Wednesday 27/11/2013 Issue 15035 الاربعاء 23 محرم 1435 العدد
27-11-2013

ما معنى جامعة بالمفهوم العلمي العالمي؟

قرأت عدة مرات مقالا ً للتربوي الصديق الدكتور أحمد العيسى في جريدة الحياة ليوم الإثنين 18-11-2013 م بعنوان: لماذا نطالب باستقلالية الجامعات السعودية ؟ . في ذلك المقال يطالب الدكتور العيسى بنظام جديد للتعليم العالي، غير ذلك الذي صدر عام 1414 هـ.

يطالب الدكتور أحمد بشكل أدق بمنح الجامعات السعودية كلها استقلالية حقيقية عن كل السلطات خارج الجامعة.

تفصيلات التبرير لمطالبته توجب الرجوع إلى مقاله ولا يمكن إيرادها هنا باقتضاب تفاديا ً للإنتقاص من المحتوى.

في نظري، الجزئية الأكثر أهمية في المقال تتناول مقارنة ما يحدث في الجامعات السعودية، مع ما يحدث على الساحة الدولية في الجامعات الأخرى، وكيف يتم التعامل هنا وهناك مع الأهداف الأساسية للتعليم الأكاديمي الحر، وتقدير أهميته في تنمية العقول والقدرات والإمكانيات النهضوية الوطنية.

سوف أغادر اهتمامات الدكتور العيسى، وأبقى مؤيدا ً لما طلبه أشد التأييد، من خلال الدخول مع القراء في نقاش حول المعنى أو المحتوى الحقيقي لمصطلح جامعة، أو تعليم جامعي أو مؤسسات علمية أكاديمية.

عندما يغادر الطالب التعليم الثانوي ويتم قبوله في الحرم الجامعي ( الكامبوس ) يفهم ذلك أكاديميا ً على أنه أصبح يمتلك العقل المستقل للدخول في نقاش مع ما يتعلمه في وسطه العلمي الجديد، ليس لكي يحفظه وينجح في نهاية السنة، وإنما لكي يهضمه ويستعرضه تفصيليا ً وينتقده إيجابا ً وسلبا ً، ويحذف منه ويضيف إليه ويجدد فيه.

مفردة « جامعة « لها معنى خاص بها، يكاد لا يفهمه عندنا ( وربما في العالم العربي بكامله ) حتى أكثر الأكاديميين الذين يمارسون التعليم في الجامعات.

عندما يعتقد الأستاذ الجامعي أن مهمته في طلب العلم انتهت وبدأت المرحلة التي يعيد فيها ما تعلمه للطلاب، قل حينئذ على الجامعة التي تقبله أستاذا ً، وعلى الأستاذ نفسه، السلام عليكم دار قوم مؤمنين.

المرادف لكلمة جامعة في العالم هو ( University )، أي المكان الذي يهتم بشؤون الكون (Universe) بحيادية علمية مطلقة، لا تعرف سوى حدود الإلتزام بمصلحة الإنسان الكائن داخل الكون، لمحاولة فهمه وتفكيك أسراره والاستفادة منها للمحافظة على الإنسان وكل ما يحيط به في الكون الصغير ( Micro Cosmos )، والكون اللامحدود ( Macro Cosmos ).

من هنا وبشكل مبكر ومبدئي، نستطيع أن نتعرف على الخلل البنيوي اللغوي في استعمال المفردة العربية « جامعة « مقابل مفردة « University» .

قد يكون هذا الاختيار اللغوي مقصودا ً لأسباب سياسية واجتماعية في العقل العربي الباطن، لأن الدلالة في كلمة جامعة توحي بأنه المكان الذي يجتمع فيه الطلاب وتسهل مراقبته، وهذه دلالة مكانية مجرده لا توحي بالهدف العلمي المستبطن في مفردة University، وهي اللامحدودية.

عندما كان العلم عند العرب حرا ً ومستقلا ً قبل ألف عام، كانت المؤسسة العلمية المتميزة تسمى دار العلوم أو دار الحكمة أو دار المعارف.

الآن قس هذه المسميات بما تعنيه مقابل ما تعنيه كلمة جامعة.

المجهود العلمي الصرف بقصد استكشاف الأسرار العلمية التي خلق الله عليها الكون بما فيه، لا تتقيد في الأكاديميات العالمية الحرة سوى بالتزام الأخلاق المحددة لصالح الحياة ودفع الضرر.

هذا المفهوم يحتوي ضمنا ً التزام الإبتعاد عن الغيبيات والماورائيات، لأن هذه المفاهيم غير قابلة للتصنيف والقياس بالمعايير المادية.

أطالب مع الدكتور أحمد العيسى بتطبيق استقلالية الجامعات السعودية، وليكن في البداية كمنهج دراسي في جميع الكليات كخطوة أولى، لعله ينبني عليه أداء علمي أفضل في مستقبل الجامعات السعودية.

- الرياض

مقالات أخرى للكاتب