Tuesday 10/12/2013 Issue 15048 الثلاثاء 06 صفر 1435 العدد
10-12-2013

مدينة المجمعة، ماضٍ عريق ومستقبل واعد

عانت المجمعة من الفقر والجوع والخوف كغيرها من بلاد نجد قبل توحيد المملكة واستقرارها، وبرغم أن الدنيا كانت جائرة والأحوال شحيحة إلا أن سكانها مهتمون بالتعليم حيث تفوقوا على غيرهم فيه.

وحينما قررت رحلة مشكّلة من كوكبة من المهتمين بالآثار والتراث والمصورين المحترفين من جمعية الثقافة والفنون وبرعاية إعلامية من جريدة الجزيرة الانطلاق من الرياض إلى منطقة سدير صباح السبت الماضي؛ كانت المجمعة أولى محطات الوصول، وبرزت في الطريق قلعة (منيخ) التي يتربع عليها المرقب، أحد المعالم البارزة القديمة منذ مئات السنين، وكان المؤرخ حمود المزيني أول شخص يستقبل أفراد الرحلة في قصره المشهور بالسور الحجري الضخم كعلامة تحمل التراث والحضارة في آن واحد! حيث قضى عشر سنوات في بنائه وأنفق المال والجهد والوقت ليتحول لمعلم بارز في المدينة، واستثمر الجبال المحيطة فبنى فوقها أبراجاً، وشق نفقاً في أحد الجبال ليسهل له الدخول لمزرعته الباهرة التي استقبل فيها أعضاء الرحلة، وجاوز الحد في إكرامهم مع عقيلته السيدة البندري الدايل، وقد تمثل فيه كرم أهل المجمعة المعروف، فضلاً عن كونه مؤرخاً مشهوراً، حيث أفاض بسرد تاريخ مدينته واهتمامها بالعلم الشرعي ومساهمتها في تخريج عدد من القضاة والمعلمين الأوائل الذين انتشروا في مناطق المملكة المختلفة للقيام بمهام القضاء كالمشايخ: عبدالعزيز بن صالح، وعبدالله بن حمدان، وعبدالله بن إسماعيل وعبدالله بن سويح ومحمد بن عبدالعزيز العتيقي وأحمد الصانع الذي يعود له الفضل بافتتاح أول مدرسة في المجمعة ونسبت إليه، وذكر من المعاصرين الأستاذ عبدالعزيز التويجري رجل الدولة المعروف بالسياسة والأدب والتعليم، وكذلك الشيخ محمد بن جبير رئيس مجلس الشورى الأسبق والشيخ عثمان الصالح المربي المعروف، وهؤلاء بلا شك نماذج مشرّفة من أعلام المجمعة، وما شرفت البلاد إلا برجالها وما قدموه لوطنهم.

وقد رافق المؤرخ المزيني أفراد الرحلة ليطلعهم على المتحف الوطني الذي ضم شتى المستلزمات المعيشية القديمة من عِدَدٍ وملابس وأجهزة وأوانٍ ومأكولات وأدوية، وكان بحق متحفاً متكاملاً أثرى الزائرين، فأطلع الشبابَ منهم على حال معيشة آبائهم وأجدادهم، وأعاد للكهول الذكريات الجميلة المغموسة بالطيبة والبساطة والعفوية.

والحق أن المجمعة ليست تراثاً وآثاراً فحسب؛ بل إنها موعودة لتكون ضمن أكبر المناطق الصناعية في المملكة؛ حيث تجري الاستعدادات لإطلاق مدينة سدير للصناعة والأعمال التي تضم المصانع الضخمة والمجمعات السكنية والتعليمية المساندة لتكون المجمعة شاهداً على تاريخ مضيء ومستقبل مشرق بسواعد شبابها ودعم رجالها الأخيار تحت مظلة الدولة.

شكراً لأهل المجمعة استضافتهم وكرمهم وترحيبهم بضيوفهم. ومَن لم يزرها فهو لم يعرف التاريخ ولم يطلع على الماضي ولا.. الحاضر!

rogaia143@hotmail.com

Twitter @rogaia_hwoiriny

مقالات أخرى للكاتب