Monday 18/11/2013 Issue 15026 الأثنين 14 محرم 1435 العدد
18-11-2013

عندما تخطئ المرأة

عندما تتعرض الفتيات للتحرش، يسارع بعض المعلقين عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية إلى إلقاء اللوم على الفتيات، واتهامهن بأنهن يقمن بإغواء الرجال!!

بعض التعليقات حاد وظالم ومتسرع ولا يقوم على معلومة دقيقة أو حتى شبه دقيقة، فيكفي أن تخرج المرأة من بيتها إلى الشارع أو إلى الأسواق لكي تكون متهمة بأنها هي من يغوي الرجال!

أما عندما تتعرض الفتاة لـ»التغرير»، وتنساق خلف أكاذيب وحبائل بعض الذكور المحترفين، فهي ليست متهمة فقط بل مدانة بغض النظر عن ظروفها وعن الملابسات التي أوقعتها في حبائل أولئك المحترفين!!

ليس أمامي دراسات اجتماعية أستند إليها، لكنني أعتقد أن معظم الفتيات في مجتمعنا السعودي يفتقرن إلى المهارات الاجتماعية التي تمكنهن من معرفة ما يدور في «عالم الذكور»، ومعظمهم ربما يكن أقرب إلى البراءة من الناحية الفعلية حتى مع المعرفة النظرية المجردة، وهن يعتقدن أن الشرور التي يقرأن ويسمعن عنها تحدث لنساء أخريات في ظروف مختلفة عن ظروفهن ولا يتصورن أن تلك الشرور يمكن أن تحدث لهن! وهذه من طبائع البشر، فنحن نعرف أننا -بوصفنا بشراً- معرضون لمخاطر حياتية كثيرة وقعت لأشخاص آخرين لكننا نستبعد أن تقع لنا.

إن الفتاة قد تتصرف ببراءة أو عن جهل لأنها تعيش في عالم آخر منعزل، فهي لا تعرف كيف يفكر بعض الذكور في مجتمعنا، وقد تقودها براءتها إلى الوقوع ضحية لاستغلال شخص أحسنت به الظن، في إطار تعامل حياتي إنساني عادي، يمكن أن يحدث بين أي شخصين، بغض النظر عن جنسهما، مثلما هي الحال بين مريضة وطبيب، أو زبونة وبائع، أو أي تعامل تفرضه الظروف الحياتية.

وعندما يتسلل الذكر بروح اللص، مستغلاً ظروف الفتاة وهو يُبَيِّتْ النية السيئة، ويتحول التعامل الحياتي العادي إلى علاقة أخرى، ترتفع الأصوات التي تدين الفتاة وحدها، وترى أن تصرف الذكر طبيعي لأن الفتاة هي التي وضعت نفسها في مواضع الشبهة والخطر!

كل من يرتكب الخطأ مدان، ولكن بحجم خطئه بعيداً عن الأحكام المسبقة الجاهزة. عندما تخطئ الفتاة تتحمل خطأها، وعندما يخطئ الرجل يتحمل خطأه. أما تحميل الفتاة الخطأ وحدها، رغم ما نعرفه من ظروف التهميش الاجتماعي الذي تعاني منه، الذي قد يحرمها -أحياناً- من إتقان مهارات التعامل مع محيطها، فهو ظلم إضافي تتعرض له المرأة بشكل تمييزي.

alhumaidak@gmail.com

ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب