Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 27/08/2013 Issue 14943 14943 الثلاثاء 20 شوال 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

وجهات نظر

سلفنا الصالح هم: الصحابة - رضي الله عنهم - ومن تبعهم بإحسان، وإمامهم وسيدهم هو رسولنا صلى الله عليه وسلم، والسلفي هو: السائر على ما سار عليه الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعون لهم بإحسان، والملتزم لما التزموه، والسالك للطريق الذي سلكوه.

والطريق السلفي: هو ما دل عليه الكتاب والسنَّة بفهم الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان، وهو المنهج الذي سلكه الصحابة والتابعون لهم بإحسان من اعتقاد وعبادة وتعامل وسلوك دون من مالت بهم الأهواء بعد الصحابة -رضي الله عنهم- من الخُلوف الذين انشقوا عن السلف الصالح باسم أو رسم.

قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-: (السلف الصالح هم الصحابة رضي الله عنهم ومن سلك سبيلهم من التابعين وأتباع التابعين من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم ممن سار على الحق وتمسك بالكتاب العزيز والسنَّة المطهرة، في باب التوحيد، وباب الأسماء والصفات، وفي جميع أمور الدين، نسأل الله أن يجعلنا منهم، وأن يوفق جميع المسلمين حكومات وشعوبًا في كل مكان للتمسك بكتابه العزيز وسنَّة رسوله الأمين وتحكيمهما، والتحاكم إليهما، والحذر من كل ما يخالفهما إنه ولي ذلك والقادر عليه) (1).

قال أبو المظفر السمعاني -رحمه الله-: (شعار أهل السنَّة اتباعهم السلف الصالح، وتركهم كل ما هو مبتدع محدث) (2).

قال الموفق ابن قدامة -رحمه الله-: (فقد ثبت وجوب اتباع السلف رحمة الله عليهم بالكتاب، والسنَّة، والإجماع).

قال الإمام ابن تيمية -رحمه الله-: (لا عيب على من أظهر مذهب السلف، وانتسب إليه، واعتزى إليه بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق، فإنَّ مذهب السلف لا يكون إلا حقًا) (3).

وقال -رحمه الله-: (شعار أهل البدع: هو ترك انتحال اتباع السلف)(4).

والاتباع للسلف الصالح ليس اتباعاً وانتساباً إلى شخص أو تنظيم أو نحو ذلك بل هو اتباع وانتساب لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم والتابعون لهم بإحسان، وهذا المنهج مستمر ما بقيت الطائفة الناجية المنصورة حتى يأتي أمر الله.

جاء عن عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي - رحمه الله - أنه قال لرجل تكلم ببدعة ودعا الناس إليها: هل علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي -رضي الله عنهم- أو لم يعلموها؟ قال: لم يعلموها، قال: فشيء لم يعلمه هؤلاء أعلمته أنت؟ قال الرجل: فإني أقول: قد علموها، قال: أفوسعهم ألا يتكلموا به، ولا يدعوا الناس إليه، أم لم يسعهم؟ قال: بلى وسعهم، قال: فشيء وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاءه لا يسعك أنت؟ فانقطع الرجل.

قال ابن قدامة -رحمه الله- معلقاً عليها: (وهكذا من لم يسعه ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان، والأئمة من بعدهم، والراسخين في العلم... فلا وسع الله عليه)(5).

والمراد من هذه القصة توضيح القاعدة التي ينطلق منها أهل السنَّة والجماعة، وهي فهم الكتاب والسنَّة بفهم السلف الصالح من الصحابة، ومن تبعهم بإحسان، وعدم الإحداث في دين الله، هذا هو الاتباع والانتساب إلى السلف الصالح في الاعتقاد، والعمل، والمنهج، وهو أمر مجمع عليه.

ولا يمكن أن ينتسب أحد للسلف الصالح وهو كاذب في دعواه إلا افتضح ما لم يكثر الجهل بما عليه السلف لذا قال الإمام ابن تيمية -رحمه الله-: (أما أن يكون انتحال السلف من شعائر أهل البدع: فهذا باطل قطعاً. فإنَّ ذلك غير ممكن إلا حيث يكثر الجهل، ويقلّ العلم) (6).

لا يجوز الانتساب لغير السلف الصالح، ولا التسمي بغير ما جاء الشرع بإقراره، أو أجمع أهل العلم على إباحته، فالانتساب إلى الألقاب المحدثة والجماعات المخالفة لأهل السنَّة والجماعة محرَّم؛ لأن فيه تفريقاً للمسلمين، ومخالفة لما كان عليه السابقون الأولون، لذا قال مالك بن مغول-رحمه الله-: (إذا تسمى الرجل بغير الإسلام والسنّة فألحقه بأي دين شئت) (7).

بل قال ابن عباس -رضي الله عنهما-:(من أقرَّ باسم من هذه الأسماء المحدثة، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه)(8).

وقال ابن قدامة -رحمه الله- (وكل متسم بغير الإسلام والسنَّة: مبتدع، كالرافضة، والجهمية، والخوارج، والقدرية)(9).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:(مجرد الانتساب إلى الأشعري بدعة)(10).

وقال:(الانتساب الذي يفرّق بين المسلمين، وفيه خروج عن الجماعة والائتلاف إلى الفرقة وسلوك طريق الابتداع، ومفارقة السنَّة والاتباع، فهذا مما ينهى عنه، ويأثم فاعله، ويخرج بذلك عن طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم)(11).

وقال مستنكراً:(كيف يجوز التفريق بين الأمة بأسماء مبتدعة لا أصل لها في كتاب الله ولا سنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم)(12).

قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله-: (الانتماءات إلى الأحزاب المحدثة الواجب تركها، وأن ينتمي الجميع إلى كتاب الله وسنَّة رسوله، وأن يتعاونوا في ذلك بصدق وإخلاص، وبذلك يكونون من حزب الله الذي قال الله فيه سبحانه في آخر سورة المجادلة: (أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) بعدما ذكر صفاتهم العظيمة في قوله تعالى: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أو أَبْنَاءَهُمْ أو إِخْوَانَهُمْ أو عَشِيرَتَهُمْ أولئك كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) الآية... فهذه صفات حزب الله لا يتحيزون إلى غير كتاب الله، والسنَّة والدعوة إليها والسير على منهج سلف الأمة من الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان.

فهم ينصحون جميع الأحزاب، وجميع الجمعيات، ويدعونهم إلى التمسك بالكتاب والسنَّة، وعرض ما اختلفوا فيه عليهما فما وافقهما أو أحدهما فهو المقبول وهو الحق، وما خالفهما وجب تركه)(13).

قال الشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله-: (لا يسوغ للمسلم أن يتلقب بأنه: قدري، أو مرجئ، أو خارجي، أو أشعري، أو ماتريدي، أو معتزلي... كما لا يسوغ له أن يضيف اليوم: إخواني، صوفي، تبليغي... وهكذا؛ فالمنع من جهتين: إنه لقب لم يرد به الشرع، أو لهذا ولما فيه من مخالفات لنصوص الشرع في المادة والرسم. وعليه فلا يجوز إحداث واختراع شعارات وألقاب لم يرد بها الشرع، فإنها «تكون في البداية كلمة وفي النهاية مذهب ونحلة» فلا تغتر! وإن زخرفه أهل الأهواء)(14).

فالواجب على كل مسلم الاتباع للسلف الصالح ولزوم غرسهم وترك التعصب للأشخاص والجماعات التي خالفت السنَّة والتزمت بأصولها وقواعدها وما يضعه لها مرشدها واخترعه لها سيدها، والأخذ عن أكابر علمائنا الذين لم يلجوا في تلك الجماعات ولم يستقوا إلا من المعين (الصافي الكتاب والسنَّة وما عليه السلف الصالح)، وألا ينشقوا عن جماعة المسلمين اتباعاً لجهلة موتورين، أو دعاة ضائعين، أوحزبيين نفعيين، نسأل الله العافية والسلامة للمسلمين.

فائدة: الانتساب إلى أحد الأئمة في التفقه ليس مكروهاً؛ لأنه انتساب تعريفي، وخصوصاً لمن لا يمكنه التفقه إلا بذلك كحال أكثر الناس، فهو كالانتساب إلى القبيلة شريطة ألا يكون هناك تعصب ورد للحقّ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (ومن أمكنه الهدى من غير انتساب إلى شيخ معين، فلا حاجة به إلى ذلك، ولا يستحب له ذلك بل يكره له، وأما إن كان لا يمكنه أن يعبد الله بما أمره إلا بذلك، مثل: أن يكون في مكان يضعف فيه الهدى، والعلم، والإيمان، والذين يعلمونه ويؤدبونه لا يبذلون له ذلك إلا بانتساب إلى شيخهم...فإنه يفعل الأصلح لدينه، وهذا لا يكون في الغالب إلا لتفريطه وإلا فلو طلب الهدى على وجه لوجده)(15).

قال ابن القيم -رحمه الله-: (سمعت شيخنا رحمه الله يقول: جاءني بعض الفقهاء من الحنفية فقال: أستشيرك في أمر، قلت: ما هو؟ قال: أريد أن انتقل عن مذهبي، قلت له: ولم؟ قال: لأني أرى الأحاديث الصحيحة كثيراً تخالفه، واستشرت في هذا بعض أئمة أصحاب الشافعي فقال لي: لو رجعت عن مذهبك لم يرتفع ذلك من المذهب، وقد تقرّرت المذاهب، ورجوعك غير مفيد، وأشار على بعض مشايخ التصوف بالافتقار إلى الله والتضرع إليه وسؤال الهداية لما يحبه ويرضاه، فماذا تشير به أنت عليَّ؟ قال: فقلتُ له: اجعل المذهب ثلاثة أقسام، قسم الحقّ فيه ظاهر بيّن موافق للكتاب والسنَّة فاقض به وأفْتِ به طيب النفس منشرح الصدر، وقسم مرجوح ومخالفُه معه الدليل فلا تُفتِ به ولا تحكم به وادفعه عنك، وقسم من مسائل الاجتهاد التي الأدلة فيها متجاذبة؛ فإنَّ شئت أن تفتي به وإن شئت أن تدفعه عنك، فقال: جزاك الله خيرًا، أو كما قال)(16).

جاء في فتوى اللجنة الدائمة ما نصه: (الواجب على المسلم أن يتبع كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويستعين بكلام أهل العلم سواء انتسب إلى مذهب من المذاهب الأربعة أم لم ينتسب، ولا يلزمه الانتساب إلى شيء منها، هذا إذا كان يستطيع استنباط الأحكام بنفسه أو الاستعانة ببعض أئمة الفقه الإسلامي؛ لتوافر أسبابها لديه وانتفاء الموانع عنده، فإنه يأخذ الحكم بنفسه، وإذا كان لا يستطيع فإنه يقلد أوثق من يتحصل عليه من أهل العلم)(17)، فمن (كان يقوى على معرفة الدليل واستنباط الحكم منه وجب عليه اتباع الدليل، ولا يجوز له العمل بما خالفه من الآراء، ويُعدُّ التزامه مذهباً معيناً تعصباً ممقوتاً، وإن كان لا يعرف الدليل أو لا يستطيع أن يستنبط الحكم منه قلد من يثق به من أئمة الفقه، فيأخذ بما عرفه من أقواله دون أن يغمط غيره حقه أو ينتقصه، وإلا كان متعصباً)(18).

*** ***

الهوامش:

(1) الفتاوى (9-238).

(2) الانتصار لأصحاب الحديث ص31. وينظر: الحجة في بيان المحجة (1-395).

(3) الفتاوى (4-149).

(4) الفتاوى (4-155).

(5) لمعة الاعتقاد ص 45.

(6) الفتاوى (4-156).

(7) الإبانة الصغرى ص154.

(8) أخرجه الهروي في ذم الكلام وأهله مسنداً (4-257)، وينظر: الإبانة الصغرى ص154.

(9) لمعة الاعتقاد ص161.

(10) الفتاوى (6-359).

(11) الفتاوى (11-514).

(12) الفتاوى (3-421).

(13) الفتاوى (7-177).

(14) حكم الانتماء ص108.

(15) الفتاوى (11-514).

(16) إعلام الموقعين (4-236و237).

(17) فتاوى اللجنة (5-57).

(18) فتاوى اللجنة (5-54).

- عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء.

الاتباع للسلف الصالح واجب عقيدة وفقها ومنهجا
د. محمد بن فهد بن عبدالعزيز الفريح

د. محمد بن فهد بن عبدالعزيز الفريح

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة