Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 16/09/2013 Issue 14963 14963 الأثنين 10 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

* تبقى (الصداقة) فناً إنسانياً يمارسه الأفراد والشعوب بمستويات مختلفة من التميّز والإخفاق. منها النقي الذي لا يبتغي قاصده بلوغَ مرام منه أو تحقيق مصلحة، بل يسعى إلى تمتين كل ما يقرّبه من الطرف الآخر من قول أو عمل، حباً له لا طمعاً فيه، على النقيض من بعض (صداقات المصالح) التي تبدأ بها، وتنمو معها، وحين يهتز ميزان المصلحة أو يختل، تتحوّل الصداقة إلى ورقة خريف تدوسها الأقدام!

* *

* ما يعنيني تحديداً في حديث اليوم ليس (صداقة المصالح)، بين الأفراد والدول فتلك لها مظاهرها وظواهرها سلباً وايجاباً، إنما أعني الصداقة التي تربط إنساناً بآخر لغاية تبدأ وتنتهي بالود، ولا شيء سواه، ولذلك سأكرّس السطورَ التالية للحديث عن هذا الموضوع، فأقول:

* الصداقة بين البشَر (معدنٌ) من الأخلاق متعدِّدُ الأوزان، تَتحَدَّد هويته وقيمتهُ بالكيفية التي (يتداول) بها هذا (المعدن) بين إنسَان وآخر.

* فهي في موقفٍ ما (ذهبٌ خالص).. لا يأتيه الزيْفُ من بين يديه ولا من خلفه!

* وهي في موقف نقيض لما ذكر، (معدنٌ آخر)، تنشأ الصداقةُ في ظلِّه لغاية معينة في زمن معين بآلية معينة، فإذا انقضى الأربُ استسْلمّت لزيف الصدأ، وذابت داخل إعصَار الزمان والنسيَان!

* *

* من هنا، يُمكن وصف من ينتمي من الأصدقاء إلى فصيلة (الذهب) أخلاقياً كما يلي:

* هو إنسانٌ تخصه بالجهْر عمَا يُسِرُّه فؤادُك، فلا يضيق بك، ولا بما تُسِرُّ به! ويبقى سرك جزءاً من أسراره رهن الكتمان!

* وهو لا يُؤْثركَ (على) نفسه، بل يُؤْثرُكَ (مع) نفسه.. وكأنَّهُما قُدَّتا من مَعْدنٍ واحد في قاَلب واحد!

* *

* يعاتبُكَ فلا يجْرحُك، أو يَئِدُ كبْرياءَك.

* وينْصَحُك فيحَرْصُ أن تكونَ نصيحتُه أقرْبَ إلى حَيْثيَّات الموقف، حكمةً ودقةً واستيعاباً!

* وهو إنسانٌ يمدحُكَ فلا يغلو في مدحك، كيلا يحقن ذاتك بالغرور!

* وهو إلى جانب كرم جاهه، جوادُ النفس، عفيفُ اللسان، طاهر القلب في غير غفلة أو غباء!

* *

* وهو حَذرُ الإرادة بلا تردُّد، شُجَاعٌ الرأي بلا تهوُّر، يعرفُ متى يُقْدمُ ومتى يُحْجمُ، متى يتحدث ومتى يصمت، متى يْحَلمُ ومتى يغضبُ. وإذا لم يستطع كظْمَ غيظه،كان عادلاً وغفوراً، وإذا رضي كان مع رضاهُ وقُوراً!

* *

* والآن، لو شئتَ عزيزي القارئ أن (تُصنِّف)أصدقاءك من أهل الأرض في ظلِّ (الوصفات) السابقة تُرى مَنْ منهم سيُضيء صموداً أمام فتنة قياسكَ؟ ومَنْ منهم سَيْخبُو تراجُعاً أمام محنةِ رفْضِكَ، فَلا يبقى منه إلاَّ(أشلاء)من ذكرى؟!

الرئة الثالثة
الصداقة بين مثالية الإحساس و(ميكيافلية) المصالح: قراءة أخلاقية!
عبد الرحمن بن محمد السدحان

عبد الرحمن بن محمد السدحان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة