Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 09/09/2013 Issue 14956 14956 الأثنين 03 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

منوعـات

إن قوّة التفكير الجبارة هي التي نقلت حياة الإنسان من البدائية إلى الحضارة، لأن الفكرة هي الحد الفاصل بين العقل ونقيضه. هي كـَكرة ثلج تنمو كلما تدحرجت بلا عوائق، فالعقل ليس آلة استيراد فقط إنما له قابلية التصدير والتطوير والابتكار أيضاً. وكل ما علينا هو تغذيته بالأفكار الأولية وسيقوم بتحليلها والتحقق منها ومن ثم التحليق بها في آفاق الإبداع. هذا هو العقل البشري الذي امتاز به عن بقية الكائنات. لكن ما السبب الذي يحدو العقل بأن يفقد جُل مهاراته ويتحول إلى مجرد آلة تسجيل وتكرار؟! ما الذي يمكن أن يسلبه قابليته لاحتضان الأفكار المنطقية والعقلانية وتفعيلها واستثمارها؟ تخيّل معي أن شخصاً ما يجتهد لفتح قفل ما لكنه يفشل في كل مرة، فيعاود المحاولة حتى يغالبه اليأس، ثم يأتي شخصٌ آخر وينجح في فتح القفل بعد محاولة واحدة فقط، لأنه اكتشف أن القفل مقلوب!

الأول كان يعرف يقيناً أنه المفتاح المناسب للقفل لكن تفكيره كان محدوداً بخبرات سابقة كانت العائق لتفكيره لأن يتوصل إلى أنه بحاجة لخطوة واحدة فقط (أن يقلب المفتاح) مما عطّل الحصول على النتيجة المرجوة (فتح القفل). أما الشخص الآخر فقد فكّر بلا قيد، أو كما نقول خارج الصندوق. وتوصل لنتيجة بطريقة أبسط وأسرع وأفضل.

الخوف والعجز والأوهام هي القيود التي تمنع العقل من التحرر والانطلاق، وكل ما حولنا اليوم من تكنولوجيا وابتكارات رائدة في جميع المجالات هي نتاج عقول تحررت من صناديقها. وأنا على يقين أن الأمر كان شاقاً في البداية، لأن السير عكس التيار بحاجة لنفحة مُغايرة من الهمّة والجرأة على مخالفة السائد وتخطي الأسيجة.

يولد أحدنا في مجتمع مسوّر بالعادات والتقاليد البالية المخالفة للعقل الدين. ثم يلتحق بصفوف الدراسة فيخضع عقله الطفولي الجامح لعملية تدجين وترويض بأساليب تعليمية تعتمد على التلقين على الأجوبة النموذجية التي لا يجوز للطالب الخروج عن حدودها أن يفكر! ففي أول يوم دراسي وعلى سبيل تمرين عضلات يده الصغيرة على التعامل مع القلم يُعطى الطالب ورقة بها شخصية كارتونية يطلب منه تلوينها بشرط: (أن لا يخرج اللون عن الخطوط السوداء العريضة). لقد كشف التربويون أنه من الأفضل لذهن الطفل أن يلون مساحة مفتوحة شاسعة دون ضوابط وخطوط. إن من الخطأ أن يُطلب منه الالتزام بخطوط الصور وألا يسرح باللون بعيداً!.

الطفل الذي نشأ على ثقافة العيب والممنوع في أسرته، وثقافة النَمذجة والتلوين داخل الخطوط هو نفسه الرجل الذي كان بحاجة فقط لأن يقلب المفتاح ليفتح القفل في مثالنا الأول!!

كيف يمكننا أن نُحرر عقولنا من صناديقها؟.. وللحديث بقية.

kowther.ma.arbash@gmail.com
kowthermusa@ تويتر

إني أرى
من الذي وضع الصناديق في رؤوسنا؟
كوثر الأربش

كوثر الأربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة