Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 15/08/2013 Issue 14931 14931 الخميس 08 شوال 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

وجهات نظر

فضل الصدقة
عبدالرحمن بن محمد بن إبراهيم الريس

رجوع

قال الله تعالى: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (البقرة:245).

في الصحيحين عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجوَدُ ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل فَيُدارسه القرآن، وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة من رمضان فَيُدَارسه القرآن، فَلَرسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريلُ أجودُ بالخير من الريح المُرْسَلَة.

وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأحاديث الشريفة في فضل الصدقة ما تَقَرُّ به النفوس، وتهنأُ به الصدور، ويستحث بها المسلم الخُطَى إلى جنةٍ عرضها السموات والأرض.

قال النبي -صلى الله عليه وسلم- «اتقوا النار ولو بشق تمرة» (متفق عليه). وقال صلى الله عليه وسلم «الصوم جُنَّة، والصدقة تُطفئ الخطيئة كما يُطفئ الماء النار» (رواه الترمذي).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله»، وذكر منهم: «رجلاً تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» (متفق عليه).

وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في الإنفاق والصدقة، حتى أتته النفوس طائعة، والقلوب ملبية، قال أنس رضي الله عنه: «ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً إلا أعطاه، ولقد جاءه رجل فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا، فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة» (رواه مسلم).

ولقد رسم الصحابة رضوان الله عليهم صورًا ناصعة من صور التنافس والمسابقة إلى الخيرات، فعن عمر بن الخطاب قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نتصدق، ووافق ذلك مالاً عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر، قال: فجئت بنصف مالي، قال: فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «ما أَبْقَيْتَ لأهلك؟» قلت: مثله، وأتى أبو بكرٍ بكل ما عنده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما أَبْقَيْتَ لأهلك؟» قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسابقك إلى شيء أبدًا (رواه أبو داوود).

وهذا أبو طلحة، وكان أكثر الأنصار مالاً في المدينة، وكان أحب مالِهِ إليه بَيْرُحاء، وهي بستان طَيِّبةَ الماء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماءٍ فيها طَيِّب، قال أنس: فلما نزلت: لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ، قال أبو طلحة: يا رسول الله، إن الله يقول: لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ، وإن أحب مالي إليَّ بيرحاء، وإنها صدقة لله، أرجو بِرَّها، وأدَّخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «بخٍ بخٍ، ذاكَ مالٌ رابح، ذاك مالٌ رابح، وقد سمعت، وأنا أرى أن تجعلها في الأقربين». فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه (متفق عليه).

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: «اعلم أن التقرب إلى الله تعالى وطلب مرضاته والبر والإحسان إلى خلقه من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير، وأضدادها من أعظم الأسباب الجالبة لكل شر، فما استُجْلِبت نِعَمُ الله تعالى واستُدْفِعت نِقَمُه بِمِثل طاعته، والتقرب إليه، والإحسان إلى خلقه» انتهى كلامه رحمه الله.

وأثر الصدقة واضح على النفس، وفي بركة الأموال والأولاد، ودفع البلاء، وجلب الرخاء، وانشراح الصدر، وراحة القلب.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: «فإن للصدقة تأثيرًا عجيبًا في دفع البلاء، ولو كانت من فاجر أو ظالم بل حتى من كافر، فإن الله يدفع بها أنواعًا من البلاء، وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم، وأهل الأرض كلهم مُقِرُّون به؛ لأنهم جربوه» انتهى كلامه رحمه الله.

واعلم أن مالك الحقيقي هو ما أنفقته في طاعة الله تعالى على نفسك أو من تعول، وكذلك ما أنفقته في سبيل الله تعالى ترجو ثوابه عند الله عز وجل.

قال النبي -صلى الله عليه وسلم- «يقول العبد مالي مالي، وإنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو أعطى فاقتنى، وما سوى ذلك فهو ذاهب، وتاركه للناس» (رواه مسلم).

اللهم وفقنا لهداك، واجعل عملنا في رضاك، اللهم عاملنا بإحسانك، وتداركنا بفضلك وامتنانك، وتولنا برحمتك وغفرانك، ولا تحرمنا فضلك بذنوبنا، ولا تطردنا بعيوبنا، وعافنا واعف عنا، واجعلنا في هذا الشهر من المقبولين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة