Saturday 14/12/2013 Issue 15052 السبت 11 صفر 1435 العدد
14-12-2013

تحصين أمن المعلومات من الأبواب الخلفية

في محاضرة للخبير العالمي يوجين كاسبرسكي نظَّمها كرسي الأمير مقرن بن عبد العزيز، لتقنيات أمن المعلومات في جامعة الملك سعود، قال هذا الخبير الذي تخصص في تحصين المعلومات الإلكترونية، وأنشأ مؤسسة عالمية لمواجهة اختراقات الأجهزة الإلكترونية وتحقيق الحماية والأمن لما تحويه الأجهزة الحاسوبية من معلومات، قال: شركات الإنترنت مختلفة عن شركات برامج الحماية، والتي نادراً ما يكون لديها باب خلفي أو ثغرات يمكن أن تُخترق منها.

وفعلاً هذا حصل ويحصل الآن في جميع الدول بلا استثناء، وكون أهم وأكثر البرامج الإلكترونية في الإنترنت ووسائط الاتصال من إنتاج وتصنيع الأمريكيين، فإنهم لديهم القدرة للوصول والاطلاع والتجسس على جميع ما يدور في العلم، والذي يهمنا هنا نحن في المملكة العربية السعودية التي ذكرت الأنباء بعد نشر وثائق سنودن عميل المخابرات الأمريكية بأن هذه الأخيرة تنصتت على 7.8 مليار اتصال في المملكة أثناء يناير من عام 2013 فقط، وبلا شك فإنه من بين ما تتجسس عليه أو تتنصّت فالأمر واحد، هو الحصول على الخطط الأمنية والعسكرية والسياسية وحتى الاقتصادية والتجارية للقيادات والمسؤولين والإدارات العليا، بل وحتى الاتصالات الشخصية للقادة، ومثلما عرفنا أن عمليات التّنصت لم توفر حلفاء لأمريكا كالمستشارة الألمانية، والرئيسة البرازيلية، والفرنسيين وباقة كبيرة من قادة الدول وكبار المسؤولين السياسيين والعسكريين، وقد زادت عمليات التّنصت بعد خطوات التقارب الأمريكي - الإيراني ووجود خلافات تكتيكية ما بين دول المنطقة وما بين أمريكا.. كما أن من الأهداف الأساسية للمراقبة الشاملة والتنصت الواسع «7.8 مليار تنصت» في شهر، من جانب أمريكا ضمان تفوق الشركات الأمريكية على أسواق العالم، وتظهر المعلومات التي كشفها سنودن أن أمريكا تحقق الكثير من خلال نشاط التجسس الصناعي والاقتصادي ضد الحلفاء والأصدقاء، ولهذا فإن على دول المنطقة ومنها بالذات المملكة اتخاذ الإجراءات الإضافية لحماية مصالحنا الوطنية من المنافسة غير الشريفة، ومثلما أوضح الخبير الأمني لحماية المعلومات يوجين كاسبرسكي بأن هناك باباً خلفياً وثغرات يمكن أن تُخترق منها، وما يزيد الطين بلة أن الشركات التي تصنع البرامج وتصنع الحواسب وتصنع برامج الحماية جميعها تموّل وتُدار من قِبل الشركات الأمريكية الكبرى، فإنه تم التوصل إلى تفاهم مع المخابرات الأمريكية وهذه الشركات على منح المخابرات «الباب الخلفي» الذي تم عبره اختراق العديد من المعلومات، وهذا ما عزز الأقوال بقيام شركة «مايكروسوفت» بتزويد برامجها وأنظمتها التي تستعمل 90% من أجهزة الحاسب الآلي بإمكانيات إضافية، تتيح فرضية الرقابة عن بُعد، وقد أجبرت هذه الشركة العملاقة على أن تكون أولى الشركات التي انضمت إلى برنامج «بريسم» الذي فضحه سنودن، وهذا البرنامج الذي ألغى تماماً الاستغلال الفني والإعلامي لأمن المعلومات الشخصية والحكوية، وهو ما أكدته فضائح كشفْ اتصالات رؤساء الدول المستقلة.

إن إمكانية الوصول إلى الأسرار العسكرية والاقتصادية من خلال التجسس على الإنترنت والاتصالات، باستهداف أماكن ضعيفة في أنظمة القيادات السياسية والعسكرية، ليس للدول الأعداء فقط بل حتى الحلفاء، وهو ما يمثّل خطورة لما تحمله الأجهزة والتجهيزات الخاصة والأنظمة الكمبيوترية الأمريكية التي تُستعمل في المصانع والوحدات العسكرية من خلال قدرة «المتنصتين» العلم بما يجري في مراكز القيادة والسيطرة العسكرية، وهو ما يفرض استعمال أنواع جديدة لحماية فنية وقانونية لأنظمة الاتصالات الوطنية ومراكز المعلومات وخطوط الاتصال في المملكة ودول المنطقة.

وقد ناقشت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الموضوع في عام 2011 في الجلسة 66 واقترحت عدة دول دراسة وضع وثيقة قواعد في مجال ضمان أمن المعلومات «وثيقة للأمم المتحدة 359-66-A».. وتضم مبادرات للمعارضة على استعمال شبكة الإنترنت في نشاط تجريبي.

وقد اتخذت عدة دول تعرضت للتجسس الإلكتروني، ومن بينها ألمانيا والبرازيل عدداً من الإجراءات لوضع قواعد دولية وقانونية تحت إشراف الأمم المتحدة لحماية المعومات الذاتية من الاختراق من الخارج، خصوصاً بعد نشر اعترافات سنودن ونشر المعلومات «Cvyptome».

الآن تتعزز وتتكثّف الجهود لوضع الإجراءات اللازمة في الأمم المتحدة لضمان الأمن الإعلامي الدولي، وهو ما يجب أن تنضم إليه المملكة لتعزيز هذه الجهود لحماية مصالحنا الوطنية في هذا المجال.

jaser@al-jazirah.com.sa

مقالات أخرى للكاتب