Sunday 17/11/2013 Issue 15025 الأحد 13 محرم 1435 العدد
17-11-2013

التقنية اليابانية أقدم مما نظن!

قبل قرابة ألف سنة حَكَمَ اليابانَ طائفة من الزعماء العسكريين، يسمّى الواحد منهم «شَوغَن». ورغم أن اليابان رسمياً كان لها إمبراطور يعيِّن هؤلاء القادة إلا أن الواحد منهم كان هو الحاكم الفعلي لليابان، وتوارثوا الحكم مئات السنين من عام 1192م إلى 1867م. كان للشوغن سلطة تامة، وكانوا يصنعون القلاع الرفيعة والحصون المنيعة، ويعيشون فيها، ومِن أعجَبِها قلعة نيجو في مدينة كيوتو التي سكنها الشوغن توكوغاوا إيميتسو في القرن السابع عشر، وتوفي عام 1651م، وله الفضل في طرد الأوروبيين الذين انقضّوا على اليابان لتنصيرها كما فعلوا في الكثير من بقاع العالم، وكان قائداً صارماً شديداً، ولعل هذا ما دعاه إلى أن يعيش في تلك القلعة الحصينة التي تبلغ مساحتها 275 ألف متر مربع، أكثرها مساحات مفتوحة وحدائق، ومساحة المباني فيها 8 آلاف متر مربع. أمَرَ الشوغن عام 1601م ببناء هذه القلعة، وانتهى البناء عام 1626م.

أُحيطت القلعة بخندقٍ مُليء ماءً، ولها سورٌ خارجي له ثلاث بوابات، ثم سور داخلي له بوابتان، والمبنى الرئيسي في القلعة هو قصر نينومارو المكون من خمس بنايات، أُنشِئَت من شجرة يابانية خاصة، وطُعِّمَ القصر بصفائح الذهب والخشب المنقوش، وهي مناظر أُريد منها إدهاش الزائرين بأبّهة وسلطان الشوغن الذي يحوي قصره أبواباً تنزلق أفقياً، زُيِّنت بلوحات فنية بديعة. فأما الزوّار إذا لم يكن لهم أهمية عالية فكانوا لا يرون إلا المنطقة الخارجية، وأما ذوو النفوذ فكان يُسمَح لهم برؤية داخل القصر لإبهارهم وإظهار قوة الشوغن. غير أن أعجب ما في القصر هو منطقة تسمّى «أراضي العندليب»، وهي منطقة في القصر صُمِّمَت تصميماً غريباً ونافعاً في الوقت نفسه؛ ذلك أن المدينة كانت تحوي طيور العندليب التي اعتاد الناس على سماع أصواتها، وتلك المنطقة من القصر كانت تؤدي لغرف الشوغن الذي كان - بلا شك - هدفاً لمن يريدون اغتياله من الأعداء، سواء أعداء من خارج اليابان أو من داخلها؛ لذلك بنى البانون تلك المنطقة الخشبية؛ لتُصدر صوتاً إذا مشى عليها شخص لينتبه الحراس أن هناك من دخل المكان ناوياً الشر بالشوغن. والغريب أن الصوت ليس مجرد قعقعة أو تكسير، وإنما صُمِّم بطريقة خاصة؛ إذ يشبه صوت المشي عليه صوت طيور العندليب! هكذا لا ينتبه الذي يريد اغتيال الشوغن أنه أصدر صوتاً نبّه الحراس، ويظن أن الصوت ليس إلا صوت طيور العندليب في الخارج، فيكمل مشيه حاملاً سيفه وقاصداً غرفة نوم الشوغن، غير أن الحراس يكونون قد انتبهوا وينقضون عليه من أبواب سرية مخبأة في الجدران!

Twitter: @i_alammar

مقالات أخرى للكاتب