Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 31/08/2013 Issue 14947 14947 السبت 24 شوال 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

منوعـات

يقول مستثمر عربي متهم في قضايا سيول جدة، بأنّ الرشاوى التي تقلّ مبالغها عن مليون ريال هي من قبيل «القضايا التافهة»، وطالب المحكمة بتجاهلها كونها غير ذات أهمية على حدّ تعبيره. وربما أيضاً موت بضعة مئات في سيول جدة أمرٌ لا يستحق كل هذه الجلسات والمحاكمات!

هذا المستثمر المتهم بخمس قضايا رشوة تتراوح بين أربعة آلاف ريال، و290 ألف ريال، يشير إلى خطر ومرض ينخر في مجتمعنا بشكل كبير وعلني أحياناً، يتزعّمه ويباركه بعض المستثمرين العرب تحديداً، وهي الكسب غير المشروع، بدفع مبالغ طائلة كرشاوى للظّفر بمشروعات حكومية مختلفة، ولعل تقاطر هؤلاء على بوابات الجهات الحكومية، ببذلاتهم الرسمية، وربطات أعناقهم، وشعورهم المصفّفة، وحقائب السامسونايت التي يحملونها، والابتسامات التي يدحرجونها في الممرات، وعبارات «أبشر طال عمرك» تكشف بعض هذا الفساد، حتى وإن كان معظم هؤلاء، ومن يتعامل معهم من موظفي القطاع العام، ممن يلعبون تلك الألعاب الخطرة، يعملون بحذر شديد، لن تكشفه هيئة مكافحة الفساد، ما لم تحدث كوارث وطنية، ككارثة سيول جدة، أو أن يصحو ضمير موظف، ويشعر بأنّ وطنه يتعرّض للنّهب، تماماً كما تتعرّض أوطان أخرى للقصف، فهو قصف من نوع آخر، لا يمكن رؤيته بالعين المجرّدة، بل لابد من التمحيص والمتابعة والمراجعة المالية لكشف ذلك!

لماذا قال هذا المستثمر بأنّ الرشاوى دون المليون هي قضايا تافهة، ولا تستحق كل ذلك العناء؟ لأنه ببساطة شاهد على مبالغ ضخمة تُدفع كرشاوى في موضوعات أخرى، وبما يعني أنّ هيئة مكافحة الفساد تضرب أقدامها في أرض رخوة رجراجة!

ولعلّ السؤال الأهم، من المسؤول عن كل هذا الفساد، بعد إدانة بعض الإخوة العرب الذين جعلوا أمر الرشوة أمراً سهلاً في مجتمعنا، رغم عظم عقوبتها، وأنّ الله لعن الراشي والمرتشي، وأنهما كلاهما في النار، كما دلّت عليه الأحاديث الشريفة؟

لعلّ الموظف العام هو الطرف المهم في المعادلة، فلو أنكر على هؤلاء، ووضع لهم كميناً، وتمّت محاكمتهم وسجنهم، لتبدّلت الأوضاع كثيراً، والطرف الثالث في المعادلة هو المواطن المتستر، الذي يمنح اسمه وبطاقته لمثل هؤلاء اللصوص، فيقومون بالتصرّف بالمؤسسات الخاصة كما لو كانت لهم، مقابل مبلغ زهيد من المال يتم دفعه لمواطن خائن، فاسمه وبطاقة هويته أمانة في عنقه، لا يحق له دفعهما لإخوة عرب ينشئون بها مؤسسات وشركات، ويحملون أوراقها الرسمية وأختامها في حقائبهم، ويتكسّبون بها بكل الطرق، المشروعة وغير المشروعة!

هذان المواطنان، الموظّف العام المرتشي، والمالك الوهمي للمؤسسات، هما خائنان في جميع أعراف وأنظمة دول العالم، تجب محاكمتهما، وإنزال أقسى العقوبات بهما، لأنهما يدمّران مقدّرات الوطن، ويرميان به في بحيرة آسنة من الفساد، فتأتي المشروعات وهمية وهشّة وعبثية، بينما نحن نتساءل بحرقة، كيف لم تتطوّر خدماتنا ومشروعاتنا رغم كل هذا الإنفاق الحكومي الضخم!

حينما يحظى موظف قطاع عام بأموال ضخمة، ومظهر ثري، وحينما تظهر الثروات في أيدي مستثمرين، أو مستهترين عرب، بسياراتهم الفارهة في شوارعنا، فإنّ خلف الأكمة ما خلفها، وأنّ هناك، ليس بحيرة مسك آسنة، بل بحيرات زكمتنا رائحتها، يجب تجفيفها بشكل عاجل، وبقدرات تفوق نزاهة، وهيئة مكافحة الفساد.

نزهات
هذان المواطنان خائنان!
يوسف المحيميد

يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة