Sunday 17/11/2013 Issue 15025 الأحد 13 محرم 1435 العدد

مشاهد تجسِّد واقعنا الحالي

عبدالعزيز صالح الصالح

لعل ما أذكره من مشاهد وصور تجسِّد واقعنا الحالي تعتبر من نافلة القول وأغربه فهي محط إعجاب وتفكر وتأمل فالحديث عما ينتاب المرء في هذه الحياة من مشاكل ومصائب ومصاعب ونكد وعناء لا حدود لها. فقد تكون هذه الأمور متعدِّدة المهام ومتنوِّعة الأفعال يقوم بها أفراد من أجل بث الفرقة ونشر الخلافات والمنازعات والتقليل من أعمال الآخرين بشتَّى أبجديات الحقد والحسد والكراهية والبغضاء ومن الأمور التي تصعب على المرء من تشخيص هذه المشاكل التي تغوص داخل أفئدة هؤلاء حتى يتمكن من معرفة كافة الحقائق الخفية المستترة التي تتوارى خلفه بمشاهد مثلى قد تبدو له ولكن في الحقيقة تبقى بعيدة كل البعد.. قد تكون هذه المشاهد التي تنظر إليها كل وقت وحين تكشف لك ما تراه بأم عينيك.. وتستطيع من خلال ما تراه قراءة لغة الجسد التي تكشف كافة الحقائق بأي شكل من الأشكال فإنك تشاهد المهمش وترى صاحب النظرات الدونية وصاحب المصافحة السطحية وصاحب الابتسامة الصفراء وصاحب العناق المقصى وصاحب الحديث السيئ فقد قال الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه الكريم ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) سُورة الحجرات آية (11)، وقال نبي الأمَّة المحَّمديَّة صلوات الله وسلامه عليه (لاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ) متفق عليه.

وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم «لا تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لأَخِيكَ فَيَرْحَمَهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيكَ» (رواه الترمذي) وقال حديثٌ حسنٌ.

قال الشاعر الحكيم:

إن العيون على القلوب شواهد

فبغيضها لك بيِّن وحبيبها

وإذا تلاحظت العيون تفاوضت

وتحدثت عمّا تجنّ قلوبها

ينطقن والأفواه صامته

يخفى عليك بريئها ومريبها

حيث يغرق المرء في همومه اليوميَّة ومصاعبه الحياتية ومتاعبها ومنغصاتها المؤلمة وتجعله يتأمل ويتفكر في ملامح هذه الوجوه التي تقابله وتحادثه في أوقات مختلفة وفي مناسبات متباعدة وفي أماكن متعدِّدة تخرج هذه العلامات على السطح من خلال هذه الملامح وهذه الاستنباطات.. فإن هذه الأمور سالفة الذكر تجعل الإنسان في حيرة من أمره من البحث والترقب والتقصي عن الإجابة التي تجعله يصل إلى الحقيقة المرجوة بأيسر الطرق وأسهلها فإن مرارة السُّؤال وقسوته لا تزال غارقة وحائرة في الذهن بين الضجر والصخب الذي يسكن الأفئدة بدون جواز سفر أو تذكرة دخول أو عبور فإن المرء... يشاهد هذه الصور غير الحضارية مع البعض من البشر التي لا تغيب وهذه السلوكيات غير الحضارية التي تنمُّ عن حالات يعيشها هؤلاء وتجعلهم في بوتقة غير واضحة المعالم والأهداف والغايات. ولو أبحر المرء قليلاً في تفاصيل هذه الأسس لعله يجد طريقاً أو مختصراً يختصر به المسافات التي تجعله يصل إلى المياه الراكدة ويحركها بقاربه الصغير الذي يمتطيه ويطرق كافة الأبواب التي يريد الوصول إليها بدون خوف أو عناء أو ريبة حتى يكتشف كافة الملامح والوجوه التي تستتر خلف الذرائع والمبررات البعيدة كل بالبعد عن الحقائق.

فهذه المشاهد وهذه الصور تجسِّد مع الأسف الشديد واقعنا الحالي الذي نعيشه مهما تباكينا ومهما ندمنا ومهما ندبنا حظنا على أفعالنا وأقوالنا التي تفقدنا أواصر عرى المحبة والمودة كما قال الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه الكريم {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} سورة الحج آية (38) وقال تعالى {إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ} سورة الأنفال آية (58).

والله الموفق والمعين.

- الرياض