Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 13/09/2013 Issue 14960 14960 الجمعة 07 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

لعل هناك ثلاث حقائق تمخض عنها الهجوم الكيماوي على غوطة دمشق، ولعل أبرز هذه الحقائق وأجلها والتي لا غبار عليها أن أكثر من 1500 سوري بما فيهم أكثر من 400 طفل قضوا نحبهم بطريقة بشعة نقلتها لنا كاميرات وسائل الإعلام. الحقيقة الثانية هي عودة النفوذ الروسي بقوة لمنطقة الشرق الأوسط، والحقيقة الثالثة هي إن إسرائيل وإيران هما المستفيدان والمنتصران من مجريات الإحداث السورية.

فيما يخص الحقيقة الأولى تؤكد كل المؤشرات بأن نظام الأسد هو من قام بتوجيه الضربة الكيماوية على منطقة غوطة دمشق يوم الأربعاء 14 شوال الموافق 21 أغسطس المنصرم. ولعل ما حير البعض في أن الضربة تمت بالتزامن مع وصول مفتشي الأمم المتحدة لدمشق للتحقيق في ضربة أخرى سابقة تمت بالسلاح الكيماوي في منطقة خان العسل. ولإعطاء الموضوع بعداً تراجيديا يمكن توصيفه بالكوميديا السوداء هو ما جاء على لسان وزير الإعلام عمران الزعبي في نظام الأسد بأن الثوار هم من قصفوا الغوطة بالكيماوي تزامناً مع وصول المفتشين الدوليين. قول لا يقبله عقل ولا من منطق. المؤكد أن نظام الأسد هو الوحيد الذي تتوفر لديه القدرة على استعمال الكيماوي بواسطة استخدام الصواريخ وهي الطريقة التي تمت فيها المجزرة. كذلك فإن تقرير المفتشين المنتظر لن تكون مهمته تحديد الطرف الذي أستخدم السلاح الكيماوي بل سيكون منصباً على إذا كان السلاح الكيماوي قد استخدم في مجزرة الغوطة أم لا. وكل خبراء الأسلحة الكيماوية يؤكدون استخدامه وتحديداً غاز السارين السام وذلك من خلال مشاهداتهم لضحايا الهجوم والإعراض التي انتابتهم. عليه فإن تقرير المفتشين لن يأتي بجديد إلا إذا تضمن مفاجأة لم تكن بحسبان نظام الأسد، مفاجأة تقرر بأنه الطرف الذي استخدم السلاح الكيماوي من خلال أدلة وبراهين قاطعة.

الحقيقة الثانية التي نتجت عن تداعيات المجزرة الكيماوية في غوطة دمشق تؤكد أن روسيا عازمة في المضي قدما لتبرئة نظام الأسد من الاتهامات المتصاعدة بأنه الطرف الذي استخدم الأسلحة الكيماوية مستخدمة القوة الناعمة المتعلقة بدبلوماسيتها ونفوذها الدولي. كذلك لم يفت على القيادة الروسية استعراض لبعض قوتها بإرسالها لقطع بحرية متعددة المهام لشرق البحر الأبيض المتوسط، حيث تتواجد المدمرات الأمريكية التي تم تكليفها نظرياً بالاستعداد لتوجيه ضربة للمنشآت العسكرية السورية. ولعل الموقف الأمريكي من توجيه الضربة المزعومة لسوريا بدأ في التغير بشكل ملحوظ بعد قمة العشرين في مدينة بطرسبيرغ الروسية. وإن كان بعض المراقبين كانوا قد شككوا في نية الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين في تسديد ضربة لسوريا وكانت مبرراتهم هو ذلك الزخم الهائل من التغطيات الإعلامية التي دارت حولها خصوصا فيما يتعلق برفض البرلمان البريطاني في المشاركة فيها وكذلك الرفض الشعبي الفرنسي والغربي بشكل عام بما في ذلك الولايات المتحدة لتسدديها. ولعل المبادرة الروسية في وضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت الرقابة الدولية كانت بمثابة الحل السحري الذي نزل على أوباما مخلصاً له من إي تداعيات خارجه عن الحسابات تنتج عن الضربة، وهو الذي دعى الكونغرس الأمريكي وقبل خطابه للأمة الأمريكية وفي خطوة مفاجئة إلى تأجيل التصويت على قرار توجيه ضربة عسكرية على سوريا. الغريب في الأمر ومن مبدأ كاد المريب أن يقول خذوني فلم تمضي أربع وعشرين ساعة على الاقتراح الروسي بوضع أسلحة نظام الأسد تحت الرقابة الدولية حتى جاءت موافقة النظام في دمشق على المقترح الروسي، لتؤكد الموافقة بأن النظام هو من استخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبة وإلا فلماذا كل هذه العجلة في الموافقة على أمر من أمور سيادة الدولة. الدولة التي تفننت في كل شيء يهدف لقتل وتشريد وقمع المواطن السوري المغلوب على أمره. ولعل الخطوة السورية بالموافقة على المقترح الروسي كانت للكثيرين من المترددين في من الشعوب العربية بين التأييد لنظام الأسد نقطة فاصلة في التخلي عن ترددهم وتأييد الثوار في كفاحهم ضد من لم يتوان في ذبح شعبه بطريقة غاية في الهمجية والوحشية .ولعله من نافلة القول الرئيس أوباما كان متردداً في المشاركة أو تنفيذ أي عمل عسكري أمريكي ضد نظام الأسد، ولولا تصريحه المشهور الذي أكد فيه قبل ما يقارب العام بأنتنفيذ نظام الأسد لهجوم بالأسلحة الكيماوية سيكون بمثابة خط أحمر سيؤدي حتماً إلى تدخل عسكري أمريكي في سوريا. وحتى بعد أن أستخدم السلاح الكيماوي كان الرئيس أوباما حريصا بترديد بأن التدخل العسكري الأمريكي في سوريا سيكون محدودا ولن يتجاوز ضرب بعض المنشآت العسكرية السورية، وأكد في خطابه الأخير للشعب الأمريكي بأنه لن يكون هناك تواجد لمشاة وجنود أمريكيين على الأرض السورية. الحقائق تؤكد بأن الرئيس أوباما لم يكن جادا مطلقاً في تنفيذ ضربة عسكرية ضد سوريا وتعذر بأهمية أخذ موافقة الكونغرس عليها وليناقض نفسه لاحقاً ويقول في الخطاب الموجهة للشعب الأمريكي بأنه ليس في حاجة لأخذ موافقة الكونغرس وهو بالفعل ما يتيحه له القانون الأمريكي وبأن للرئيس الحق في شن عمل عسكري قصير المدى لا تتجاوز مدته الستين يوما وذلك بدون اللجوء للكونجرس.

الحقيقة الثالثة تؤكد بأن كل من إسرائيل وإيران هم المستفيدون من عدم تسديد ضربة لنظام الأسد. بالنسبة لإسرائيل فإن تطبيق المبادرة الروسية الداعية لوضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت الرقابة الدولية وهو الأمر الذي وافق علية نظام الأسد على لسان وزير خارجيته وليد المعلم، سوف يهدئ الوضع الداخلي الإسرائيلي والذي تناقلت وسائل الإعلام الدولية تخوفه مما حدث في الغوطة السورية، ونقلت تلفزات العالم حالة الخوف والهلع التي أصابت الإسرائيليين وهم يصطفون للحصول على الأقنعة الواقية من الغازات الكيماوية.

أما إيران فإنها سوف تحفظ ماء وجهها بعدم توجيه ضربة لحليفها نظام الأسد، وهي التي ما انفكت تهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور في حال تعرض نظام الأسد لهجوم عسكري وبأنها سوف تشعل المنطقة لو حدث ذلك.

ولعل الكاسب الأكبر في هذه الأزمة هي روسيا التي استطاعت أن تزور الحقائق برغبة كل الأطراف وتجنب نظام الأسد ضربة عسكرية وتزيل هلع وخوف الإسرائيليين من الأسلحة الكيماوية السورية وتحفظ ماء وجه إيران. ولكن هذا لن يتم بدون ثمن وهو أن الروس قادمون وبقوة كقوة فاعلة في الشرق الأوسط الجديد!!!. والخاسر الأكبر وبدون منازع هو الشعب السوري المغلوب على أمره، الذي قدم مئات الآلاف من الشهداء وحربا طاحنة للحصول على حريته، وخراب ودمار تشير التقارير بأن تكلفته حتى الآن بلغت مئات المليارات من الدولارات. وبدخول الأزمة السورية في نفق شديد العتمة والظلمة لا يوجد فيه بصيص ضوء أو أمل.

Alfal1@ hotmail.com
باحث اعلامي

على هامش خطاب أوباما حول الأزمة السورية “إسرائيل وإيران الحليفان المنتصران”
د. محمد بن يحيى الفال

د. محمد بن يحيى الفال

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة