الفساد في انتشار.. والمشاريع في تعثُّر

** تشير دراسة «تشخيص لظواهر الفساد المالي والإداري» والتي تعلن تفاصيلها خلال منتدى الرياض الاقتصادي أن نحو 63% من السعوديين يرون أن الفساد أصبح أكثر انتشارًا مقارنة بالسنوات الخمس الماضية، ومن المقلق أن الدراسة أشارت إلى أن الفساد منتشر بين المديرين وأصحاب الوظائف العليا بنسبة 42.6% وبنسبة 31% في الوظائف المتوسطة ومديري الإدارات و26% بين صغار الموظفين.

** والمحزن أن أكثر من ثلثي عينة مؤسسات القطاع الخاص التي تقوم بتنفيذ مشاريع حكومية تُؤكد وفقاً لاستبيان الدراسة انتشار الفساد في تعاملهم مع الجهات الحكومية، ويتمثّل هذا الفساد من وجهة نظر العينة في طلب رشوة أو تقديم خدمات خاصة للحصول على العقد بنسبة 37.3%، أو صرف المستخلصات المستحقة 34.5%، أو التغاضي عن عدد العمالة.

** رئيس هيئة مكافحة الفساد قال في تصريحات صحافية الأسبوع الماضي إنه غير راضٍ عن ترتيب المملكة في التصنيف العالمي للفساد، ومعه الحق في ذلك فمن غير اللائق أن المملكة البلد الإسلامي الذي ترتكز كل تعاملاته على النزاهة التي أوصى وحثّ عليها الدين الحنيف يتبوأ ترتيباً متأخراً في قائمة النزاهة.. ولكن أيهما أهم، الترتيب أم واقع مكافحة الفساد ومعالجة مكامن الضعف في تفعيل آليات مكافحته بشكل عملي؟.. وأما عن حديث معاليه خلال ندوة الفساد التي نظمها معهد الإدرة وقوله: «إن الفساد في المملكة لم يؤثر على مسيرة التنمية ولم يعق النهضة الاقتصادية وإقامة المشاريع»، فقد لا أتفق مع معاليه مع احترامي لمكانته وخبرته، إلا أن الفساد يؤثر على كل شيء ويفسد كل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وأتمنى أن لا يكون حديث معاليه هذا محاولة لتبرير عدم مقدرة الهيئة على المواجهة الحقيقية مع الفساد باختلاف أحجامه ومستويات رجاله، وليت الهيئة تقدم إنجازاتها برصد إحصائي دقيق عن حالات الفساد التي باشرتها الهيئة ونتيجة كل حالة، ليمكن بالفعل قياس مدى فاعلية الإجراءات في الحد من الفساد، وأعني بذلك ما هو من صلاحيات الهيئة، أما الدور القانوني والقضائي في تطبيق العقوبات نعلم أنه ليس بيد الهيئة وإنما هو من صلاحية جهات أخرى كالمحاكم والتحقيق والادعاء العام، وعلى «نزاهة» أن تكشف للرأي العام مدى تفاعل هذه الجهات مع الحالات والقضايا التي رفعت لهم، لا سيما وأن كل ما نسمعه هو الرفع بحالات فساد، لكننا لم نسمع أحكاماً تصدر باستثناء حالات محدودة جداً، يبقى أن نقول إن (الشق يبدو أكبر من الرقعة يا «نزاهة»).