Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 08/09/2013 Issue 14955 14955 الأحد 02 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

يشكل النظام التعليمي في أي دولة العمود الفقري لجميع برامج تنمية المجتمع وتطويره، ونجاح النظام التعليمي في أي مجتمع معيار لتقدم المجتمع وتطوره ورقيه، ودلالة على أن جميع مؤسساته العامة والخاصة سوف ترتقي في خدماتها وتحقق أهدافها بكفاءة وتميز، ما دام أن المنهل الذي ينهل منه المجتمع يقدم له خبرات بشرية مؤهلة متميزة.

ولكي يرقى النظام التعليمي لهذه التطلعات ويحققها، لابد أن يكون التعليم متجدداً متطوراً مواكباً للمستجدات، متفهماً للمتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية، متفاعلاً معها بإيجابية وقدرة على الاستيعاب والتكييف.

والمستقرئ لواقع التعليم في المملكة العربية السعودية عبر تاريخه، يدرك أن هناك قناعة تامة لدى المسؤولين على اختلاف مستوياتهم بأهمية الإنفاق على التعليم، وأن هذا الإنفاق يعد استثماراً فائق القيمة، وأن مردوده الاقتصادي يفوق كل أوجه الاستثمار الأخرى.

قبل أكثر من عشر سنوات، نظمت وكالة “جايكا” اليابانية جولة تعليمية في اليابان، لعدد من مديري التربية والتعليم والمسؤولين في جهاز وزارة التربية والتعليم. وكانت الجولة متميزة، شملت العديد من المؤسسات التربوية والتعليمية في اليابان، وعقدت لقاءات مع عدد من مسؤولي التربية والتعليم وقادتها. وضرب أحد الأساتذة في جامعة طوكيو مثالاً حول أهمية الإنفاق على التعليم، وأنه يجب أن يعطى أولوية مطلقة على كل أوجه الإنفاق، لأنه الاستثمار الحق. لقد أشار إلى (.. أنه تم تخصيص مبلغ مالي أنفق على التربية والتعليم، وتم تخصيص آخر مساو له أنفق على مؤسسة اقتصادية، وبعد عشر سنوات، أجريت مقارنة بين العوائد المالية للمبلغين، تبين أن المبلغ الذي أنفق على التعليم حقق عائداً مالياً فاق ذاك المبلغ الذي أنفق على المؤسسة الاقتصادية، وهذا يدل على صحة المقولة ويؤكدها، إن الإنفاق على التعليم يعد من أكثر أوجه الاستثمار نجاحاً، بل هو الاستثمار الحق، ومع الإيمان المطلق بهذه المسلمة، إلا أنه ينبغي أن يكون الإنفاق في حدوده المنطقية، وسقفه العادل، الذي يتوافق مع ما هو متواتر في جل دول العالم.

فعلى مستوى القطاع الحكومي، تعاني الميزانية العامة من تزايد كلفة الإنفاق على تسيير التعليم وتشغيله وتطويره، والمؤشرات الإحصائية تدل على أن الإنفاق على التعليم يتنامى بشكل كبير جداً، فبينما كانت ميزانية وزارة التربية والتعليم (بنين وبنات) في عام 1419 هـ حوالي 42 مليار ريال، بلغت في عام 1434هـ أكثر من مائة وخمسين مليار ريال.

إن متوسط كلفة الطالب في عموم مدارس المملكة يصل إلى حوالي خمسة وعشرين ألف ريال سنوياً (بناء على ما يصرف على التعليم في الأبواب الأول والثاني والثالث)، وترتفع الكلفة إلى أكثر من ذلك إذا أضيف إلى الأبواب الثلاثة تكاليف الباب الرابع، وأن هذه الكلفة تصل في بعض المحافظات التعليمية إلى حوالي 54 ألف ريال، وهذه الكلفة باهظة جداً يتعذر مواكبتها ومواصلة تناميها في ظل تنامي أعداد الطلاب وفتح المزيد من الفصول والمدارس.

وعلى الرغم من هذا الإنفاق الكبير إلا أن مخرجات التعليم ظلت في مستويات أقل مما يطمح إليه مقارنة مع غيرها من مخرجات الدول التي يعد التعليم فيها أقل كلفة وإمكانات من المملكة، فقد أظهرت نتائج مشاركة طلاب المملكة العربية السعودية في الاختبارات الدولية في العلوم والرياضيات أن ترتيب مستويات الطلاب المشاركين دون المأمول.

كما أظهرت تقارير البنك الدولي أن ترتيب المملكة العربية السعودية بين الدول العربية في التعليم جاءت في المرتبة الثامنة عشرة، وهي مرتبة متأخرة جداً مقارنة بما يصرف على التعليم.

أما على مستوى التعليم الأهلي، فما زال جل المدارس الأهلية في مباني مستأجرة لا تتوافق مع أبسط مفاهيم البيئة المدرسية ومعاييرها، ويرجع السبب إلى التضييق في أقراض المستثمرين في التعليم الأهلي، إذ اقتصر الإقراض على مجمع تعليمي واحد في المدينة الواحدة، يضاف إلى هذا صعوبة الحصول على أراض لإقامة مشاريع مدرسية عليها، بسبب عدم وجود ضوابط ومعايير للاستفادة من المرافق التعليمية، وكذا ارتفاع كلفة الأراضي في حالة رغبة المستثمر في شراء أراض سكنية لإقامة مشاريع تعليمية عليها، هذا فضلاً عن الاعتراضات المتوقعة من الأهالي المجاورين واشتراطات البلدية التي تتعارض أحياناً مع رؤى التربويين ومعاييرهم.

إن المتغيرات الحالية بما تشتمل عليه من تحديات علمية وثقافية واجتماعية وتقنية فرضت نفسها على التعليم، مما أوجب تحويل التركيز فيه من الكم إلى الاهتمام بالنوع والكيف.

إن تعاظم قيمة تجويد التعليم توجب مراجعة التوجهات والجهود بحيث تعنى بتشخيص واقعه وتلمس احتياجاته ومتطلباته، وتقديم نماذج متميزة، إدارة وتطويراً، وذلك من أجل الوصول إلى واقع تعليمي مميز، وبهذا يتحقق تخريج طلاب لديهم قدرات نوعية متميزة متمكنة علمياً ومهارياً، ومشاركة فاعلية في مجالات خطط التنمية كافة.

abalmoaili@gmail

أما بعد
الكلفة عالية أليس كذلك؟
د. عبد الله المعيلي

د. عبد الله المعيلي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة