Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 14/09/2013 Issue 14961 14961 السبت 08 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

لا أقصد بطبيعة الحال تقبيل رؤوس الأجداد والجدات والآباء والأمهات والكبار ممن لهم حق على من يصغرونهم في السن من باب التقدير والتوقير، وإلا فهي أي تقبيل الرؤوس حسب معرفتي عادة اجتماعية ترسخت أكثر في بلاد العرب ولم يندب إليها الدين ويماثلها في سياق واحد تقبيل الأيادي.

في الأيام الماضية شاهدت في أكثر من صحيفة سعودية صورا متنوعة لمسؤولين يقبلون رؤوس كبار سن وشباب وأطفال صغار ومعوقين. من هؤلاء محافظ لإحدى محافظات المملكة وفي أثناء جولته في أحد الأسواق التجارية شاهد شابا يعمل في محله بتفان على الرغم من فقدانه ليديه، فبادر إلى تقبيل رأسه إعجابا بتغلبه على إعاقته وتقديرا له على تحمله للمسؤولية وحرصه على أن يأكل من كسبه ولا يكون عالة على غيره، على الرغم من أن كثيرا من الشباب الذين أنعم الله عليهم بالصحة والعافية يرفضون العمل ويركنون إلى النوم والكسل ويعيشون عالة على أسرهم أو مجتمعهم. من ضمن الصور أيضاً صورة لمسؤول رفيع في مؤسسة إسلامية يقبل رأس أحد المعوقين وفي تقاطيع الصورة تظهر شفقة وعطف المسؤول وحنوه على الطفل. هذه صور معبرة التقطت ربما دون انتباه من المسؤولين تدل على تقديرهم للناس، وقد ينظر لها البعض على أنها نوع من التلميع خاصة أنها أمام الفلاشات، وفي إطار هذا الفكر سننظر أيضاً إلى جولة المسؤول برمتها أنها نوع من التلميع ومداراة الأخطاء والظهور بمظاهر الحرص على راحة المواطنين، وأن المسؤول يحاول تغطية أخطاء إدارته بمثل هذه الحركات.

شخصيا ربما لا أرى في الصورتين شيئا من هذا إذ تظهر التلقائية على جميع الوجوه، كما أن الجولات كانت من نوعية التفقد اليومي الاعتيادي فهذا محافظ يطمئن على أوضاع الأسواق في المحافظة، وذاك مسؤول وجد الطفل المعوق في طريقة دون تخطيط مسبق! السؤال الذي يثار لماذا ترافق المسؤول كل هذه الفرق الإعلامية والحجم الكبير من المصورين وفلاشاتهم المغرية والمسيلة للدموع والمثيرة للعواطف الكامنة في النفوس؟ لماذا لا تكون جولات مفاجئة تنطلق من المكتب مباشرة إلى المكان المستهدف دون استدعاء لأحد؟

الجولة المفاجئة لها وقع كبير ونتائج سريعة، غير الجولات المخطط لها التي أعد لها ترتيب مسبق وسيناريوهات دقيقة من قبل إدارات الإعلام والعلاقات العامة بالأجهزة الحكومية وهم في غالبيتهم يظهرون كل أنواع الحرص لكسب رضاء مديريهم دون اهتمام بنتائج العمل، وأذكر أنني كنت قبل سنوات في مكتب أحد المسؤولين الكبار فدخل علينا أحد الموظفين عرفت فيما بعد أنه مدير العلاقات والإعلام، الشاهد أن المسؤول بادره بحفاوة بالغة وقال له بصوت مرتفع مشكور على التغطية الحلوة للزيارة، فرد عليه الموظف وقد ظهرت تقاسيم ابتسامة رضاء طفحت على تضاريس وجهه العفو طال عمرك أهم شيء رضاك !. هذا الموقف يبين أحد أسباب فشل زيارات كثير من المسؤولين لمواقع هي في الأساس تدخل ضمن واجباتهم وليس لهم فضل ولا منة.

أعود لتقبيل الرؤوس وأقول إن هذا التقليد للأسف يستغل من قبل بعض المسؤولين المقصرين في أداء أعمالهم، ولتصحيح الخطأ يقوم هذا المدير بزيارة يقدم خلالها الهدايا ويقبل رأس من ارتكب في حقه الخطأ مع أن من تضرر لا يريد هدايا ولا تقبيل رأس أو يد وإنما يتمنى تقديم خدمة راقية تليق به كمواطن.

Shlash2010@hotmail.com
تويتر @abdulrahman_15

مسارات
المسؤولون وتقبيل الرؤوس!
د. عبدالرحمن الشلاش

د. عبدالرحمن الشلاش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة