Tuesday 03/12/2013 Issue 15041 الثلاثاء 29 محرم 1435 العدد

بعد أن ساهم الخليجيون في نشر الصرافة الإسلامية في أصقاع القارة السمراء

العرب والأفارقة يتطلعون لمرحلة «ما وراء الوعود» وتحقيق التكامل الاقتصادي عبر الأمن الغذائي

الجزيرة - الرياض:

بدأت الروابط العربية مع القارة الإفريقية في الانتشار في فترة الحاكم العادل «النجاشي».

ومنذ احتضانه للمهاجرين من جزيرة العرب، بدأت الروابط الاقتصادية مع القارة السمراء في التوسع. ولا يزال العرب يحيون تقاليد أجدادهم ويوطدون علاقاتهم مع القارة الإفريقية. وجاء ذلك عبر «المنتدى الاقتصادي العربي الأفريقي» الذي اختتم مؤخرا بالكويت.

وفي حين لعب العرب دورا فعالا في نشر المصارف الإسلامية هناك، حاول المنتدى تسليط الضوء على قطاعات أكثر حيوية كالثروة الزراعية وطرق تنميتها.

أكدت التوصيات الصادرة عن المنتدى على وجوب تحديد المجالات المتاحة للتعاون في مجال الزراعة والأمن الغذائي العربي الأفريقي وتبيان الإيجابيات والسلبيات والتحديات المستقبلية للاستثمارات المشتركة بين الجانبين والتركيز على مجالات الاستثمار المتاحة من القطاعين العام والخاص.

وتضمنت التوصيات التي شارك في صياغتها عدد من المسؤولين رفيعي المستوى من الحكومات والقطاع الخاص في المنطقتين العربية والإفريقية أهمية تبادل الأفكار حول أسباب ضعف التبادلات التجارية بين الدول العربية والأفريقية وتحديد أفضل السبل والوسائل لتشجيع التبادل التجاري بينها.

وفي مجال الاستثمارات أكدت التوصيات ضرورة تشجيع المؤسسات المالية العربية والأفريقية على وضع آليات تعمل على تحفيز الاستثمارات المتبادلة بين المنطقتين العربية والأفريقية وتحديد فرص الاستثمار مع العمل على إزالة الصعوبات والعراقيل التي تواجه المستثمرين.

ودعت إلى إنشاء آلية خاصة تمكن من التعرف على الاستثمارات المباشرة وطبيعتها ومواقعها في المجالات المتاحة وتبادل المعلومات والبيانات حولها والعمل على ترويجها واستقطاب التمويل اللازم لها وعقد ورش عمل دورية للمستثمرين ورجال الأعمال في الدول العربية والأفريقية لمناقشة تنفيذ مشاريع مشتركة بينهما.

الأمن الغذائي

وفي مجال الأمن الغذائي دعت التوصيات الدول العربية والأفريقية إلى المحافظة على القدرة المحدودة للموارد الزراعية والأراضي والمياه لتجديد خدماتها من خلال تبني سياسات وممارسات زراعية مناسبة لتحقيق الأمن الغذائي استنادا إلى الاستدامة الزراعية.

وشددت على الحكومات والجهات ذات العلاقة في هذا الشأن وجوب اتخاذ كل ما يلزم من سياسات وإجراءات لمنع التصحر وانجراف التربة الزراعية والعمل على تحسين كفاءة مياه الري ورفع إنتاجيتها من خلال استخدام التقنيات الزراعية الحديثة والمتطورة.

ودعت التوصيات إلى إنشاء البنية الأساسية اللازمة لتفادي الخسائر الناجمة عما بعد الحصاد للحفاظ على كمية ونوعية المحاصيل الزراعية بما في ذلك مراكز توضيب المنتجات الزراعية ونقلها وتخزينها وإيصالها إلى مناطق الاستهلاك.

وأشارت في هذا الصدد الى وجوب تشجيع إنشاء التعاونيات الزراعية لصغار المزارعين وتقديم الإرشادات الزراعية اللازمة لهم لتمكينهم من اتباع ممارسات زراعية على أسس علمية وعملية وخصوصا في استخدام المدخلات الزراعية ووسائل الري المتاحة لزيادة كفاءة مياه الري ورفع الإنتاجية الزراعية.

وفي الإطار ذاته، بيَن مدير عام المركز الدولي للأبحاث الزراعية في المناطق الجافة، محمود الصلح، في ورقته حول «التحديات المشتركة وفرص إنتاج الحبوب»، تأثير تحديات الأمن الغذائي العالمي وارتفاع أسعار المواد الغذائية، لا سيما محاصيل الحبوب الرئيسية بشكل خطير على عدد من البلدان العربية والإفريقية نتيجة اعتمادها بشكل كبير على واردات الحبوب.

ورأى أنه يمكن تحقيق الأمن الغذائي من خلال التوسع الأفقي في المساحات المزروعة، «والذي لا يمكن تحقيقه إلا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والسودان، أو من خلال سد الفجوة بين مستويات الإنتاجية الفعلية والمحتملة وزيادة الإنتاجية في وحدة المساحة أو التوسع الرأسي في إنتاج الحبوب».

وأضاف أن دول أفريقيا جنوب الصحراء تتمتع بأكبر قدر من الأراضي الصالحة للزراعة، وبوفرة من موارد المياه والظروف المناخية مقارنة مع الدول العربية، في حين تتوفر لدى بعض الدول العربية الموارد المالية للقيام باستثمارات واسعة النطاق في مجال الأمن الغذائي.

وأشار أنه بمقدور الدول العربية والإفريقية جنوب الصحراء توفير 80 في المائة من إنتاج الغذاء في كلا المنطقتين، من خلال التركيز على صغار المزارعين، مشيرا إلى أن الاستثمار الأمثل يتمثل في تطوير الزراعة المستدامة لصغار المزارعين، وبها يمكن سد الفجوة في إنتاجية المحاصيل الحبوبية.

من جانبه، طالب منسق البرنامج الإفريقي للتخلص من الـ«تسي تسي» بمفوضية الاتحاد الإفريقي، حسن محمد، الدول العربية والإفريقية إلى تحسين إنتاج الثروة الحيوانية، من خلال القضاء على ذبابة الـ«تسي تسي» وداء المثقبيات (مرض النوم)، والأمراض الحيوانية العابرة للحدود، فضلا عن ضمان انتظام توافر الأعلاف والمراعي.

ضمان الاستثمارات

ونقلت وكالة «كونا» عن المدير العام للصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية عبدالوهاب البدر قوله بأنه «من المبالغة الحديث الآن عن سوق عربية أفريقية مشتركة كما نطمح إليه لكن لا يوجد شيء مستحيل».

وأضاف البدر أن الجانب العربي يتوق إلى إنشاء منطقة تجارة حرة كبيرة مع أفريقيا إذا ما تم اتخاذ القرار الصائب بين الجانبين.

ولفت إلى ما تمتلكه القارة الأفريقية من فرص استثمارية وضمانات للاستثمار بالنسبة للمستثمر الأجنبي «حيث تتمتع باستقرار تجاري وضمانات متوفرة» مشيرا إلى أن التوصيات الصادرة عن المنتدى ركزت على أهمية ضمانات الاستثمار المعطاة للمستثمرين الأجانب.

حيث طالبت التوصيات بتعزيز التعاون بين وكالات ومؤسسات ضمان الاستثمار الإفريقية والعربية ووكالات الضمان الأخرى الإقليمية والدولية بغية تشجيع الاستثمار وحمايته من المخاطر في المنطقتين العربية والإفريقية.

من جهته أكد مفوض الاتحاد الإفريقي المكلف بالشؤون الاقتصادية أنتوني ماتي مروبينغ على أهمية تحقيق شعار المنتدى «ما وراء الوعود: التطلع إلى شراكة عربية إفريقية فعالة».

ويعد الاستثمار والفلاحة والبينة التحتية والأمن الغذائي والطاقة أهم المجالات التي ينبغي التركيز عليها حسب السيد مروبينغ الذي أوصى بضرورة العمل على تحقيق التنمية المستدامة وأهداف الألفية وتشجيع القطاع الخاص الذي اعتبره «أداة أساسية للشراكة» إلى جانب القطاع العام.

وأكد وزير مالية الكويت الشيخ سالم عبد العزيز الصباح أن الفرص المتاحة أمام الدول العربية والإفريقية كفيلة بالنهوض باقتصادياتها وتحقيق مصالحها إذا «ما أحسن استغلالها» بالرغم من المخاطر والتحديات المرتقبة كالتغير المناخي.

وتحتاج دول المنطقتين إلى «حشد» الموارد المالية اللازمة لتنفيذ برامج ومشاريع اقتصادية واجتماعية مختلفة -حسب الشيخ الصباح- من خلال استقطاب رؤوس الأموال من مصادر محلية وخارجية بما في ذلك الدول المانحة ومؤسسات التنمية الوطنية والإقليمية والدولية والقطاع الخاص.

وأضاف: حققت العديد من تلك الدول انجازات تمثلت في نمو اقتصاداتها وتحسن في مؤشرات التنمية الاجتماعية، ونلحظ النمو الاقتصادي المطرد الذي شهدته أفريقيا خلال العقد الماضي، وكذلك الحال بالنسبة للعديد من الدول العربية، وبالرغم من ذلك، فان النمو الاقتصادي لم يفلح في تحقيق طموحات الملايين من شعوبنا، وهو ما تدل عليه الاحداث والتغيرات التي نشهدها اليوم في دول عربية وإفريقية، والتي مردها تفشي البطالة والفقر والجوع، وعدم توافر الخدمات، كالتعليم والصحة والمياه الصالحة للشرب والكهرباء ووسائل النقل وسائر مقومات العيش الكريم.

من جهته كشف رئيس مجلس إدارة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي المدير العام عبداللطيف الحمد أنه خلال الستينات والسبعينات من القرن الماضي وفي أعقاب استعادة الدول العربية لاستقلالها وثرواتها قامت المؤسسات الوطنية والإقليمية التنموية بما فيها بنك التنمية الإسلامي وصندوق أوبك للتنمية الدولية (أوفيد) بالجانب الأعظم بالمساهمة في رأس المال.

وأوضح أن ذلك مكن هذه المؤسسات بدءا من عام 1973 من المساهمة في تطوير خطة التنمية في مناطق مختلفة من العالم لا سيما في أفريقيا.

وقال إنه خلال الفترة بين عامي 1973 و2012 ساهمت المؤسسات الوطنية والإقليمية العربية بتمويل 3770 مشروعا تنمويا اقتصاديا واجتماعيا.

وأضاف أن قيمة هذه التمويلات بلغت نحو 60 مليار دولار بما يمثل نحو 51 في المئة من إجمالي التمويل المخصص من المؤسسات العربية خلال تلك الفترة والذي بلغ قرابة 118 مليار دولار