Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 17/08/2013 Issue 14933 14933 السبت 10 شوال 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

أزمة الثقة بين الأفراد ليست بجديدة، فهي قديمة في حياة الإنسان قِدم تاريخه ونشأته وتكوينه، بل هي من الطبائع الملازمة له.. ومعظم أوجه الصراع بين البشر وليدة انعدام الثقة في سلوك إنسان تجاه آخر، أو إساءة فهم لذات الآخرين، إن أحسنا الظن.. ويبدو أن مثل ذلك السلوك المنبوذ لا يرتبط بدرجة كبيرة بالحالة الثقافية لأي مجتمع، ولا بمستوى الاستقرار السياسي، والأمني، والاقتصادي..

وكم هي تلك الحالات الفردية من ذلك السلوك الذي تطور من حالة فردية إلى أن امتد إلى صراع أسري، أو مجتمعي، أو عشائري، ومعظم النار، كما قيل (من مستصغر الشرر).

* ليس هذا ما نود الإشارة إليه، أو الوقوف عنده فحسب، بل الذي يستحق الوقوف كذلك هو تلك الأزمة التي تنشأ بين المواطن، والمؤسسات الحكومية ذات الصلة بالخدمات العامة، أو بمعنى أدق بين المواطن والموظف، أيّاً كانت مرتبته ومستواه وموقعه.. والحقيقة أن تنامي أزمة الثقة بين هذه الأطراف مثار قلق، وتستحق الوقوف والتأمل، بل وقد تحتاج إلى دراسات استطلاعية دقيقة، لاكتشاف السر الحقيقي وراء تلك التوترات في المعاملات والتعاملات.

* بالعقل والمنطق، الكل يتفق على أن الموظف لم يأت من كوكب آخر، بل هو من بني الجلدة، ويعي كافة المتطلبات والحاجات والظروف، وينشد في عمله الكمال، ولنفسه النجاح، ولا يغرب عن تفكيره تبعات هذه الأزمات متى ما اتخذت مساراً تصاعدياً.

* المتتبع لمنحنى (أزمة الثقة) يجد أنها تأخذ مسارين.. الأول ينحصر في اللغة المتذمرة، المتطرفة أحياناً، في وصف سلوك الموظف وتعاليه، واستغلاله السلطة، والمحسوبيات، وما يتبع ذلك من إهمال وعدم إحساس كامل بالمسؤولية والأمانة الملقاة على عاتقه، ونحو ذلك مما تنقله وسائل الإعلام، أو ما يدور في المنتديات العامة العامة والخاصة. هذا المسار، أو السلوك على خطورته، وما يصاحبه من إسفاف، وإسقاطات، واتهامات، وتدنٍ في أسلوب الخطاب تطور إلى مسار آخر، حينما تحولت هذه الملاسنات إلى تعدٍ جنائي على الأفراد في مقار أعمالهم، أو أثناء ممارسة مهامهم، وهو ما لا يُعد مقبولاً بأي حال من الأحوال، أو مبرر من المبررات، فمؤسسات الدولة، وأجهزتها، والموظفون فيها مسئولون مسؤولية تامة عن تطبيق الأنظمة، ولا يتحملون بأي شكل من الأشكال ما يشوب بعضها من طول الإجراءات وتعقيدها، أو ما تمر به بعض المعاملات من تدقيق، واستقصاء للمعلومة، ومبعثه في الغالب الحرص على توخي العدل، والمساواة، وحفظ الحقوق، سواء كانت للأشخاص، أو للدولة بمؤسساتها.

* قلة من الموظفين نعترف، بل نجزم أنهم ينتهجون منهجاً استفزازياً لأصحاب الحاجات، لأسباب مختلقة، أو لطبيعة سلوكية، أو لعقدة نفسية متراكمة، نتيجة وقوعه تحت ظرف معين، وقلة منهم، ولسبب ما وضعوا في أماكن لا يستحقونها، أو غير قادرين على إدارتها، ولا تتناسب مع إمكاناتهم ومؤهلاتهم، لكن ذلك لا يعني أن يتكون ذلك الانطباع السلبي عن الموظفين، وعن مؤسسات الدولة، بصورة تؤدي إلى التقليل من مكانتها، أو التشكيك في منهجية عملها، وسلامة إجراءاتها وخطواتها، وبخاصة أننا بدأنا نلمس تحسناً ملحوظاً من قِبل بعض مؤسسات الدولة، يتمثّل في سعيها الحثيث لقياس مستوى رضا الجمهور عن خدماتها.

* لا نختلف على أن ارتفاع سقف الحرية في الإعلام، والانفتاح على عوالم الآخرين، والسعي نحو معرفة حقوق الإنسان بشكل عام، والمواطن بشكل خاص أسهم في وجود هذه الأزمة، إلى جوانب عوامل أخرى، تتصل بعدم إلمام المواطن بإمكانات الموظف، أو الجهة، وحدود مهامها وصلاحياتها وقدراتها على الوفاء بمتطلبات المواطن.. وقد يكون ضعف المحاسبة والرقابة والحصانة لها أثرها وتأثيرها على التعامل، وعلى إنتاجية الموظف، كما أننا لا يمكن أن نقارن بين أهداف مؤسسات القطاع الخاص التي دخلت كمنافس، وأهداف المؤسسات الحكومية التي تحرص كل الحرص على كسب رضا العميل وتحسين صورة المؤسسة في ذهنه.. ولهذه الأسباب، فإن هذا الموضوع يتطلب وعياً كاملاً من كلا الأطراف، سواء كان من الموظف، أو المواطن.. أما استخدام الحروب النفسية، والسعي إلى انتزاع الحقوق والمطالب بالقوة، فهو مسلك يؤدي إلى فوضى عارمة، لا تخدم المواطن، أو الوطن الذي يتطلع الجميع لبنائه وتطويره، ودائماً وأبداً لا بد أن نضع مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار.

dr_alawees@hotmail.com

أوتار
أزمة الثقة
د.موسى بن عيسى العويس

د.موسى بن عيسى العويس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة