حين يمضي الإنسان عشرين عاما مع عمره المهني وهو في خدمة الوطن والمواطن من خلال منصب مدير مكتب الراحل سطام بن عبدالعزيز رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه، فإن هذا مؤشر حقيقي على أن الخبرات المكتسبة كانت توظف في مكانها الصحيح، وأن إدارة التي كانت تشرف على هذا المنصب راضية كل الرضا ومطمئنة إلى أن ثقتها وضعت في المكان الصحيح، هذا ما حدث فعلا مع معالي الفاضل سحمي بن شويمي بن مناحي بن فويز المصارير الدوسري أبان عمله مع المغفور له بإذن الله سطام بن عبدالعزيز.
في وطني الحبيب سجلات من التميز في العمل والتضحية والإيثار الكثيرة التي تستحق أن تتابع وتدرس باستمرار، سجلات ناصعة البياض تصلح لأن تكون حالات ومواد تدرس للجيل الجديد، كثيرا ما نقرأ ونتابع سير ذاتية لمفكرين ومخترعين عالميين، لكن ما يثير في النفس أحيانا قليلا من الامتعاض هو أننا نملك من هذه النوعيات وهذه الشخصيات الكثيرة ولكن متى نهتم بها وبسيرها ونظهرها كمثال يحتذى به شباب المستقبل للاستفادة من دروسهم ومراحل حياتهم.
بن شويمي من هؤلاء النوعية الذين أفنوا سنين عمرهم في خدمة الوطن والعمل بصمت وبكل تفان، ولعل ما أثارني لأكتب عنه ليس فقط ما سمعته عنه ممن تعامل معه أو قابله شخصا أو عملا وحسب، بل حين قرأت الخبر الذي كان فيه صدور الأمر الملكي الكريم بتعيينه مستشاراً في إمارة منطقة الرياض بالمرتبة الممتازة، حمدت الله وشكرته على قيادتنا الحكيمة التي لا تنسى أحداً قدم للوطن وخدمه.
مسيرة بن شويمي لم تنته أطال الله في عمره وأمده بالصحة والعافية، بل هي مجرد صفحة جديدة في مسيرته المهنية ننتظر من ورائها المزيد والمزيد من العطاء والجهد والتميز، لكن هذا التكريم الملكي بحد ذاته يعتبر تكريما لكل سعودي عمل ويعمل من أجل وطنه، تكريما نفتخر به نحن كما يفتخر به بن شويمي، في بلد تقدر فيه الأفعال والمنجزات والتضحيات، في بلد كل شعبه جنود يسهرون لحمايته ويعملون من أجل رفعته ونمائه.
عديد من المجلات الإعلامية العالمية تقدم نماذجها من الشخصيات العالمية على أنها قصة نجاح تشجع الجميع على الاقتداء بها، ونحن لدينا هذا المخزون من مثل هذه الشخصيات بل وأفضل وأكثر إنجازاً وأقدر تحدياً، في ظروف كالظروف التي مرت بها مملكتنا الحبيبة وتمر بها الآن فإن الإنجاز يكون أعلى مقياساً وأكثر تأثيراً من دول أخرى تفاخر بشخصيات مهنية عملية منها.
متى نؤسس لهذا الفكر ونسطر سجلنا الوطني المشرق المشرف بأنفسنا، متى نبدأ بتقديم قصص النجاح كقصة سحمي بن شويمي لأجيالنا القادمة بل والعاملة الآن، قصص نجاح كقصة بن شويمي ليس كلها نجاحات فبالتأكيد كان هناك فشل وكان هناك لحظات صعبة وبالتأكيد أكثر كان هناك إصرار وتحد ورغبة في العمل الوطني وخدمة الوطن، لنعلم أجيالنا وأنفسنا من دروس هؤلاء النخبة الوطنية المتميزة، ولكن التكريم الملكي لابن شويمي الخطوة الأولى لذلك فأهل مكة أدرى بشعابها ونحن أولى برجالاتنا من غيرنا أن نتعلم منهم أو أن نتعلم من غيرنا كيف يكون النجاح.
