Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 20/09/2013 Issue 14967 14967 الجمعة 14 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

هل بلغت الشعوبُ العربية مرحلة من النضج، لتصبحَ قادرة على خيارات الديمقراطية واستيعابها في بنية مجتمعاتِها وفي أنظمة الحكمِ فيها، أم يُقدَر لها أن تُواجه محنة الخروج من الزمن والتاريخ؟

على كثرةِ ما شهدته الأمةُ العربية على مر تاريخها من حركةِ تقلباتٍ وانقلابات ضد بعضِ حكامِها.. إلا أن ذلك كله لم يفلحْ في إصلاحِ أوضاع الشعوب والنهوض بأوطانها..والانتقال من مرحلة الانحدار والضعف..

الخضوع والتبعية إلى مرحلة الاستكشاف والاستبصار.. الجدل والحوار.. التطور الحضاري وعدم التسليم بإرثِ أنظمة شمولية زُرِعت منذ عقود في جسدِ الوطن العربي الكبير، وأضحت جزءاً من واقعٍ حاضر نشهدُ أساليبَه ونعايشُها.. هذا عدا كون المنطقة العربية كانت في يومٍ من الأيام خاضعة للسيطرة الاستعمارية لقرون طويلة منذ أن كانت جزءاً من الإمبراطورية العثمانية.. إلى أن جرى تقسيمُها بعد التنازع عليها بين الاستعمار الفرنسي.. والاستعمار البريطاني.

أجيالٌ فُنيت وأجيالٌ توالدت وغالبيتها عاصرت أنظمة ثابتة لا تتغير.. إن تغيرت الشخوص فإن هذه الأنظمة لا تتغير تبقى برموزها وأفكارها وانشغالها بالحفاظ على استمرارها حتى بات المواطن العربي يعتقد أن النظام هو المجتمع وهو الشعب وهو الأمة، بمعنى أن بقاءَ الشعوب وارتقاءَها وتقدمَها مرهونٌ ببقاء الأنظمة وأفكارها وسياستها التي تنتهجها.. فعجباً لأمةٍ حملت مشعلَ الحضارة في يومٍ من الأيام وسُطِرت حضارتُها في صفحات التاريخ أن تكون من أكبر الأمم في عصرنا الحديث التي لم تحصل على حقِها أو تتمتع ولو بجزء يسير من آليات أنظمة الديمقراطية لتنهض بأوطانها وتساير الركب العالمي في تقدمه وحضارته.

لسنا بحاجة لتكرار القول والشرح عن أعلى نسبِ البطالة والفقر وانحدار النظم التعليمية وتغلغل الفساد في مؤسسات المجتمع المدني، فهذه قواسم مشتركة بين دول المنطقة العربية التي لا تكفُ عن التباهي والتفاخر بتاريخها القديم وإرثِها الذي خلفته في قرطبة والأندلس وغيرها.. ولسنا وحدنا من كانوا أصحاب حضارة وإرثٍ تاريخيٍ عريق لنقول كفى.. ولسنا بعاجزين على أن نجعل حاضرَنا ومستقبلنا امتداداً لحضارة الماضي التي فاخرنا وما زلنا نفاخر بها الأمم دون أن نضيفَ إليها شيئاً نباهي به الأمم الحاضرة؟

دعونا ننظر نظرة تأملية إلى درجات التطور الحضاري الذي حققته شعوبٌ أخرى ذات ميراثٍ حضاريٍ قديم كاليابان أو الصين وكيف نجحتا في استعادة وعيهما ونهضتا نهوضاً عظيماً على كافة الأصعدة، بل أصبحت في مقدمة الصفوف على مستوى المكانة الإستراتيجية في موازين القوة الدولية.. فكيف ولماذا تبقى أمتنا العربية صاحبة المنجزات الحضارية العريقة عصية على التطور عاجزة عن الأخذ بمفاتيح الديمقراطية والاستفادة من طاقاتها البشرية الهائلة لبناءِ قوتها الذاتية اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وتكنولوجياً؟.. لعل هذا السؤال يضعُنا أمام افتراضات عديدة تُفسر أسباب ما آلت إليه منطقتُنا العربية.. لن أجدد الحديث عن مترادفات اقترنت بتاريخٍ حافل بالظلم والاستبداد وأساليب القمع... إلخ ومثّلت إرثاً قديماً تغلغل في صميم قلب المواطن العربي وعلى مر السنين خلف تراكمات داخلية أسهمت في تشويه بنيته النفسية والفكرية وربما الجسدية أيضاً.. بل أشير إلى معضلة تواجه المنطقة العربية ولطالما هُزِمت أمامها.. معضلة تكمن في أنه رغم اتساع رقعة المنطقة العربية إلا أنها محصورة بين شقي رحى.. ضغوط دولية وأقطاب سياسية لا نعرف ماذا تُخبئ في جعبتِها لنا من حيلٍ ومخططات.. وبين ظروف تخلفٍ سياسيٍ واجتماعيٍ واقتصادي خلق تربة صالحة ساعدت على عرقلة مسيرة الإصلاح والتغيير والتجديد. العالم العربي يقف اليوم أمام بحرٍ هائج من المتغيرات والتحديات فرضتها عليه قوى خارجية ناهيك عن طبيعة الأوضاع السائدة وشبح الحساسيات الطائفية والمذهبية والصراع السياسي بين مختلف الأحزاب فمع كل إشراقٍ ليومٍ جديد تطالعنا الفضائيات والصحف بأحداث يندى لها الجبين.. وفي ظل هذا كله لا تحملنا القراءة الموضوعية للواقع العربي الراهن على قدرٍ من التفاؤل نحو تحولٍ ديمقراطي تنعم به شعوب الأمة العربية.

zakia-hj1@hotmail.com
Twitter @2zakia

عود على بدء
الوطن العربي.. وسراب التغيير
زكية إبراهيم الحجي

زكية إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة