Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 16/09/2013 Issue 14963 14963 الأثنين 10 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

تظهر الأخلاق ومعادن الناس أكثر في الأوقات غير العادية، كما أنها تُمتحن حال تبدل البيئة والمكانة الاجتماعية أو المنصب. من أكثر ما يثير المشاعر والتبجيل ما تراه من التزام الخلق الرفيع واتباع التعاليم الإسلامية الراقية من قِبل لاعبي كرة القدم العالميين المسلمين، الذين ملؤوا العالم شهرة بسبب فنهم الكروي الذي توَّجوه بأخلاقهم النبيلة.

وقد أثار اللاعب الفرنسي المسلم فرانك ريبيري الحائز قبل أيام جائزة أفضل لاعب في أوروبا إعجاب الجماهير في العالم الإسلامي وخارجه، هو وزميله السويسري المسلم شيردان شاكري، عندما رفضا التصوير مع زملائهما لاعبي نادي بايرن ميونخ الكروي الألماني احتفالاً بفوزهم بكأس أوروبا؛ بسبب حمل كل لاعب زجاجة شراب، وهي عادة درج عليها الفريق لسنوات.

حركة كهذه على بساطتها إلا أنها تعني الكثير من أوجه عدة، أولها أن هذين اللاعبين يعدان شخصيتين ذواتَيْ تأثير جماهيري، وعلى فئة الشباب والنشء بالأخص؛ لما لهما من شهرة كروية عالمية. ومعلوم أن تأثير الشخصيات القيادية، أو تلك التي لها حضور جماهيري واجتماعي كبير، أكبر من تأثير التعاليم والنصوص الدينية لدى شريحة من الناس “إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”، والسلطان هنا كما نعرف ليس محصوراً بالسلطان السياسي بل يشمل الاقتصادي والاجتماعي والعلمي، كذلك الثقافي والرياضي والفني. وثانيها أن هذه الخطوة أتت من لاعبَين مسلمَين، ولكن في بيئة الأوروبيين أنفسهم؛ ما يجعلها أشد لفتاً وتأثيراً مما لو أتت من لاعب مسلم عربي؛ كون هذين اللاعبين يماثلان زملاءهما من ناحية المرجعية والثقافة، وهذا له دور في سهولة التفهم والاستيعاب، فضلاً عن تأثير مثل هذه السلوكيات الراقية في الشباب المسلم نفسه.

ولا ننسى أن هذا السلوك يأتي وسط أجواء فرح ونشوة وانتصار لهما ولزملائهما وفريقهم العالمي، ومعلوم من الناحية النفسية والخلقية - كما ذكرت في بداية حديثي - أن ظروفاً كهذه قد يصعب معها الالتزام الخلقي بالنسبة للبعض، لكنها - كما قلت - هي معادن الرجال. لقد كتبتُ من قبل في غير هذه الصحيفة أيضاً عن المحترف بنادي أشبيلية الإسباني فريدريك عمر كنوتي، وهو من مالي. وقصته أثرت في الملايين وألهمتهم؛ إذ إن أحد المساجد في أشبيلية، الذي كان منشأ على أرض مستأجَرة، وكان يؤمه المسلمون الإسبان والمقيمون هناك، انتقلت أرضه إلى مالك جديد، الذي بدوره أراد أن يقيم مشروعاً استثمارياً مكان المسجد؛ فطلب إزالته. ونما إلى علم هذا اللاعب قصة المسجد؛ فما كان منه إلا أن اشترى الأرض من ذلك المستثمر، وأبقى المسجد مكانه! هذا اللاعب بالرغم من أنه قادم إلى أوروبا من بيئة بسيطة، بل تعاني الفقر وشح الموارد، إلا أنه لم تفقر نفسه عن مبادرة كهذه. إنها الروح الغنية والخلق الإسلامي النبيل، وهو الذي قال إنه يتدرب في النادي الإسباني، ويمارس حياته بأخلاقه وسلوكه، ويتصرف على سجيته، فلا يلقى من زملائه إلا الاحترام والحب!

مثل هذه النماذج التي أوردتها مجرد مثال، وإلا فهناك الكثير من النماذج المشرفة هنا وفي الخارج، وإنما ذكرت هذه النماذج تحديداً - كما قلت - لأثرها في تصحيح الصورة المشوهة عنا في الذهنية الغربية بسبب أعمال وسلوكيات فئة من المسلمين حيناً، وبسبب حملات التشويه المركزة من منظمات معادية لنا أحياناً أخرى.. ولشهرة هؤلاء وتأثيرهم - كما قلت - على المستوى الدولي، الذي يفوق أحياناً شهرة رؤساء دول؛ لذا نتمنى على المؤسسات الرياضية واتحادات كرة القدم الخليجية عموماً الحرص على استقطاب مثل هذه النماذج المتألقة رياضياً وخلقياً، ولاسيما أنهم يدينون بديننا؛ فننال بذلك نحن وهم مقاصد ومكاسب جمة. هذا من جهة، والجهة أخرى هي رابطة العالم الإسلامي، أو ما يستظل بها من جمعيات ومنظمات لدعم وتكريم هؤلاء، دفعاً وتمكيناً لهم، وزيادة في تأثيرهم على جماهيرهم وعلى شباب العالم بشكل عام، في الأخلاق السامية والعطاء والتعامل الإسلامي الراقي، بعيداً عن التطرف الذي يسيء لنا قبل أن يسيء للآخرين. والله يحفظكم برعايته.

romanticmind@outlook.com
تويتر @romanticmind

وقفة
فرانك ريبيري والقدوة الناصعة
عمر إبراهيم الرشيد

عمر إبراهيم الرشيد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة