Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 14/09/2013 Issue 14961 14961 السبت 08 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

منوعـات

قبل أيام وصلتني رسالة هاتفية من النادي الأدبي بالرياض، وهي عبارة عن إعلان عن تنظيم النادي دورة في تعليم عروض الشعر، وفي الوقت نفسه وصلتني رسالة عبر الإيميل من معهد للسينما في نيويورك، يعلن عن دورات متخصصة في كتابة السيناريو، والتمثيل، والتصوير والإخراج السينمائي!

فكرت أنّ كل رسالة منهما تعبّر عن واقع، أو هي تتفهّم الواقع وتستوعبه بطريقتها الخاصة، أو ربما وسيلة التعبير المناسبة للعصر الذي تعيشه كلا الثقافتين!

ففي حين لم نبرح العصر الجاهلي ذهناً، حتى وإن استخدمنا أدوات العصر الحديث ووسائله، طار العالم سنوات ضوئية كي يدرك جيداً أحد أبرز أدوات التأثير في العصر الحديث. لم نتغير في فهمنا حتى وإن أبدينا خلاف ذلك، فما زلنا نفكر أنّ الشعر وسيلتنا المثلى للتعبير عن همومنا، ولمجابهة الأعداء، فالشعر هو للبكاء والتباكي على الأمة، وهو هجاء للأمم والقوى الكبرى، فالشاعر كما كان في الزمن الجاهلي وسيلة إعلامية نافذة، هكذا نظن، وهكذا نعقد الدورات لخلق المزيد من الشعراء، بينما في الدول المتقدمة أدركوا منذ قرن أنّ الشاشة، والعمل المرئي، هو الأقدر والأقوى على التغيير، فصنعوا الصورة المسبقة عن العرب والمسلمين، وروّجوا عنها في أفلامهم السينمائية، وصنعت هوليود في أحد أفلامها ما لم يصنعه سوق عكاظ، وصناجة العرب ونابغتهم، طوال عقود من السنوات، وربما أكثر!

ففي الزمن القديم كان الشاعر يتكسّب من شعره، يمدح هذا، ويهجو ذاك، فتتناقل الركبان قصيدته، وتحفظها عن ظهر قلب، وتؤثر في القبائل في الحروب والانتصارات واستنهاض الهمم، لكن العالم الجديد، والذي لديه أيضاً إرث غني من الشعر، أدرك أنّ الفيلم أقوى من القصيدة، والصورة الحية أقرب وأقوى من الصورة اللفظية المتخيلة، وأقام إمبراطوريات من الأفلام السينمائية، وأصبحت هذه الصناعة جزءاً من الدخل القومي، فلا يتكسّب منها الكاتب، ولا الممثل، ولا المخرج، ولا المنتج، بل الجميع يصنعون موارد مالية ضخمة تسهم في بناء الاقتصاد، بجانب مختلف الفنون والألعاب الرياضية وغيرها.

كم ذهب العالم بعيداً، كم قفز طويلاً، وأنجز كل ما يريد عبر الصورة، صنع تاريخه كما يشاء، وزوّر تاريخ الآخرين كما يشاء، بل وروّج لهذه الأعمال لدينا، حتى كدنا نصدق ما يرسمه من صورة عنا، وعن تاريخنا، بينما نحن لم نزل ندرّس في الجامعات، وندرّب في الأندية الأدبية والثقافية، فعولن فعولن مستفعلن، دون أن نشعر بالعالم من حولنا، فهل نحن موتى؟ أم أنّ العالم أكثر حياة مما يجب؟ هل نحن موتى فعلاً؟ أم العالم يمعن في إماتتنا، وليس في إغاظتنا!

نزهات
هل نحن موتى فعلاً أم العالم يميتنا؟
يوسف المحيميد

يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة