العرب يجب أن يكونوا فرحين بأي تقارب أمريكي - إيراني.. ولكن..

لكن هذه هي التي تُوضح معنى أن يحصل تقاربٌ أمريكي - إيراني بحيث لا يكون على حساب العرب مثلما حصل في العراق، حينما عملت القوات الأمريكية لصالح إيران بحجة اجتثاث البعث، فاجتثت العرب السنّة، ومثلما عملت القوات الأمريكية على محاصرة الإرهاب في أفغانستان، فاستدعت القوة الإيرانية إلى مسرح العمليات في العراق وأفغانستان لتفرض إيران كقوة إقليمية لأهداف لم تظهر بعد أبعادها الخافية، وهل هي لحسابات أمريكية، أم توزيع للأدوار لإخضاع القوة الإسلامية من خلال دفع القوتين الإسلاميتين، عن طريق تجييش المتشددين السنّة، ونظرائهم الشيعة لينهمك الطرفان في صراع طائفي، تُؤججه وتدفعه أمريكا ليظل مستعراً من خلال غضِّ النظر عن التّمدد الإيراني، بل ودعمه كما هو في العراق، وعدم مساعدة الثوار في سوريا، وغضِّ النظر عن تجاوزات حزب حسن نصر الله في لبنان وسورية.

الآن لا مجال للمراوغة، فالإدارة الأمريكية تريد تفاهماً أو تعاوناً أو حتى في أبسط التصور تنسيقاً، يكفل عدم الاصطدام بالطموحات الإيرانية المبنية على إيدولوجيات طائفية وأحلام عنصرية.

العرب جميعاً، بدءاً من أهل الخليج، وصولاً إلى أبناء المغرب، مروراً بالمشرق لا يريدون شراً لإيران، لكل أهل إيران، فرسهم وأكرادهم وبلوشهم، وطبعاً عرب الأهواز، لكن لا نريد أن تُعالج الإدارة الأمريكية في عهد أوباما، رغبة التقوقع في شرنقة الانكفاء إلى الداخل الأمريكي بسبب الانشغال بالتعافي من الأزمة الاقتصادية المتطاولة على حساب المصالح العربية التي ليس من مصلحتها بقاء حالة التوتر المُعلن بين الأمريكيين والإيرانيين، فيما تتم الصفقات وتقاطع المصالح الأمريكية - الإيرانية تحت الطاولة.

نعم، من حق الأمريكيين أن يبحثوا عن تعزيز مصالحهم، وكذلك من حق الإيرانيين، ولكن لا يجب أن يتم ذلك على حساب المصالح العربية التي استفاد الأمريكيون كثيراً منها، وسوف يستفيدون أكثر بتحسين تعاملهم معهم سواء على صعيد تحسين دور الوسيط «النزيه» لحل القضية الفلسطينية، أو على صعيد العلاقة مع إيران التي يريد العرب - جميع العرب - أن تكون علاقة متوازنة غير مبنية على تلبية طموحات طائفية وعنصرية، وعلى حساب مجموعة الدول التي عملت وتعمل كأي أمة أخرى على ترسيخ علاقات قوية في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية مع القوة العالمية الكبرى.