Sunday 01/12/2013 Issue 15039 الأحد 27 محرم 1435 العدد
01-12-2013

دعوة لليقظة

الإيقاع المتسارع لوتيرة التغيرات في مجتمعاتنا، يحتاج إلى ذهن متفتح وعيون يقظة وإبداع متجدد لتحقيق المعادلة الصعبة بالموازنة بين الإبقاء على هوية وأصالة تلك المجتمعات من ناحية وإعدادها لمواجهة تحديات عالم متغير من جهة أخرى، بالتعاطي اليقظ والهادف مع معطيات هذا العالم فرزًا وانتقاء واستفادة وتحييداً.

هذه المهمة الصعبة لا تناط بدولة أو حكومة بل هي موزعة على وحدات المجتمع كافة من الوالدين في منزلهما إلى أعلى مؤسسات المجتمع.

الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) هي المثال الأبرز لهذه المعطيات على المستوى التقني، فقد أضحت واقعًا لا يصلح الرفض سلاحًا لمجابهة ما يحمله من مخاطر، فهو سلاح -إن تصورنا نجاعته- يرحمنا من وسيلة مثلى لخدمة كثير من أهدافنا المعرفية والدعوية والإعلامية، ومن هنا يبرز دور الأفراد والمؤسسات في ترشيد استخدام مثل هذه الوسيلة، وتقع المسؤولية الكبرى على الوالدين في هذا الصدد.

وعلى الصعيد الاجتماعي أضحت الخادمة جزءاً من النسيج الاجتماعي لملايين الأسر، مما ولّد واقعًا اجتماعيًا غير مسبوق، فالظاهرة التي تضخمت حجمًا وآثارًا وتغلغلاً في المجتمع تجاوزت التحفظات الشرعية على بعض أبعادها كاستقدام خادمة ليست مسلمة أو بلا محرم، لذا فإن العلاج الشرعي هو الحل الجذري من وجهة نظري, فبعض العائلات أخذت زمام المبادرة واختارت العلاج الجذري بالاستغناء عن الخادمة، وبعضها اختار أسلوب «أخف الضررين» بالتقليل من الآثار السلبية لوجودها وذلك بعملها لمدة أيام معينة من الشهر.

النظرة المتأملة لما يواجهنا من تغيرات وتحديات تؤكد أنها قائمة على سنة التحدي/ الاستجابة، فما من تحد يظهر في الحياة، إلا وقد وفّر الله لمن يواجهه مقومات الاستجابة والمواجهة. وتكمن العبقرية في التوصل إلى هذه المقومات وحسن استخدامها، ينطبق ذلك على الفرد كما على الأمة، بل إن المؤرخ البريطاني الأشهر «آرنولدتوينبي» اتخذ من تلك السنة نظرية في تفسير صعود الأمم وهبوطها، فعلى قد قدراتها وإبداعها وإتقانها في مواجهة تحدياتها تصعد الأمم، وهكذا يمكن أن نحول ما يواجهنا من تحديات إلى بواعث للنهضة بدلاً من الهلع منها أو الهروب من مواجهتها.

التطورات والتغيَّرات تمطر مجتمعاتنا بوابل من التحديات لا يمكن تجنبها، ولا يكفي مجرد متابعتها من بعيد، فهي تؤثر فينا وإنّ كنا في مضاجعنا.

wafa-n-alajami@hotmail.com

- أكاديمية بمدينة الملك عبدالله للطالبات واستشارية أسرية وتربوية

مقالات أخرى للكاتب