدم على الزواج يفكر مرتين قبل أن يضع وقت زواجه خلال أيام العيد لأن كثيراً ممن سوف يدعوهم لحفل الزواج - ومنهم أقارب وأصحاب - يكونون خارج الوطن.

ومع أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي أتاح متسعاً كبيراً لتبادل المعايدات والتهاني، إلا أنه لا يقوم مقام الغائبين، سوف يفقد العيد شيئاً من وهج المعاني الدينية والاجتماعية التي كانت تجلله.. لكنها بالطبع لن تختفي أو تبهت.. إذ إن الاحتفال بالعيد باقٍ مع الذين يبقون في ديارهم - وهم الأكثرية على أي حال.. فأما الموظفون في الحكومة والعاملون في القطاع الأهلي فسوف يعودون بعد انقضاء إجازة العيد إلى أعمالهم، وأما الطلاب فسوف يستمتعون مع أهاليهم بأيام العيد، ثم يدورون بعدها في فراغ الإجازة الدراسية، كما اعتادوا على ذلك من قبل.. والآن لم يعد المرء يجرؤ على المطالبة بمراكز (أو نوادٍ) للأنشطة الترفيهية الرياضية والاجتماعية النظيفة التي تقتل الملل وتملأ الفراغ، لأن الجدوى منها في حالنا الحاضرة محدودة.. فمن جهة نرى أن النماذج الموجودة محدودة العروض متواضعة المستوى وخالية من عنصر الترفية والتشويق، ومن جهة أخرى فإن العوائق التي تقام في وجه الأنشطة الاجتماعية - الفنية بخاصة - مهما كانت براءتها، والقيود التي تفرض على المشاركات العائلية في ارتياد أماكن الفسحة والترفيه - مع أن المتعة في الإجازات هي متعة عائلية في الأساس، سواء كانت إجازة نهاية أسبوع أو إجازة عيد أو إجازة عمل أو دراسة، كل ذلك يحول دون نشوء بيئة محلية باسمة يتمتع فيها الناس بالإجازة.. وليس غريباً بعد ذلك أن يلجأ الشباب - المراهق منهم والناضج - إلى التجمع الشللي والتسمر أمام شاشات أجهزة التواصل الاجتماعي والإنترنت بحثاً عن بدائل تجلب المتعة وتسد الفراغ، حتى فقدوا الرغبة في الاستمتاع بأي ممارسة تتطلب الحركة والنشاط البدني.. وهذه قضية عامة لا تخص إجازة دون إجازة، رلكنها تبيّن فقط أن اتصال إجازة العيد بالإجازة الدراسية فيه خسارة لشيء من روحانية العيد وأبعاده الاجتماعية لمن يسافر بعيداً وقت العيد، وفيه مكاسب لعائلته، إذ يقضون إجازة ممتعة مليئة بالنشاط والحركة والتنوع.

أما الذين يمضون إجازتي العيد وإجازة أولادهم الدراسية في محل إقامتهم فقد لا يتأثرون سلباً ولا إيجاباً، لأن الحال باقٍ على ما عهدوه.. إلا إذا انفتح المجتمع على أساليب الترفيه واللهو البريء التي تتنوع بين الفنون والثقافة والرياضة والنزهات، وبإمكان العائلة أن تستمتع بها كما يستمتع الأفراد، آمنة مما يخدش الحياء والأخلاق أو يتصادم مع العقيدة.. وإذا قال أحدٌ ماذا تصنع هذه الأساليب أمام الحر اللافح في إجازة صيفية فإنه سيجد الجواب في المساء العليل والصالات المكيفة.. أما الجواب على عنوان المقال (رفقة أم خصومة؟)، فلا يلزم أن نبحث عنه لأنه يتبدّل حسب مفهوم الفرد لمعاني العيد، وأين يقضي إجازته .

إجازة العيد وإجازة الدراسة معاً: رفقة أم خصومة؟
د. عثمان عبدالعزيز الربيعة

د. عثمان عبدالعزيز الربيعة

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة