Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 30/09/2013 Issue 14977 14977 الأثنين 24 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

اليوم الوطني 83

صفحة من تاريخ العلاقات السعودية - الأردنية

رجوع

تميزت العلاقات السعودية - الأردنية بخصوصية مميزة عن غيرها من العلاقات العربية - العربية الأخرى، وقد أسهم في رسم هذه العلاقة الكثير من المعطيات التاريخية والسياسية والحضارية والثقافية والجغرافية.

وظلت العلاقات بين البلدين الشقيقين قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون، مما شكَّل عمقاً إستراتيجياً للأردن والسعودية على حد سواء، مما يدل على النظرة الحكيمة من القيادتين.

تبادلت حكومتا المملكة العربية السعودية وإمارة شرقي الأردن الاعتراف المتبادل في آذار عام 1933م، من خلال برقيتين تبادلهما الملك عبد العزيز والأمير عبد الله، أعربا فيها عن رغبتهما في تحسين العلاقات بينهما.. وعلى إثر الاعتراف المتبادل شرعت الحكومتان الأردنية والسعودية بمباحثات نتج عنها عقد معاهدة صداقة وحسن جوار لتنظيم العلاقات والتعاون بين البلدين وتنظيم الحدود بين الطرفين.. ولزيادة تعميق العلاقات بين الجانبين قام الأمير سعود - ولي العهد السعودي - بزيارة إلى شرقي الأردن عام 1935م، أقام فيها أربعة أيام، زار خلالها مختلف المناطق وقام بزيارة لفلسطين وحظي بالصلاة في المسجد الأقصى.. وكان لتلك الزيارة دور كبير في تعزيز العلاقات بين الجانبين، وقد تلقى الأمير عبد الله رسالة من الملك عبد العزيز شكره فيها على حسن الضيافة التي لقيها ولي عهده في شرقي الأردن.

وقد لعبت الدبلوماسية الأردنية والسعودية بقيادة الأمير عبد الله والملك عبد العزيز دوراً كبيراً في إنهاء الإضراب الفلسطيني الذي حدث في ثلاثينيات القرن الماضي، من خلال النداء الذي وجهه الى الفلسطينيين لفك الإضراب والعودة إلى الحياة الطبيعية في فلسطين.. كما شاركت المملكة العربية السعودية وإمارة شرقي الأردن في تأسيس الجامعة العربية، وكانت من الدول السبع التي وقَّعت على برتوكول الإسكندرية.. لذا نرى أن الدولتين كانتا تسعيان إلى التعاون والتكاتف العربي.. وعندما حصلت شرقي الأردن على استقلالها في 25 أيار عام 1946 بعث الملك عبد العزيز ببرقية تهنئة إلى الملك عبد الله الأول.

وفي حزيران - تموز عام 1948م زار الملك عبد الله الأول الرياض، وكان يتطلع لهذه الزيارة منذ زمن بعيد، وقد لقي الملك عبد الله حفاوة كبيرة من لدن الملك عبد العزيز وقد استمرت الزيارة ثلاثة أيام تبادل الملكان خلالها الأحاديث والآراء حول قضايا العرب ومستقبل الصراع في فلسطين.

وقد عبَّر البيان الختامي عن الرغبة في توثيق عرى العلاقات، وعن اتفاقهما في الغاية والهدف، وفي تأييدهما للجامعة العربية.

وقد وصف الملك عبد الله الأول الملك عبد العزيز بقوله: «فأنا أقرّ بأنّ جلالته من دهاة العرب في العصر الحاضر، حلو المعشر، أصحل الصوت، لطيف الكلمات والجمل، وهو سعيد النزل، ومكرم الضيف رزقه الله من البنين والحفدة، ومهّد له كل ما أراد.....».. وقد نتج عن تلك الزيارة أن تبادل الطرفان التمثيل الدبلوماسي.

وبعد أن تولى الملك طلال الحكم في الأردن، سعى إلى تمتين العلاقات مع السعودية، وكانت أول زيارة له خارجية إلى المملكة العربية السعودية.. وتابع الملك الحسين نهج جده ووالده في تعميق العلاقات الثنائية، وعلى إثر توليته سلطاته الدستورية شاركت السعودية بوفد رسمي كبير ترأسه الأمير مشعل للاحتفال بتتويج الملك الحسين، وتبع ذلك زيارة ولي العهد السعودي الأمير سعود لعمّان لتقديم التهاني باعتلاء الملك الحسين سلطاته الدستورية.

وكانت أول زيارة قام بها الملك الحسين خارج مملكته إلى الرياض للقاء الملك عبد العزيز.. ولعل السبب الأساس في تلك الزيارة كان للتحالف معه، لما يمثله الملك عبد العزيز من خبرة وقوة كبيرة، وقد كان الأردن بحاجة لمثل هذا التحالف.

مواقف المملكة العربية السعودية مواقف ثابتة وراسخة تجاه الأردن، فالسعودية هي الدولة العربية الوحيدة التي وفت بالتزاماتها تجاه الأردن عقب إنهاء المعاهدة الأردنية - البريطانية عام 1957م، وتوقيع اتفاقية المعونة العربية. وكان للبلدين مواقف متطابقة في الكثير من الأزمات التي عصفت بالمنطقة العربية في النصف الثاني من القرن العشرين، فقد اشتركت القوات الأردنية والسعودية في تثبيت الأمن والنظام إثر اندلاع الأزمة العراقية الكويتية عام 1961م في الكويت، وشارك الجندي الأردني مع الجندي السعودي، جنباً إلى حنب، في الدفاع عن حدود المملكة العربية السعودية الجنوبية في العام 1962م بعد الأزمة اليمنية، وكان التنسيق الأردني والسعودي على درجة عالية من التطابق والترابط في وجهات النظر.. تجاوب الأردن بقوة مع دعوة الملك فيصل للتضامن الإسلامي، وكان للأردن دور كبير في هذا الأمر، ونتيجة لهذا التطابق فقد قام الملك فيصل بزيارة للأردن في العام 1966م، تجول في ربوع الأردن وزار المسجد الأقصى المبارك. وعبّر البيان الختامي عن التطابق في وجهات النظر والمصير المشترك، وقد نتج عن تلك الزيارة أن رسمت الحدود الأردنية السعودية بشكل كامل، وسمحت السعودية للصيادين الأردنيين بدخول المياه الإقليمية السعودية للصيد فيها.

رابطت القوات السعودية جنباً إلى جنب مع القوات الأردنية على الأراضي الأردنية، فقد دخلت القوات السعودية على إثر العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، ودخلت مرة أخرى في الحرب العربية الإسرائيلية الثالثة عام 1967م، وبقيت مرابطة في الأراضي الأردنية على خطوط الدفاع الأولى إلى العام 1975م، وقد انطلقت القوات السعودية من الأراضي الأردنية في العام 1973 للمشاركة في الحرب العربية الإسرائيلية الرابعة، وبعد انتهاء الأعمال الحربية في الجبهة السورية عادت لترابط على الأراضي الأردنية.. وكان الجندي السعودي مثالاً للجندي العربي الأصيل الحرّ الذي يطلب إحدى الحسنيين إمّا النصر أو الشهادة.

مواقف الملك خالد والملك فهد مواقف راسخة وثابتة تجاه الأردن، فقد التزمت المملكة العربية السعودية، عقب مؤتمر بغداد عام 1979، بتقديم مساعدات للأردن بعد أن أقرّ العرب في هذا المؤتمر تقديم الدعم والمساندة لها، ولم تتوقف تلك المساعدات طوال تلك المدة، على الرغم من كل الظروف السياسية الصعبة التي عصفت بالمنطقة. تجاوب الأردن مع دعوة الأمير الملك فهد للسلام في العام 1981م، مثلما تجاوب مع دعوة الأمير الملك عبد الله للسلام في العام 2001، في قمة بيروت وأصبحت تلك المبادرة محوراً للدبلوماسية الأردنية، كما أنها محور للدبلوماسية العربية من أجل حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي على أساس من العدل والحق.. وهذا مما يدلل على عمق العلاقات الثنائية والتطابق في وجهات النظر، ووحدة الرأي لحل الأزمات العربية - العربية، والعربية - والدولية. كان لوصول خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى السلطة في المملكة لحظة تحول تاريخية في العلاقات الثنائية إذ إن خادم الحرمين الشريفين يكن للأردن مشاعر دافئة، ويقول المقربون منه إنها تعبير عن روح قومية تتملَّكه وتقدير خاص لموقف الأردن الحساس وأهميته في المنطقة.. ولخادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز مواقف كبيرة وواضحة تجاه الأردن، فيوم رحيل المغفور له الملك الحسين بن طلال كان أول من وصل للأردن لمواساة الأسرة المالكة والشعب الأردني برحيل فقيدهم الكبير، ويومها أحاط جلالته الملك عبد الله الثاني بمشاعر وديّة، وتعهد بدعم الأردن لتجاوز المرحلة الانتقالية.. وبالفعل تحقق ما سعى له خادم الحرمين الشريفين للأردن.. كما شهدت العلاقات الأردنية السعودية نقلة نوعية في عهد خادم الحرمين الشريفين، وتتجه نحو التكامل في مختلف المجالات.

سجلت الزيارات المتبادلة بين القيادتين الأردنية والسعودية في عهدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والملك عبد الله الثاني أعلى نسبة من الزيارات والمقابلات بين القيادتين، وتدل تلك الزيارات على الدرجة العالية من التطابق والتشاور في الآراء وتوحيد المواقف على المستويين العربي والدولي، والمواقف الأردنية والسعودية دوماً متطابقة.

وكان للزيارة التاريخية التي شرّف فيها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد العزيز إلى عمّان في حزيران من عام 2007م، وقعٌ كبير من لدن القيادة والشعب الأردني، وقد عكس الاستقبال التاريخي الذي جرى لخادم الحرمين الشريفين في عمّان، حيث ازدانت عمان بالأعلام الأردنية والسعودية وصور الملكين، وتجمعت أعداد غفيرة من المواطنين على طول الطريق التي سلكها الموكب الكبير، وعاشت عمان أحلى أعراسها الوطنية والقومية، وكان الاستقبال عفوياً، حتى إن كبار السن، والنساء والأطفال تواجدوا على طول الطريق الذي سلكه موكب القائدين وهم يلوّحون بالأعلام الأردنية والسعودية.

وفي نهاية زيارة الضيف الكبير تمّ الإعلان عن إقامة مدينة سكنية بالقرب من مدينة الزرقاء أُطلق عليها اسم مدينة الملك عبد الله بن عبد العزيز بواقع 70 ألف وحدة سكنية يستفيد منها 370 ألف مواطن.. وما زالت مواقف خادم الحرمين الشريفين ثابتة وراسخة بدعم الأردن.

ونختتم حديثنا عن العلاقات الأردنية - السعودية بما وصف به الملك عبد الله بن عبد العزيز العلاقة التي تربطه بجلالة الملك عبد الله الثاني، والعلاقة بين الشعبين الأردني والسعودي قبيل زيارته لعمّان بقوله: «تربطني بأخي جلالة الملك عبد الله الثاني علاقات أخوية قوية قائمة على المحبة والثقة المتبادلة والاتصال والتشاور بيني وبين جلالته قائم ومستمر، هدفه مصلحة الشعبين السعودي والأردني ومصالح الأمة العربية.. أمّا العلاقة بين الشعبين السعودي والأردني فيطول الحديث عن عمقها ومتانتها، لأنها قائمة على القربى والجوار والدين والمصير المشترك، ولذلك فلا غرابة في أن تجد هذا القرب وهذه الحرارة في الروابط بين قيادتي وشعبي البلدين».

ففي مثل هدا اليوم لا يسعنى إلا أن نرفع لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أجمل آيات التهنئة والتبريك بهده المناسبة العزيزة على قلب كل عربي حر، ونحن نرى بخادم الحرمين قائداً عربياً مميزاً وزعيماً من زعماء الأمة الذين يحرصون على أمن واستقرار هذا الوطن العزيز، والحريص دوماً على تنقية الأجواء العربية.

د. فتحي محمد درادكة - أستاد التاريخ الحديث والمعاصر - جامعة الملك فيصل بالأحساء

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة