Monday 09/12/2013 Issue 15047 الأثنين 05 صفر 1435 العدد
09-12-2013

حاسها مرعي

كنا قبل أيام، وتحديداً إلى ما قبل الأسبوع الثاني عشر من الدوري، نثني ونمتدح ونبارك لأنفسنا وللكرة السعودية بعودة النصر للمنافسة بقوة وبجدارة على بطولة الدوري, وفي الوقت ذاته كنا أكثر ابتهاجاً واحتفاء بالحكم مرعي عواجي الذي حفظ فيما مضى شيئاً من ماء وجه الحكم السعودي, لكن جاءت مباراة النصر والشباب لتنسف كل هذا, وتضعنا أمام واقع مؤلم لم نكن نتمناه..

ما حدث في لقاء النصر والشباب أمرٌ مفجع ومفزع, ليس لأنه أهدى الفوز للنصر بطريقة غير مشروعة, وسلب من الشباب تفوقه وتألقه وحقه في المنافسة فحسب، وإنما لأنه تسبب في بعثرة أوراق الدوري، وشوه صورته، والتشكيك في نتائجه, وخصوصاً أن الأخطاء التحكيمية في هذه المباراة بفداحتها وتعددها وتنوعها والإصرار عليها لا يمكن تصنيفها على أنها تقديرية كما في سائر مباريات كرة القدم, فالطرد غير المستحق لمدافع الشباب الكوري في الدقيقة 30 من الشوط الأول أعقبه احتساب ضربة جزاء غير صحيحة للنصر، ثم هدف تعادل من تسلل وبلمسة يد, فضلاً عن البطاقات الصفراء والحمراء التي تغاضى عنها مرعي، واستفاد منها النصر..

الآن، وبعد كارثة مرعي وتأثيرها السلبي على سلامة ونزاهة المنافسة، وضرورة توفير الفرص المتكافئة العادلة للجميع, وحتى لا تتكرر في مباريات قادمة، ستكون ردود أفعالها مدمرة، فليس أمام اتحاد الكرة كي يحافظ على سمعته سوى تغيير آلية الاستعانة بالحكم الأجنبي، واستبدال المباريات الثلاث لكل فريق بأخرى تجعل الاتحاد نفسه هو من يقرر ذلك في جميع المباريات الحساسة, على أن تقتطع أجور طاقم التحكيم الأجنبي من دخل المباريات..

الهلال واسطتهم!

أصدر نادي الاتحاد بعد خمسة الهلال بياناً، هاجم فيه اتحاد الكرة ولجانه, كما لم يترك أحداً في اتحاد الكرة إلا واتهمه بأنه يحارب الاتحاد وينوي تدميره. ورغم أنه كان كلاماً عاماً خالياً من الإثباتات والشواهد إلا أنه لقي ترحيباً وتأييداً إعلامياً غير مسبوق. قبل أيام أصدر الاتحاد بياناً يدافع فيه عن حقوقه تجاه وكيل أعمال اللاعب راشد الرهيب, فكان تعليق الإعلاميين أنفسهم التنديد والشجب والاستنكار بإدارة الاتحاد, تماماً مثلما حدث في تصريحات وانفعالات مدرب الأهلي بيريرا أثناء وبعد لقاء الهلال, بينما لاذ بالصمت وكان هادئاً رزيناً وأليفاً وهو يرى فريقه يتعرض لأخطاء تحكيمية وضربة جزاء خيالية في لقاء الاتحاد..

غير هذه هنالك مواقف مماثلة كان فيها التعاطي الإعلامي متناقضا, والمستهدف في كل الأحوال هو الهلال. أي شيء يرتبط بالهلال حتى لو كان تافهاً وأحياناً مفبركاً يتم تهويله، وتتفرغ البرامج للحديث عنه, في حين تتجاهل وتتعمد تهميش وتبسيط أخطاء وتجاوزات وأحداث أخرى مفجعة لمجرد أن المتورط فيها ليس الهلال؛ لذلك أنصح إدارة أي نادٍ في دوري جميل أو ركاء أو حتى الثالثة بأن تقحم اسم الهلال، وتوجه إليه أي تهمة حتى لو كانت غير صحيحة؛ لأن هذا يبدو كافياً لدى الإعلاميين إياهم لتبني موقفها والدفاع عنها وسماع صوتها وشهرتها وتلبية مطالبها..

رئيس بوظيفة شحاذ

كان كلاماً مؤثراً ومعبراً ذلك التصريح القوي الذي أطلقه رئيس نادي الطائي خالد الباتع بعد لقاء فريقه أمام الفتح، وتحدث فيه عن مشاكل الأندية المالية. أقول معبراً ليس فقط لأنه يحمل مضامين وعبارات صريحة ومباشرة؛ وإنما لأنه صادر من رئيس نادٍ مطلع، وهو وحده من يعاني ويتألم ويشعر بخطورة ما يجري داخل الأندية.. يقول الباتع في تصريحه: «نحن أغنياء فصرنا فقراء بسبب الأندية, ووصلنا لمرحلة الشحاذة والطرارة في أغنى بلد, ذهبنا ثلاث مرات للأمير نواف بن فيصل وشرحنا له معاناتنا، لكننا لم نخرج بشيء, وما لم يكن هناك تدخل من خادم الحرمين الشريفين ووزير المالية فأخشى أن تعلن كثير من الأندية إفلاسها؛ وبالتالي انهيار الرياضة السعودية بكاملها»..

مثل هذا التصريح يجب ألا يمر مرور الكرام, ولا بد أن يؤخذ من المعنيين وجهات الاختصاص بعين الاعتبار؛ فإلى جانب أنه من رئيس يده في النار فهو لا يشخص حالة ناد بعينه بل يشمل الجميع، وبمختلف الدرجات، وأيضاً الإمكانات، بما فيها التي لديها أعضاء شرف كبار. وقد رأينا كيف تأثرت وانهارت وتورطت بالديون بمجرد انسحاب العضو الداعم وتخلي الشركة الراعية, وهو بمنزلة التحذير والخوف من مستقبل رياضي مظلم يهدد استمرار وتطور الرياضة السعودية. الأسوأ من هذا أننا لا نرى في الأفق أية نية أو محاولة لمعالجة الوضع الذي بات يزداد تفاقماً وتأزماً يوماً بعد الآخر، ولم تعد تنفع معه الفزعات الوقتية والتبرعات الطارئة؛ الأمر الذي يدل على أن المسؤولين لم يستشعروا هذه الحقيقة المخيفة..

تخيلوا في حالة توزيع مبالغ سنوية على الأندية على النحو الآتي: كل فريق كرة قدم في الدرجة الممتازة يحصل على (20) مليون ريال, والأولى (10) ملايين, والثانية (5) ملايين, والثالثة (3) ملايين, سيكون الإجمالي لـ(153) نادياً قدره 849 مليون ريال، أي أقل من مليار سنوياً, وهو مبلغ يعني للأندية وللرياضة وللشباب السعودي وللجماهير وللوطن بوجه عام الشيء الكثير, مقابل أنه يعد رقماً هامشياً ضئيلاً أمام ميزانية الخير التي تجاوزت 800 مليار ريال..

أخيراً، ولأن القضية ستدوم وتطول، وفي طريقها للمزيد من الكوارث: هل وزارة المالية لا تعترف بشيء اسمه أندية ورياضة, ولا تدري أن هناك شباباً يشكّلون ما نسبته 70 % من سكان المملكة؟ أم أن لديها تحفظات على الرئاسة العامة لرعاية الشباب؟ أين الرئيس العام الأمير نواف مما يجري؟ ما موقفه؟ ولماذا لا يتحمل مسؤولياته ويدافع عن حقوق وهموم الأندية والرياضة؟ وفي حالة استمرار الأمور على ما هي عليه فلماذا لا تتفق الأندية فيما بينها، وتقوم بتشكيل فريق لمقابلة خادم الحرمين الشريفين وشرح معاناتها وحاجتها الماسة للدعم الحكومي؟

من الآخر

· فرق كبير بين بطولة بانتصار وأخرى بقرار..

· قلناها من بعد مداخلة المتحدث الرسمي.. هنالك تدخل وفرض من خارج الاتحاد لأسماء غير مقنعة في لجنة الحكام.

· دليل براءة الهلال من أكذوبة الدلال أنهم لم يكتشفوا خلال 15 عاماً سوى لمسة يد واحدة يعيدونها ويكررونها لتبرير وصرف الأنظار عن محاباة التحكيم لهم..

· لم يسبق أن أجمع المحللون والنقاد على وجود أخطاء تحكيمية عديدة ومؤثرة في مباراة واحدة مثلما قالوا عن قرارات مرعي في لقاء النصر والشباب..

abajlan@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب