Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 11/08/2013 Issue 14927 14927 الأحد 04 شوال 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

يبدو أن الناس اعتادوا على الجدل الواسع حول رؤية هلال شهر رمضان وهلال شهر شوال في كل عام، واختلافهما واتفاقهما مع الحسابات الفلكية؛ وهو ما جعلنا منقسمين حول أهم فريضة من فرائض الإسلام، وتحديد دخول وخروج شهر رمضان المبارك، دون أي اعتبار للحسابات الفلكية، وكونها علماً مستقلاً، يعتمد عليه في مدى قدرة الرائي على الرؤية الشرعية للهلال.

وعطفاً على ما سبق، فقد أصدر فضيلة الشيخ عبد الله بن منيع بياناً، أوضح فيه أنه ظهر في هذين اليومين (الاثنين والثلاثاء)، الموافقين (27 و28-9-1434هـ)، بلبلة فكرية أعطت الشكوك أن شهر رمضان ليس أوله يوم الأربعاء الموافق 10-7- 2013م، وإنما أوله يوم الثلاثاء الموافق 9-7-2013م، وقد زاد في هذه البلبلة والشكوك بيان المحكمة العليا بترائي الهلال مساء الثلاثاء، الموافق ليلة الأربعاء، 28-9-1434هـ.

ثم يقول فضيلة الشيخ: «وهذا البيان محل نظر؛ فهو لا يتفق مع مقتضى شرعي، ولا مقتضى فلكي، وقد كان له أثر كبير في بلبلة الأفكار، وإثارة الشكوك، وهو مخالف للأصل الذي هو قرار المحكمة العليا بخصوص دخول شهر رمضان؛ إذ إنه قرار مبني على تأصيل شرعي، وعلماء الفلك يعتبرونه قراراً صحيحاً، أعني القرار بدخول الشهر، وبناء على هذا القرار الصحيح فهل يصح معه أن يصدر قرار بترائي الهلال مساء يوم 28-9-1434 هـ، كما صدر من المحكمة أخيراً؟!».

ويختم فضيلة الشيخ خلاصة رأيه بأن مساء الثلاثاء 28-9-1434هـ لا يصح فيه ترائي الهلال، لا من الجانب الشرعي، ولا من الجانب الفلكي، أما الجانب الشرعي فيوم الثلاثاء هو 28-9-1434هـ، وترائي الهلال يكون مساء التاسع والعشرين من كل شهر، وأما الجانب الفلكي فالهلال لا يولد إلا بعد منتصف ليل الأربعاء، الموافق 29-8-1434هـ، الساعة الثانية عشرة والدقيقة الثانية والخمسين، فهل يجوز ترائي الهلال قبل ولادته؟

ما ذكره فضيلة الشيخ عبد الله بن منيع هو ما أشرت إليه في مقال سابق، بعنوان «ضبط رؤية الهلال»، فقد كان إحدى توصيات مؤتمر الإمارات الفلكي الثاني، الذي حضره فقهاء شرعيون، ومتخذو قرار من العديد من الدول الإسلامية، ونصّ على أنه: «إذا قرر علم الفلك أن الاقتران لا يحدث قبل غروب الشمس، أو أن القمر يغرب قبل الشمس في اليوم التاسع والعشرين من الشهر، فلا يُدعى لتحري الهلال».

وقد أقرّ الفقهاء بأنه لا تعارض بين هذه التوصية وسنّة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بتحري الهلال؛ إذ إنّ هذه التوصية متعلقة - فقط - بالحالات التي نعلم فيها مسبقاً أنّ القمر غير موجود في السماء، بناء على معطيات قطعية؛ وبالتالي فإن تحرّيه ونحن متأكدون أنه غير موجود هو تهميش للعقل والعلم.

ومن بين الفقهاء الذين دعوا لمثل هذه التوصية حتى قبل انعقاد المؤتمر الشيخ عبد الله بن منيع، عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية مستشار خادم الحرمين الشريفين، إضافة إلى أن هذه التوصية معتمدة بطبيعة الحال في بعض الدول الإسلامية، التي تعتمد رؤية الهلال أساساً لبدء الشهر الهجري، مثل سلطنة عمان وليبيا مؤخراً، فهذه الدول لا تدعو الناس لتحرّي الهلال وهي تعلم أنه غير موجود في الأفق؛ فالأصل أن لا تدعو الجهات المعنية لتحري الهلال يوم الجمعة القادم؛ ليقيننا أنه غير موجود في السماء بعد غروب الشمس.

بل أجمع من حضر «مؤتمر الأهلة» قبل سنوات عدة، المنعقد في جدة، من علماء شرعيين وفلكيين من عدد من دول العالم الإسلامي، الذي افتُتح بحضور سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - على «وجوب الاعتماد على أقوال الفلكيين في النفي دون الإثبات»، وأفتى به الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - لأن الإثبات يختلف حسب المكان والزمان. ومعنى قبول قولهم في النفي أنهم إذا قرروا أن القمر يغرب قبل الشمس فلا يصح - أبدًا - قبول أي دعوى من الشهود أنهم رأوه؛ لأنها تعتبر رؤية للمعدوم، وهذا مستحيل. أما إذا قالوا يغرب بعد الشمس فيمكن قبول الشهادة الحقيقية للهلال، وتتأكد صحة هذه الرؤية بظهور الهلال في المراصد؛ لأن تحديد إمكانية الرؤية بالدرجة فيه اختلاف، وذلك حسب صفاء الجو، وقوة النظر، ونحو ذلك كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -.

ثم إنه لا يصح تجاهل الكثيرين من الفقهاء، الذين اتخذوا الموقف الإيجابي من علم الفلك، كالإمام السبكي (القرن الهجري الثامن)، وغيره من القدماء، إلى فضيلة الشيخ رشيد رضا (القرن الماضي)، إلى العديد من الفقهاء المعاصرين، الذين أوضحوا أن شهادات الرؤية تكون دائماً ظنية، أما نتائج الحسابات الفلكية فهي قطعية؛ كونها تستخدم في الحالات القطعية، ولا تُبنى أي قرارات على توقعات محتملة، وكل بياناتنا تعتمد على غير هذا المبدأ، كالاعتماد على المشاهدات البشرية فحسب، سيزيد من حدوث الأخطاء، ومن ثم سيزيد الانقسام والاختلاف.

ثم إن تطوُّر علم رؤية الهلال بشكل كبير خلال الـ20 سنة الماضية أمر لا يُنكر؛ وعلى كل المهتمين بالموضوع التواصل مع الخبراء؛ لمزيد من الفهم الدقيق للمسألة، قبل الخروج بتصريحات تؤدي إلى المزيد من التشويش والحيرة، كما ورد في بيان فضيلة الشيخ عبد الله بن منيع.

drsasq@gmail.com
باحث في السياسة الشرعية

وقفة مع بيان الشيخ ابن منيع!
سعد بن عبدالقادر القويعي

سعد بن عبدالقادر القويعي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة