Friday 15/11/2013 Issue 15023 الجمعة 11 محرم 1435 العدد
15-11-2013

«نو ومن نو درايف» انطلاقة جديدة لفن الفيديو

أثار مقطع مجموعة تلفاز 11 (No Woman No Drive) لكل من فناني اليوتيوب هشام فقيه - الذي عرَّف عن نفسه في العمل على أنه فنان - وفهد البتيري والموسيقي السعودي المولد والنشأة علاء وردي، أثار ضجة عالمية بسبب نوع العمل وموضوعه وهو (قيادة المرأة للسيارة) وتجاوز عدد المشاهدات للعمل حتى تاريخ كتابة المقال 10 ملايين!، وهي كما ذكر هشام في المقدمة (نسخة) تم توطينها مقتبسة من أغنية المغني البريطاني الأب والجاميكي الأم والمولد والنشأة (بوب مارلي 1945-1981م) الشهيرة (No Woman No Cry) ضمن موسيقى ما يُسمى (الريغي) التي اكتسحت في السبعينيات الميلادية من القرن الماضي، بعد فترة وجيزة من ظهور فن البوب آرت الذي تحدثت عنه خلال 3 مقالات ماضية، وفي الفترة التي خرجت فيها أمريكا من الستينيات المليئة بالعديد من المتغيرات التي ساهمت أيضاً في انتشار هذا النوع من الموسيقى في تلك الفترة. لن أتحدث عن تاريخ الموسيقى والفن عموماً في أمريكا، لكن سأتناول 3 نقاط في هذا الموضوع، النقطة الأولى تشابه السعودية اليوم بعد الانفتاح (المعلوماتي) في بعض المؤثرات مع الثقافة الأمريكية فترة الستينيات والسبعينيات الميلادية من القرن الماضي، والتي ذكرت جانباً منها من خلال تأثيرها على فن البوب آرت، ليأتي هذا العمل (السعودي) اليوتيوبي ليؤكد هذه العلاقة والتأثير الذي تأخر عن مصدره عدة عقود.

والنقطة الثانية والأهم هي ملاحظة التحول (الفني الفكري) في مجموعة فناني اليوتيوب و(تلفاز 11) تحديداً في صورة وشكل المنتج الفني من مقطع يوتيوبي إلى عمل فني معاصر (فن فيديو)، هذا التأثر والتحول ربما أتى بعد حضورهم بينالي البندقية الأخير مع عبد الناصر غارم (أمين) ومجموعة حافة الصحراء، كتواجد سعودي فني (ثقافي) متنوع المشارب، نتج عن تعاون استفاد منه (أمين) بالانتشار من خلال تلفاز 11 بينما استفادت مجموعة (تلفاز 11) بالاحتكاك وفرصة النمو والتتغيير من منتج (ترفيهي) إلى منتج (ثقافي) يُعرض في محافل عالمية لها صدى عميق تاريخياً.

خرج عمل (نو ومن نو درايف) عن النمطية لمقاطع المجموعة بالتعاون الذكي مع علاء وردي في استخدامه للمؤثرات الصوتية بأسلوب موسيقي يتناغم أو قد يتقاطع مع مفهوم (تحريم) سماع الموسيقى، كما تميز العمل باستخدام عناصر متعددة لها دلالات وإشارات فكرية عميقة لارتباطها بشخص (مارلي) ونضاله السياسي ومشاركته في الحراك ضد التمييز العنصري في أمريكا في ذلك الحين، وفوق ذلك التهكم في كلمات الأغنية (المقلدة) مقارنة بالأغنية الأصلية التي تدعم حقوق المرأة ونضالها (كامرأة)!.

النقطة الثالثة والأخيرة هي أسلوب التعلُّم للفنان السعودي في ظل غياب تعليم فني نظامي مناسب مع ثقافتنا، فلا شك أن العمل (نو ومن نو درايف) اتخذ طابع التقليد أو النسخ من النموذج الغربي المتقن والناجح، يُذكّرني بدروس الرسم والتصوير التي تعتمد على تعليم الطالب النقل من أعمال الفنانين العالميين الشهيرة كأسلوب تعليمي له مؤيدوه في عالم الفنون حتى اليوم، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن الفنان السعودي في مجالات الفنون البصرية المختلفة لديه الاستعداد والرغبة والموهبة الفنية ويحاول التميز فنياً، لكن غياب الحد الأدنى لمفاهيم الفنون المعاصرة في البيت والمدرسة جعل منه طالباً ممارساً في مدرسة الحياة، يتعلم من المصادر (المفتوحة) التي يجدها ويعرض أمام المجتمع للتحكيم علّه يجتاز الحكم الأول (المجتمع) ويرضى عنه الحكم الثاني (الإعلام الغربي) الذي ساهم في نشر هذا المنتج الفني السعودي (الجديد) بدليل أن العديد من أصدقائي الأجانب أرسلوا لي المقطع وسألوني عن موضوع (المبايض) وردة الفعل تجاه القول بعلاقتها بقيادة السيارة!.. وأختم بالقول: السنوات القليلة القادمة مليئة بالمفاجآت (الفنية).

msenan@yahoo.com

twitter @Maha_alSenan **** Maha Alsenan Ph,D - أكاديمية وفنانة تشكيلية

مقالات أخرى للكاتب