Tuesday 10/12/2013 Issue 15048 الثلاثاء 06 صفر 1435 العدد
10-12-2013

المبتعثون يستغيثون: المكافأة لا تكفي!

تعددت الرسائل التي أتلقاها من الطلبة المبتعثين إلى أمريكا، يشتكون فيها من أن مكافآتهم لا تُلبي الحد الأدنى لمتطلبات المعيشة هناك. وقد اتصلت فعلاً ببعض الطلبة المبتعثين وأكدوا لي أن هذه حقيقة، وأضافوا: لو أن خادم الحرمين الملك عبدالله - حفظه الله - عَمّدَ من يراه لدراسة متوسط متطلبات المعيشة في أغلب الولايات سيجد أن معاناة المبتعثين المعيشية صحيحة. كما أكدوا لي أن كثيراً من الطلاب، خاصة من تكون أوضاع أهاليهم المالية في المملكة محدودة، ولا يستطيعون إعانتهم مالياً، يضطرون للعودة مرغمين.

وقد جاء في رسالة تلقيتها من أحد الطلاب المبتعثين إلى الولايات المتحدة مُلخصاً تفصيلياً لمتطلبات الطالب المعيشية هناك. والطالب محل المثال يعيشُ - كما يقول - في ولاية تكساس - مدينه فورت وورث. يقول في رسالته بالنص: (الإيجار الشهري 640 دولارا. الإنترنت 40 دولارا. فواتير الكهرباء و الماء 130 دولارا. بنزين السيارة ما بين 200 إلى 250 دولارا - (هذا المبلغ إذا كنت تملأ خزان وقود السيارة أربع مرات في الشهر، أي مشاوير السيارة هي فقط من البيت إلى الجامعة (تأمين السيارة والشقة 100 دولار. الجوال 50 دولارا. مقاضى البيت (الأكل) 400 دولار (أي معدل 13 دولارا في اليوم). الكتب الدراسية ما بين 640 إلى 800 دولار للفصل الدراسي الواحد).. فإذا كانت مكافأة الطالب المبتعث في حدود (1840 دولارا) فإن هذا الطالب سيعيش على حد الكفاف بشكل شبه دائم، وبالتالي لا يستطيع أن يواجه أية ظروف حياتية قد تطرأ على حياته هناك، والإنسان معرض لهذه الظروف الطارئة دائماً. فضلاً عن أن هذا الطالب محل المثال يعيش في ولاية تكساس وهي من أرخص الولايات في أمريكا، أما إذا كان يعيش في بوسطن مثلاً، وفي هذه الولاية - بالمناسبة - أكبر الجامعات الأمريكية وأهمها، فإن التكاليف المعيشية ستتضاعف قطعاً.

وقد عَرَضتُ ميزانية هذا الطالب على أحد الأصدقاء ممن يعيشون في الولاية نفسها وأكد لي بأنها معقولة؛ هذا إذا كان الطالب سيستخدم سيارته الخاصة، أما إذا كان سيستخدم مواصلات النقل الجماعي - (الباصات والمترو مثلاً) - فإن تكلفة المواصلات ستنخفض؛ لكن تبقى المكافأة مع ذلك أقل من أن تواكب المتطلبات المعيشية.

وإذا نظرنا إلى مكافأة المبتعث السعودي هناك من زاوية أخرى، وقارناها بمكافآت الطلاب الخليجيين المبتعثين فإن مكافأة السعوديين هي (الأقل)؛ فمكافآت الإماراتيين والكويتيين - مثلاً - تتراوح ما بين 2100 دولار إلى 2300 دولار تقريباً، وطلاب الدراسات العليا أعلى من ذلك.

وما ينطبق على الطلاب في أمريكا ينطبق على الطلاب في كندا أيضاً لتقارب مستويات المعيشة بين الدولتين.

كما أن الطلاب المبتعثين إلى الدول الأوربية، كبريطانيا مثلاً، يُعانون - أيضاً - من انخفاض المكافأة وبشكل ربما أشد ممن يدرسون في أمريكا وكندا؛ فمتطلبات المعيشة في أوربا أغلى منها في أمريكا وكندا كما هو معروف.

إن هؤلاء الشباب يضعون معاناتهم المريرة نتيجة لانخفاض المكافأة أمام نظر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، وكلهم أمل في أن يشملهم بعطفه ورعايته، ويُفرّج عن كرباتهم التي أصبحت شغلهم الشاغل وهمهم الأول والأخير وهُم في ديار الغربة طلباً للعلم.

وغني عن القول إن هؤلاء الشباب - ( 147 ألف طالب وطالبة) - الذين رحلوا لطلب العلم في مظانه الحقيقية، هم (عُدتنا) التي نُعلق عليها آمالاً كباراً لتحقيق مستقبل أفضل لهذا الوطن الغالي؛ فهمومهم ومعاناتهم، بل وتمهيد السبل لهم، وتذليل العقبات التي تعترض معيشتهم هناك، يجب أن تكون في قمة أولوياتنا.

إلى اللقاء..

مقالات أخرى للكاتب