Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 30/08/2013 Issue 14946 14946 الجمعة 23 شوال 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

لسنا من النماذج البشرية الرقيقة, التي تخشى الكوابيس, وتنزعج من الأحلام المرعبة, ولا من الأقوام التي تخاف من الجن والعفاريت, ولا من الأقوام التي يقلقها الأرق، ولسنا من أبناء مدينة (سالونيكا) اليونانية, المدينة التي لا تعرف النوم، ولا من أبناء (هونغ كونغ) الساهرة على أضواء

القناديل، ولا من المدن الصاخبة التي لا ترقد بالليل, ولا تهدأ بالنهار كطوكيو, وبيروت, وباريس, والقاهرة، ولسنا ممن يرون في النوم مضيعة للوقت, مثل العبقري الكبير (ليوناردو دافنشي), الذي كان يكتفي بالنوم عشرين دقيقة كل أربع ساعات, ولا مثل (نابليون بونابرت), الذي كان ينام أربع ساعات في اليوم وحسب, ولا من الذين يسهرون الليالي طلباً للمعالي، ولسنا من الأقوام الطبيعية, التي ترى في النوم محطة ليلية للاسترخاء, وفرصة لاستعادة طاقات البطاريات الحيوية في أجسامهم المتعبة, وإعادة شحنها معنوياً وبدنياً, كي يستيقظوا في الصباح الجميل, ويسعوا في مناكبها بعضلات قوية, وأرواح مفعمة بالنشاط، ولا نحن من الجماعات التي تهوى السهر على ضوء القمر, ولا من رواد الملاهي الليلية, الذين ينامون النهار ويستيقظون حتى الصباح في الليالي الملاح، ولسنا من الذين غادر الكرى جفونهم حزناً وكمداً على فراق الأحبة.

ولست هنا بصدد الحديث عن رواية جديدة مكملة لرواية إحسان عبد القدوس (لا أنام), لكنني أردت التلميح عن بعض فصول مأساتنا النابعة من واقعنا المر المعاش, بعد أن طار النعاس من عيوننا, وصرنا لا نعرف النوم بالليل, ولا ننام مثل بقية الكائنات من الجن والإنس في أقطار السماوات والأرض, ربما لأنهم يتفوّقون علينا حضارياً في المعايير الكهربائية والأمبيرية والفولتية, وعندهم فائض كبير في الميغاواطات, فلا تتعجبوا ولا تندهشوا, فنحن شعب معجون بالسهر الليلي المتواصل، لا نهجع ولا ننام في الليل, حتى انقطعت علاقتنا بالسرير والفراش والوسائد بالليل، نحيا في الليل, ونضحك في الليل, ونسهر في الليل, ونتزاور في الليل، ونمارس جلَّ حالاتنا الاجتماعية بالليل، حتى غدا عندنا النهار لوحة نوم وشخير وكسل ممنهج، نمارس هذه الحالات غير الطبيعية منذ زمن بعيد, نهرع كل ليلة وسط غابة من الاحتفاليات المزروعة في بحر هائج من الضجيج والأزيز والصخب، ونرضع من الوعود ثدياً عقيماً, ونركب من الأمل ظهر بهيم, فهل نجلو عن نفوسنا عناء الكابوس, ونزيح عن كاهلنا قيود النحوس, ونعيد البهجة إلى النفوس، ونستجلب الهمة، لنصل بها إلى القمة، وننفض عن أرواحنا التراخي والتماهي، ونعيد للحياة سيرتها الأولى، ليكون النهار معاشا، والليل سباتا، لننعم بالحياة ونرتقي.

ramadanalanezi@hotmail.com
ramadanjready @

لماذا لا ننام الليل كبقية المخلوقات؟
رمضان جريدي العنزي

رمضان جريدي العنزي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة