Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 09/09/2013 Issue 14956 14956 الأثنين 03 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

مصطلحات الفاقة والعوز والبحث عن القوت، والجري واللهاث خلف المادة أصبحت كثيرة ومتشعبة، ولا تستطيع متابعتها، فالتعريفات لبعض هذه الممارسات باتت تحاك في أُطر كثيرة، حتى وإن تغيرت الوجوه، وتلونت اللهجات على نحو هذا الاصطفاف العجيب للمتسولين الذين يظهر على جُلِّهم الإدعاء، أو المبالغة في التأثير، على نحو حمل الأطفال الرضع في الشوارع، وأمام المحلات، وعند الإشارات بشكل أليم.

ومن أبرز هذه التعريفات أو المصطلحات المحلية التي أفرزتها ظواهر البحث عن المال هو مصطلح (المنتف)، وهو كناية عن حالة المعدم أو الفقير أو من لديه حاجة، أو من لا يستطيع تأمين متطلبات الحياة بشكل واضح حتى تنعكس على تصرفاته وحياته، بل وحتى مظهره البسيط، فالتشبيه هنا بحالة المنتف وكأنه طائر صغير أو هزيل فقد ريشه ولم يعد قادراً على حمل جسده للبحث عن قوت أو غذاء.

وبما أن الفقر ليس عيبا أو فرية، فمن الأولى التعامل معه بمثالية وواقعية، فقد كان جل العظام والرجال الكبار في مواقفهم فقراء أو على الكفاف، فلا نقيس أو نقارن بين الفقر والغنى حينما نطالع المظاهر أو الحالة الشكلية التي قد يضع فيها بعض المتسولين أنفسهم كعنصر مؤثر على من حوله.

كما أن هناك حقيقة مهمة تؤكد على أن الفقير أو المنتف بات اليوم أقل هواجساً من “منتف” الماضي، أي أن الفقير في الماضي من لا يجد قوت يومه، وقد يتضور جوعاً، أما منتف اليوم فهو من لا تكتمل لديه منظومات الرفاهية كأن يلبس أقل الأنواع ويركب سيارة متواضعة ويسكن بيتاً صغيراً.

من هنا يمكن لنا التأكيد على أن الإدعاء قد يكون وارداً حتى عند من يملكون المال المناسب على نحو بعض من يتجشئون نقوداً، إلا أنهم يستشعرون أنهم أقل ممن سواهم.. فهم بملايينهم وبيوتهم العامرة بكل شيء يحسبون أنهم في عِداد الفقراء.. بل لا يتورعون عن طلب الهبات والنوال والبحث عن من يقيهم أوهام الحاجة والعوز!!

كما أن عبارة أو مصطلح (مستور الحال) في هذا الزمن لم تعد لمن يسعى خلف حيطان بيته المتواضع والمعتم ليتجاوز صعاب الحياة، ولا يسأل الناس، بل يتعفف، لعله مع الوقت يجتاز هذه المواقف، أما (مستور الحال) هذه الأيام ـ للأسف ـ فهو الأخف تورماً وتجشؤاً.. فالزمن خلط المفاهيم رأساً على عقب أو لنقول: بات يلبسها في غير موضعها، أما (ميسور الحال) فإنه توصيف لمن لديه المال وهو ليس من الأغنياء.. فهو هنا في منطقة وسط.

إلا أن بعض أهل المال والثراء ربما لديهم الوقت والفراغ لكي يهيلوا على من سواهم من محتاجين بعض النوادر ومماحكات “العيارة” حينما يذهبون إلى وصف هذه الطبقة الكادحة والباحثة عن ذاتها ورزقها على نحو: (المنتف والحافي وأبو نعيلة وأبو حديدة). فهذه المقولات اخترعتها جلسات وقفشات بعضهم حينما يصنفون درجات هؤلاء على نحو حالة من يحمل صفة (أبو نعيلة) وأنه أفضل حالاً من (الحافي).. وعلى هذا الحال تختلط المفاهيم، فلم تعد تميز بين من هو محتاج، أو من هو دعي يطلب المال وحسب. فقد ألقت مكافحة التسول قبل أعوام القبض على متسول عند أحد المساجد، فوجدت بحوزته ما يقارب ثلاث مائة ألف ريال، وهي غلته من مهنة التسول لمدة أشهر معدودة فقط، وهذا ما يؤكد أن هناك من يدعي الفقر ويمارس أبشع صور الاسترزاق!!

hrbda2000@hotmail.com

بين قولين
المُنَتَّف الأخير
عبد الحفيظ الشمري

عبد الحفيظ الشمري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة