Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 14/09/2013 Issue 14961 14961 السبت 08 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

قلنا في ما سلف إنه على المستوى الاقتصادي، لا يزال الاندماج الإقليمي فى منطقة المتوسط ضعيفا مقارنة مع دول أخرى في العالم مثل منظمة دول جنوب شرق آسيا ASEAN ( 22 في المائة ) أو السوق المشتركة لبعض دول أمريكا للاتينية MERCOSUR (20 في المائة).

كما لا تزال العلاقات الاقتصادية البينية ضعيفة جدا، حيث لا تمثل التجارة بين دول المغرب العربي إلا 3,5 في المائة من مجموع المبادلات التجارية. أما في الشرق الأوسط، فإن التبادل التجاري بين دول الجوار ضعيف أيضا حيث لا يمثل إلا 6 في المائة من المبادلات التجارية. ففي مجموع هذه الدول، تتم التجارة في مجملها في الفضاء الاقتصادي الأوروبي الذي يستقبل أكثر من 60 في المائة من صادرات دول شمال إفريقيا، مما يؤدي إلى ضعف الاستثمارات في دول الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط بسبب ضيق الأسواق. كما يمكن القول إن حجم السوق من المغرب إلى مصر يعادل حجم روسيا على مستوى عدد السكان. لهذا، يعتبر الاندماج الإقليمي هدفا ذا أولوية.

وأفضل طريقة بالطبع هي إطلاق دفعة سياسية جديدة يمكنها منح فرص جديدة للاندماج الإقليمي، غير أن حل النزاعات السياسية في المنطقة يظل الشرط الأساسي لكل تطور حاسم للاندماج الإقليمي.

إلا أنه وفي انتظار تفعيله على أرض الواقع، هناك يقين على أن عدم التحرك لم يعد خيارا اليوم. ففي هذا السياق، يجد الاتحاد من أجل المتوسط مكانته، وذلك من خلال تفعيل مشاريع إقليمية ملموسة، بل وتعزيز التعاون الإقليمي في منطقة البحر الأبيض المتوسط. ففي عام2013، انتقلت هذه المنظمة الفتية، التي انطلقت عام2008، إلى مرحلة جديدة في عملها التنموي والتعزيز المؤسساتي والعملي. وقد تميزت هذه المرحلة بديناميكية متجددة للشراكة الجديدة وقيادة مؤسساتية متكافئة (الاتحاد الأوروبي/الأردن)، مستدامة وملتزمة، كما عرفت هذه المرحلة إعادة تنظيم آليات الشراكة بين دول الشمال والجنوب خاصة مع تزايد عدد المشاريع الواردة من الاتحاد من أجل المتوسط وزيادة الشراكة والتنسيق مع المؤسسات والشركاء الماليين الإقليميين والدوليين.

وتمثل المنظمة ابتكارا مؤسساتيا يهدف إلى خلق آلية شاملة، موسعة ومرنة بين دول شمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط. فهو يضم مجموع دول المنطقة الأورو- متوسطية أي 28 دولة من الاتحاد الأوروبي و15دولة من الضفة الجنوبية والشرقية، بما في ذلك الدول التي لا تمثل جزءا من عملية برشلونة (البوسنة والهرسك، الجبل الأسود وموناكو). أما ليبيا، وهي الدولة الوحيدة التي لم تكن عضوة في الاتحاد من أجل المتوسط عام2008، فهي حاضرة (منذ بداية 2013) كمراقب، وتشارك في اجتماعات كبار الموظفين.

وعلى مستويات مؤسسية متنوعة، توسع هذا الإطار ليشمل 43 دولة في إطار التكامل مع المنظمات الدون-إقليمية مثل 5+5.

ويجب التذكير كنا يكتب أمين عام المنظمة أولا بالمبادئ الثلاثة التي تؤسس هذا النوع من الشراكة ألا وهي التعاون الإقليمي، مبدأ السرعات المتفاوتة والمشاريع الملموسة.

- يشغل التعاون الإقليمي قلب المنظمة، ليظل للتعاون الثنائي مكانته الهامة، لكن، من الضروري، منح بعد أقوى للتعاون الإقليمي من أجل إعطاء فرص للنمو والتشغيل والمنافسة، لأن التعاون الإقليمي مسألة إستراتيجية، بل هو الطريق الوحيد الذي يمكن من خلاله مواجهة التحديات المعقدة والبين-إقليمية. إن الأمر لا يتعلق باستنساخ ما هو موجود، ولكن بتوسيع الحركة العامة للتعاون بإعطائها بعدا إقليميا إذا كان الأمر ضروريا.

- مبدأ السرعات المتفاوتة، هي الأداة والوسيلة التي تسمح للتعاون الإقليمي بأن يكون مرنا وفعالا. فكل المشاريع التي تتم اليوم في إطار الاتحاد من أجل المتوسط، تجمع الدول التي ترغب في المشاركة بشكل إرادي. إن الفكرة بسيطة وتقوم على تعزيز التعاون، وهو ما يتم تنفيذه بنجاح داخل الاتحاد من أجل المتوسط، والتي تسمح بوجود مقاربة عملية وتدريجية. هذا هو منطق من أسفل إلى أعلى (bottom-up) مقابل من أعلى إلى أسفل (top-down). وبالطبع، كل مشروع مفتوح أمام الدول الأعضاء الأخرى، ويتم اعتمادها من قبل كافة الدول الأعضاء.

- وأخيرا، ركزت المنظمة أولويتها على المشاريع الملموسة والواقعية في المجالات التي لها تأثير حقيقي على شعوب المتوسط، لأنه بالتركيز على الآثار الإيجابية للمشاريع الملموسة، يمكن خلق ديناميكية إيجابية للقيمة المضافة للتعاون الإقليمي.

وتسمح، اليوم، هذه الرئاسة المشتركة عن الشمال لمؤسسات الاتحاد الأوروبى، بعد الرئاسة الفرنسية، بخلق تناغم أفضل بين عمل الأمانة العامة للاتحاد من أجل المتوسط في برشلونة والبرامج الإقليمية للاتحاد الأوروبي (تعبئ المفوضية الأوروبية حوالي 350 مليون يورو من أجل التعاون الإقليمي)، حيث يضمن هذا التآزر من الآن فصاعدا تأثيرات ملموسة في مختلف القطاعات.

وقد سمحت الرئاسة الأوروبية الجنوبية المشتركة بخلق تناغم وتآزر كبيرين بين الأمانة العامة للمنظمة والاتحاد الأوروبي في منطقة المتوسط. كما أعربت المؤسسات الأوروبية مثل المفوضية، الجهاز الأوروبي للعمل الخارجي، المجلس، والبرلمان الأوروبي عن دعمها القوي للجهود المبذولة من طرف المنظمة، حيث صارت الأمانة العامة اليوم أداة مرجعية ذات بعد إقليمي للشراكة الأورو- متوسطية.

أما في الجنوب، وبعد الرئاسة المصرية المشتركة سنة 2008، ترأست الأردن عملية الاتحاد من أجل المتوسط. وباعتبارها عضوا مؤسسا للشراكة الأورو- متوسطية، ترتبط الأردن بعلاقة قوية مع الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى أنها عضو في اتفاق أكادير (اتفاق التبادل الحر الذي يربط المغرب، تونس، مصر والأردن)، وتنشط بشكل فعال في التعاون الإقليمي. وتعتبر الرئاسة الأردنية المشتركة رمزا لمبدأ المناصفة المؤسساتية التي يضمنها التوازن، على المستوى السياسي ومستوى اتخاذ القرار، بين الرئاسة المشتركة في الضفة الشمالية وأخرى في الضفة الجنوبية، علما بأن مشاركة الجنوب فى هذه الرئاسة، الشيء الذي لم يكن موجودا في المبادرات السابقة، يؤكد القيمة المضافة للفرصة الجديدة والممنوحة لدول الجنوب من أجل التسيير المشترك مع نظرائهم الأوروبيين لمختلف المبادرات والأعمال الإقليمية في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

وتجتمع الدول الثلاث وأربعون التي تمثل المنظمة كل شهرين في إطار اجتماعات كبار المسئولين أو ما يسمى (SOM)، وتعتبر هذه الاجتماعات هيئة القيادة السياسية للمنظمة.

كل هذه الدول ممثلة على قدم المساواة بواسطة المدراء أو السفراء داخل وزارات الشؤون الخارجية (وقد علقت الحكومة السورية مشاركتها في ديسمبر2011). وتهتم الاجتماعات أولا بمجموع المشاكل السياسية ذات الأهمية الإقليمية (القضية الفلسطينية، مسألة الأمن في منطقة الساحل ...)، هذه المشاكل التي تمثل موضوع النقاشات المعمقة على أساس المواقف التي تتخذها الدول والمؤسسات. كما توفر هذه الاجتماعات مراقبة سياسية دائمة للأعمال التي تقوم بها الأمانة العامة. وفى هذا الإطار، تصادق على التوجهات التي يقدمها الأمين العام كما تعتمد المشاريع المقدمة.

علاوة على ذلك، لا يقتصر عمل الدول الأعضاء على المشاكل السياسية بشكل خاص مادامت الاجتماعات الوزارية القطاعية تفرض اليوم نفسها كإحدى القيم المضافة للاتحاد من أجل المتوسط.

ثم إن انعقاد أربعة اجتماعات وزارية سنة 2013، ولأول مرة، حول تعزيز دور المرأة والنقل والتجارة والطاقة، لأمر يعكس الأهمية الاستراتيجية لهذه الاجتماعات السياسية القطاعية لدى الدول الأعضاء. ثم إن هذه الاجتماعات هي فرصة لاتخاذ القرارات السياسية ذات التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية في المجالات الأساسية في المنطقة.

عن نوعية الشراكات الدائمة
د. عبد الحق عزوزي

د. عبد الحق عزوزي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة