Friday 15/11/2013 Issue 15023 الجمعة 11 محرم 1435 العدد

حفلات الزواجات ومصروفاتها الجانبية

عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف

ما من شك أن ولائم الزواجات من الأشياء المحمودة التي حث عليها سيد المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: (أولم ولو بشاة) ففي ذلك إظهار للفرح وإعلام بالزواج، ودفعاً لشبهة الرضاعة بين الزوجين.. ولكن المشاهد الآن في هذا الزمن المبالغة فيما يقدم من أطعمة ومأكولات قد يصل بعضها إلى حد الإسراف الباذخ.. لأن في ذلك هدر للنعمة وأثقالاً مادياً على أصحاب الشأن.. كما يتبع ذلك أشياء أخرى من أطباق الحلوى وعصيرات مكلفة الثمن، ويلحق بذلك ما يسمى بـ (البوفيهات المفتوحة)، ولقد سبق أن كتبت مقالين في عامي 1425هـ وعام 1431هـ في هذا الموضوع نفسه.. فلو تركت تلك الكماليات المكلفة التي لا يودّها الحضور، وأقْتُصِر على تقديم الأكل في صحون صغيرة الحجم عليها ما يناسب من الطعام لكان أفضل وأوفر حفاظاً على النعمة التي أنعم الله بها على أبناء هذا الوطن -أدام الله أمنه ورخاءه في ظل حكومتنا الحبيبة إلى قلوبنا- كذلك استبعاد العرضات وقرع الطبول الصاخبة التي تصم الأذان وتنفر الكثير مما يضطرهم إلى الخروج من المكان، وإذا لم يكن بداً منها تكون بعد تناول العشاء، لأن في ذلك تكديراً لصفو الاحتفالات وأجوائها، بل إن الأولى أن يترك قرع الدفوف لشقائق الرجال ودون إزعاج ولا رفع أصوات.

لا خير في الإفراط والتفريط

كلاهما عندي من التقصير

ومن الشواهد والأمثلة على التواضع وعدم الإسراف والشواهد في ذلك كثيرة أني حضرت يوماً حفل زواج إحدى كريمات الشيخ صالح الراجحي -رحمه الله- منذ عقود من الزمن على الشاب الأديب سعود بن عبدالله العمران في قصره الواقع على شارع الأمير أحمد بن عبدالعزيز بحي الملك فهد شمال مدينة الرياض، وكان الحفل متواضعاً جداً وبإمكان الشيخ صالح أن يضع على كل «صينية» جملاً ولكن تقديره لنعمة الخالق الرازق جعلها وليمة متواضعة في صحون صغيرة وفوق كل واحده منها كيلو لحم وشطر دجاجة، وبجانبها شيء من الفواكه، فأنس الحضور بما قُدم ودعوا له بدوام التوفيق وبالبركة في عمره وفي ماله، فيا ليت كل صاحب مناسبة يقتصد كي يكون قدوة حسنة للجميع.. فمحبة الشيخ صالح ساكنة في قلوب محبيه وعارفيه، ولقد أجاد الشاعر التنوخي حيث يقول:

كأنك من كل النفوس مركب

فأنت إلى كل الأنام حبيبُ

وربما كانت المبالغة في ولائم حفلات المناسبات وحفلات الزواجات سبباً في ارتفاع قيمة الإبل والأغنام ارتفاعاً ملحوظاً.. فالتبسط والتوسط في الأمور والمهور كلها من علامات التوفيق والبركة، ومما يجدر الإشارة إليه من هذا المقام أنه لو ذكر في بطاقات الدعوة تحديد الوقت للاستقبال ولتقديم العشاء، فمثلاً يكون الاستقبال للسلام والتهنئة يبدأ من بعد صلاة المغرب وانصراف من يرغب، ثم يقدم طعام العشاء قبل العاشرة لمن يبقى مراعياً في ذلك العدد المحدود للباقين، ففي ذلك ضرب من الاقتصاد وتسهيل لمن يحضر مبكراً مهنئاً ومباركاً.. ومما يلاحظ في ذلك السهر الطويل للنساء فمما يقترح في هذا المجال أن يؤكد على النساء بالانصراف قبل الحادية عشر وعدم إحضار بعض المأكولات الشعبية المؤدية للإسراف، قال الله في محكم الكتاب العزيز: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ}الآية.، كما أتمنى من بعض العرائس أن لا تباهي باختيار الفنادق أو قاعات الاحتفالات عالية التكاليف.. فإن القصد في الأمور أحرى بدوام التوافق بين الزوجين.. وقد قيل: جودة الكفن لا تنفع إذا لم يرحل صاحبه بزاد من التقى.

وختاماً

أرجو لكل الأزواج حياة سعيدة تظللها أجنحة السعادة والمسرات وصلاح العَقب.