Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 24/09/2013 Issue 14971 14971 الثلاثاء 18 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

محليــات

اليوم ونحن نعايش نتائج التجربة التنموية في منطقتنا وهي قصيرة منذ ابتدأت في الثلاثينيات نقيّمها بمنطلقات مختلفة، ونعايش تقييم الغير لنا بين من يغبطنا, ومن يحسدنا, ومن يفتش عن فرصة للاستفادة من القرب منا سواء داخل الوطن أو خارجه, ومن يشكرنا على فرصة التقارب, ومن يحقد علينا بعدها لأسبابه الخاصة.

هناك من يرون الكأس نصف فارغ، وهناك من يرونه نصف ممتلئ. وكلا الرؤيتين على حق ولكن المشاعر حول التجربة المحسوسة من الجانبين تختلف باختلاف ما يركز عليه الفرد من أولويات.

شخصياً أرى أضعف مكونات بناء حاضرنا على أرض الواقع الحاضر هي الإنسان الفرد، سواء المواطن أو المستقدم للعمل. المواطن نقلته الظروف دون أن تعدّه التجربة التدريجية للتغيير الفكري. فمن شاعرية الصحراء وروتينية مواسم قوافلها وضعف مشاعر الانتماء إلى المكان, وعدم الألفة مع حرفية المهارات, قفزت ظروف تاريخنا بالأفراد والمجتمع مادياً إلى ضغوط متطلبات طاحونة العصر التقني وعالم المؤامرات العالمية والتحالفات المتساندة. و مع الأسف أضعف قصر الفترة الزمنية التي تسارعت فيها المتغيرات أساسات بناء قدرات المواطن. وفرض خيار الاستعاضة - لضغوط الاستعجال والاستسهال- بخيار الاعتماد على قدرات الغير.. وللغير - متى ما أعطي مجالا للتحكم في مسيرة الوطن وخارطة مستقبله - طموحات لا تشمل بناء قدرات بنيه. و هكذا ابتدأ تشييد الوطن بمشروعات طموحة وطويلة المدى ولكنها غير مدعومة بقدرة مقاومة الفساد لتكون فعلا قابلة للبقاء والاستدامة.

أما أقوى ما حبانا الله به من نعم فهو تدفق الثروة وحكمة المؤسس؛ ينابيع النفط التي تزامن اكتشاف آبارها واتساع احتياطات مكامنها واحتمالاتها, مع توحيد المناطق المتباعدة في دولة شاسعة الامتداد جغرافيا. هذا منح المؤسس قدرة البدء بمخططات أحلام طموحة لتغيير الصحراء من بساطة وبداوة مرئيات ساكنيها المترحلين و دمجهم في نسيج وطن مع الأطراف غير الصحراوية المتنافرة التفضيلات ثقافيا. ويبقى السؤال هل تحققت الأحلام و نجحت في فرض واقع جديد لمواطنة الانتماء المتحضر؟

صحيح أن الأعمال بالنيات ولكن الصعوبات التي مرت وتمر بها البلاد في محاولة بناء ثقافة التحضر وتجهيزات الأمن والاستقرار وتوفير المهارات المطلوبة لاستمرارية البناء توحي بأن النسيج الجديد لم يصل بعد للمتانة المطلوبة. مشروع نشر التعليم العام ومحو الأمية التبس بتوجه معاكس يحيل مهمة التعليم والتثقيف مهمة عقدية ترفض التطور وتعدد المذاهب والمدارس الفكرية ومشاركة المرأة في الحضور العام. والطفرة الاقتصادية في السبعينيات رسخت أحلام الأفراد بتوقع تحقق طموحاتهم المادية دون بذل جهد فردي مواز أو تقبل قيم مسؤولية الفرد عن تنافسية نجاحه؛ بل ترسيخ الاعتماد على أبوية «الحكومة»! وتقبل مفهوم أن المواطنة تعني أن «أُمنح ما أحتاج وأكثر» دون أن تعني «المواطنة أن أساهم في البناء من موقعي الفردي». والانحصار في جشع الذاتية وتزايد زحمة البشر, مواطنين ومستقدمين, أدى إلى تقلص الطبقة الوسطى -التي عادة تبني المجتمعات النامية- و تصاعد الفقر. وتقبل الفساد وممارسته كأمر معتاد, وإلى انتشار البطالة والعطالة والتذمر وإلقاء اللوم على «الآخر».

معوقات هائلة في مسيرة تنمية تكلفة مشاريعها تُقدر وتوفر بالمليارات ثم تبتلع السلبيات ما يسلّم من اللطش وتنكمش منجزاتها متعثرة و متأخرة بصورة لا يمكن تبريرها بأية طريقة منطقية علمية.

بقي بصيص أمل لتحقق إكمال بناء الوطن يتوهج أمام المخلصين: إيمان القيادة الرسمية بضرورة تعديل المسار. حملة مباركة يقودها حامل مشعل الإصلاح والمصر على منهج الاعتدال والوسطية الملك عبد الله بن عبد العزيز أنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح, وأن مستقبل إنسان الوطن يقوم على بناء قدراته وحماية مقدراته من ميول البعض السلبية وخطر إغواء ذوي المصالح وإغراءات التجهيل والتغرير وتعطيل نصف مواطني الوطن بمبررات مشبوهة لاتخدم إلا مصالح الفئة التي تصخب بها! وفقك الله يا قائد المسيرة لتوصل الوطن لبر الأمان.

حوار حضاري
في بناء الوطن الحديث (2)
د.ثريا العريض

د.ثريا العريض

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة