Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 03/09/2013 Issue 14950 14950 الثلاثاء 27 شوال 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

بقدر ما ينادي العقلاء بترسيخ ثقافة الادخار وعدم الإسراف تبرز لنا ظاهرة (الفشخرة والهياط)، وتكاد تقضي حتى على المصروف الشخصي، وتلتهم الراتب، ضخماً كان أو ضئيلاً!!

والحق أن المظاهر لم تكن ذات بال، ولاسيما في البيئة النجدية تحديداً؛ إذ كان الناس بسطاء في معيشتهم، متواضعين في هيئتهم مع العناية بالنظافة والترتيب!

وفي الطفرات الاقتصادية المتوالية التي نالت منها بلادنا الكثير صاحبها اهتمام كبير بالمظهر، سواء المغالاة بأحجام ومساحات المساكن، والمبالغة بتأثيثها، أو باقتناء السيارات الفارهة، والسفر للبلاد الباهظة التكاليف، فضلاً عن الحرص على شراء الملابس من أغلى الماركات وبيوت الأزياء العالمية!

ولا شك أن هذه المظهرية الوافدة سبَّبت فجوة بين الناس، وأحدثت خرقاً في النسيج الاجتماعي؛ فأصبح المرء بين ورطتين: إما مجاراتهم في معيشتهم، أو الانزواء والعزلة بعيداً عنهم!

وكلما تكالب الناس على حب المظاهر ابتعدوا عن الحميمية المفترضة بينهم، وظهر التنافس المحموم والطمع والمباهاة والكراهية المقيتة! ولا أكاد أرى في الأفق ما يلوح بعودة الانسجام والتناغم والألفة إلا بعودة العفوية والتلقائية المحمودة!

ولستُ أجد حلاً لهذه المعضلة الاجتماعية بالتوجيه المباشر واستخدام اللغة الخطابية كأحد أساليب الترغيب والتحفيز بالرجوع للبساطة بقدر ما أجد تحقيق مبدأ القدوة الفعلية؛ إذ يتبناها أصحاب المناصب الكبيرة ورجال الأعمال والمقتدرون، سواء بمسكنهم أو سياراتهم أو حتى بملابسهم؛ إذ إن التنافس يبدو جلياً بالاهتمام بالمظاهر في الأشياء الكمالية والترفيه! ولا يُعدَم مجتمعنا من هذه النماذج، ولكنها قليلة جداً، وأولئك هم المدركون أن أهمية الشخص تكمن بقدرته على الإضافة العملية والتأثير الفعلي بمؤهلاته وإمكاناته بعيداً عن نوعية ملابسه أو سيارته أو حتى ساعته! فمن الجميل عمد أحد النافذين أو رجال الأعمال لإقامة زفاف أبنائه في نطاق أسري، أو الاكتفاء بحفل بسيط بعيد عن البهرجة؛ ليكون قدوة لغيره، وسبباً في كبح جماح الناس عن التكالب على المظاهر والإسراف الممقوت في الحفلات وغيرها!

ومن المبهج حقاً تحفيز الطلبة (أبناء الذوات) على المشاركة في تنظيف مدارسهم والحدائق العامة؛ ليكونوا أسوة حسنة لبقية زملائهم! والعمد لاستخدام الحافلات المدرسية في الذهاب والعودة للمدرسة حتى لو كانت أسرهم تمتلك الملايين، وباستطاعتها شراء أغلى السيارات، واستقدام العمالة من السائقين!!

لا شك أن حب المظاهر مسألة تربوية بحتة، وسلوك اجتماعي محض، وليس ثقافة مترسخة في المجتمع. وفي المقابل، فإن التواضع والبساطة مبدأ إسلامي عظيم، وهدي نبوي كريم. وعلى العقلاء حث الناس بأفعالهم على الرجوع للبساطة وعدم التكلف؛ لتحلو الحياة بعفويتها، وتتحقق راحة البال لجميع أطياف الأمة.

rogaia143@hotmail.com
Twitter @rogaia_hwoiriny

المنشود
المظاهر .. ثقافة أم سلوك؟
رقية سليمان الهويريني

رقية سليمان الهويريني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة