Wednesday 04/12/2013 Issue 15042 الاربعاء 30 محرم 1435 العدد

مؤسسة الفكر العربي تطلق التقرير العربي السادس للتنمية الثقافية

الفيصل: التعليم والبحث العلمي حجرا الزاوية في أيّ مشروع

جدة - عبد الله الدماس:

أكَّد صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، رئيس مؤسّسة الفكر العربي، على الحاجة الملحّة لمثل هذه الدراسات والتقارير في وطننا العربي، موضحًا أن هناك أمثلة على الإنجاز والرقيّ والتقدّم في الوطن العربي، والقدرة على التحدي، الذي يعدّ أكبر دليل عليه هو فوز الإمارات في استضافة معرض «إكسبو 2020»، الذي يُعدُّ مثالاً لما يمكن أن ينجزه الإنسان العربي.

جاءت تصريحات سموّه بمناسبة إطلاق التقرير العربي السادس للتنمية الثقافية بفندق الريتز كارلتون في دبي، وذلك بحضور وزيرة الثقافة في المملكة الأردنية الهاشميّة، الدكتورة لانا مامكغ، وسعادة بلال البدور وكيل وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع في دولة الإمارات العربيَّة المتّحدة، ووزير التكوين المهني والتشغيل نوفل الجمالي، وحشد من المثقفين والباحثين.

وقال سموه: «كم أسعدني أن أكون بينكم في هذا اللقاء، واستبشر خيرًا ونحن نشارك إخواننا في دولة الإمارات العربيَّة المتّحدة، احتفالهم باليوم الوطني الثاني والأربعين للاتحاد، حيث نأمل أن يمثِّل هذا النموذج الاتحادي نبراسًا لمستقبل الوطن العربي، كما أننا نشارك أبناء الإمارات الفرحة في استضافة معرض «أكسبو الدولي 2020» في هذه المدينة العظيمة، التي تُعدُّ مثالاً لما يمكن أن يُنجزه الإنسان العربي».

وأضاف سموّه: «إننا في هذا الجزء من الوطن العربي، نشاهد أمثلة تلو الأخرى، على الإنجاز والرقيّ والتقدّم، والقدرة على التحدي، إلا أن هناك من يُهمّش مثل هذه الإنجازات العربيَّة، وينسبها إلى الثروة النفطية، ولعلّي لا أجد إجابة أبلغ لهؤلاء من دبي، التي لا يتعدى إنتاجها النفطي أكثر من 3 في المئة من الناتج المحلي للإمارة، فأين البترول من هذه النهضة وهذا الإنجاز وهذا الإبداع»؟.

وسأل سموّه «عن سبب القسوة التي يتعامل بها البعض عند الحديث عن العرب، وتهميش قدرتهم على صناعة المستحيل، موجّهًا التحية إلى الإمارات وإلى مدينة دبي التي ستحتضن معرض «اكسبو 2020».

وتوجّه سموّه بالشكر إلى دولة الإمارات العربيَّة المتحدة على حفاوة الاستقبال، واحتضان هذا المؤتمر، وقال: «أودّ أن أنوّه بالجهد العظيم الذي تخلّل إنجاز هذا التقرير، والحاجة الملحّة لمثل هذه الدراسات والتقارير في وطننا العربي وفي ظلِّ الحديث عن هذا التقرير والتقارير السابقة، أتوجه بالشكر والتقدير للدكتور سليمان عبد المنعم على هذا الإنجاز الكبير الذي سيشرف على تقارير المؤسّسة المستقبلية».

وبيَّن سموّه أن مؤسّسة الفكر العربي تُعدُّ مؤسّسة لكل العرب، وكانت وما تزال تؤمن بأن التَّعليم والبحث العلمي هما حجرا الزاوية في أيّ مشروع نهضويّ عربي، ولهذا فقد تَمَّ تخصيص تقرير هذا العام لتشخيص ودراسة قضية التكامل المنشود في بلداننا العربيَّة بين حلقات التَّعليم والبحث العلمي وسوق العمل والتنمية.

وأضاف سموّه: «ولعلّ ما يسفر عنه تقرير هذا العام من نتائج بشأن تشخيص واقع التَّعليم والبحث العلمي يسهم في إثراء حركة النقاش حول كيفية توظيفها بما يخدم قضايا التنمية البشرية المستدامة في عالمنا العربي، وكما أن التَّعليم هو الرافد الأساسي للبحث العلمي، فالبحث العلمي بدوره يمثِّل قوة الدفع الكفيلة بإطلاق طاقات سوق العمل؛ ومن تكامل هذه المقوِّمات الثلاثة تمضي حركة التنمية الشاملة قدمًا إلى الأمام».

من جهتها أكَّدت معالي الوزيرة لانا مامكغ، أن إصدار التقرير العربي للتنمية الثقافية الذي يصدر منذ سنوات، هو مجهود كبير تُشكر عليه مؤسّسة الفكر العربي، المؤسّسة التي استدركت هذا النقص، وأصدرت تقريرًا موسّعًا، أجزم أنّه سيشكّل خريطة طريق لصانع القرار العربي، حتَّى يتمكّن من استغلال الموارد البشرية العربيَّة، بالطريقة التي ستبنى عليها النهضة العربيَّة ذات الحضور في المشهد الدولي.

واعتبرت مامكغ أن الموضوع الذي يطرحه التقرير هذا العام، وهو التكامل بين التَّعليم والبحث العلمي وسوق العمل والتنمية العربيَّة في الوطن العربي، يمثِّل حاجة ملحّة، لأن هناك شروخًا بين التَّعليم وسوق العمل والتنمية، ولا بُدَّ من التصدي لها بحلول عملية، حيث إن هناك الكثير من الدول المتقدِّمة التي أوجدت هذه الحالة من التناغم وحققت التقدّم والتطور، وعلى الرغم من أن الدول العربيَّة تأخّرت عن ذلك، إلا أن وجود مثل هذا التقرير، يشكّل بادرة نحو الوصول إلى هذا التكامل المنشود».

ويتفقّد تقرير هذا العام، الذي صدر تحت عنوان «التكامل المفقود بين التَّعليم، والبحث العلمي، وسوق العمل والتنميّة في الدول العربية»، أحوال التنمية الشاملة في الوطن العربي.

وقالت الدكتورة منيرة النّاهض، الأمينة العامَّة المساعدة لمؤسّسة الفكر العربي: سعى التقرير العربي السادس للتنمية الثقافيّة، في نسختِهِ الجديدة للعام 2013 - 2014 إلى الإجابة بموضوعيّة، وانطلاقًا من الإحصائيّات والدراسات الميدانيّة، عنْ سؤال محورِيّ: «هَل التكاملُ المفقودُ بين حلقاتِ التَّعليم والبحثِ العلمي وسوق العمل والتنمية في دول الوطن العربي هاجسٌ أم حقيقة؟».

وبيّنت أن التقرير يُطلِعُنا على واقعِ الدولِ العربيَّة التي تمَّت دراستها من حيث التكاملِ بينَ حلقاتٍ أربع وهي: التَّعليم - البحثُ العلميُّ - أسواق العملِ والتنمية، ويخلُصُ التقريرُ إلى أن الترابطَ بين هذه الحلقات الأربع إما مفقود أو ضعيف، وهذهِ الحلقاتُ كان ينبغي لها أن تتكاملَ سياساتُها وتتضافرَ أدوارُها، غيرَ أن الواقعَ هو أن منظومةَ التَّعليم العربيِّ تضخُّ في أسواق العملِ أعدادًا كبيرةً بأكبرَ ممّا يحتاجُ إليه سوقُ العملِ في بعضِ التخصُّصات.

وقالت: «في المقابل فإنَّ أسواق العملِ تبدو بحاجةٍ إلى نوعيّةٍ مُعيَّنة مِنَ الخرّيجينَ في تخصُّصاتٍ وبمهاراتٍ لا توفِّرُها منظومةُ التَّعليم العربيّ، كما يُشيرُ التقريرُ إلى ضرورةِ أن يكونَ لدى الدولِ العربيَّة خططٌ شاملةٌ للتنميةِ أو معلوماتٌ وافيةٌ ودقيقةٌ حولَ أسواق العملِ واحتياجاتها مِنَ المواردِ البشريّة. غيرَ أنّه مِنَ النادرِ أن تتوافرَ للباحثِ المعلوماتُ الوافيةُ والدقيقةُ حولَ مدى كفايةِ المواردِ البشريّةِ المكتسَبَةِ مِن خلالِ مؤسَّساتِ التَّعليم النظاميِّ وغيرِ النظاميّ، الأمر الذي يُؤكِّد حاجةَ العربِ إلى إنشاء آليةٍ أو مؤسَّسةٍ تكونُ بمكانةِ قاعدةِ بياناتٍ لإتاحة المعلوماتِ الدقيقةِ أمام كلِّ الباحثينَ والخبراءِ وصنّاعِ القرار. ويسلّط التقرير العربي السادس للتنميّة الثقافيّة الضوء على أداء الاقتصاد التونسي في العقدين الأخيرين والتحوّلات التي حدثت، التي لم يتنبّأ بتداعيّاتها أحد، فاتحًا بذلك ملف تونس أمام الباحثين المختصّين لدراسة هذه المسألة، وتبيان أسباب البطالة في تونس، وبخاصة بطالة أصحاب الشهادات وخريجي التَّعليم العالي أولاً، من خلال علاقتها بالتنمية الاقتصاديَّة وإنتاج الثروات عبر العمل والابتكار واستغلال نتائج البحث العلمي، وثانيًّا بربطها بالنظام التَّعليمي الذي هو الدعامة الأساسيَّة لكل مشروع تنموي. ووضع التقرير خريطة طريق لمعالجة ملف تونس الذي حمل عنوان «التكامل المفقود بين التَّعليم والبحث العلمي وسوق العمل والتنمية في تونس».

وخصّص التقرير جزءًا كبيرًا منه لدراسة علاقة التكامل بين التَّعليم والبحث العلمي وسوق العمل والتنمية في دولتين خليجّيتين بارزتين هما المملكة العربيَّة السعوديَّة والإمارات العربيَّة المتحدة، كحالتين دراسيتين عن منطقة دول مجلس التعاون.

ويتناول التقرير التكامل المفقود بين التَّعليم والبحث العلمي وسوق العمل في المملكة العربيَّة السعوديَّة، والإمارات العربيَّة المتّحدة كحالتين دراسيّتين نظرًا لأن الأولى تتمتع بديموغرافيا سكانية ذات غالبية وطنيَّة عالية ومساحة جغرافية واسعة وكيان موحّد قديم نسبيًا، والثانية تتسم بديموغرافيا سكانية ذات غالبية سكانيّة وافدة وامتداد جغرافي متوسط نسبيًا، مع كيان موحد حديث صحبه معدلات تنمويّة سريعة جدًا خلال مدة زمنية قصيرة قياسًا إلى أعمار الدول.

وتحت عنوان «التنميّة الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة في الأردن ولبنان وسوريا» تعمّق التقرير في تبيان الملامح الأساسيَّة للتنمية الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة في البلدان الثلاثة، مستندًا إلى آخر تقارير المجلس الاقتصادي العالمي حول تنافسيّة بلدان العالم، الذي يشير إلى المواقع التي يحتلها كل من الأردن ولبنان وسوريا بين 144 دولة بترتيب تنافسيّتها باستخدام مؤشر التنافسيّة الدولي.

ووصف التقرير الفصل الخاص بالعراق، وهو بعنوان «منظومة التَّعليم في العراق وانعكاساتها على التنمية»، بأنَّه كان مغامرة علميَّة حقيقيّة بالنظر إلى مرور زمن غير قصير غابت أثناءه البحوث الأكاديمية والدراسات الموضوعيّة المبنيّة على إحصائيات ميدانيّة وتحقيقات سوسيولوجيّة، وذلك بسبب الأوضاع الأمنيَّة الشديدة التعقيد التي يعيشها العراق منذ ما ينيف على عقد من الزمن.