Saturday 21/12/2013 Issue 15059 السبت 18 صفر 1435 العدد
21-12-2013

التفاوض مع الجماعات الإسلامية

تقول أمريكا إنها ستتفاوض مع (الجبهة) الإسلامية في سوريا كبديل عن الجماعات الإسلامية.

وكان الكلام عن الإسلام قبل هذا التاريخ محرما لأن أي جماعة إسلامية أو مسجد أو جمعية محظور عليها الحديث أو التعريف بنفسها أو أي نوع من النشاط الاجتماعي أو الديني أو الإغاثي والسبب يعود إلى أن أي إسلامي ينظر له بالتبعية للقاعدة وطالبان، حين اختطفت منظمة القاعدة كل ما يتعلق بالإسلام ونسبته لها، حتى المساجد (القليلة) الحجم والمخصصة للصلوات أصبحت هدفا للبوليس والأجهزة الرقابية في أوروبا وأمريكا.

الآن تبين للغرب وأمريكا أن معاداة العالم الإسلامي كشعوب أو الدين نفسه كدين لأمة إسلامية تشكل ربع سكان العالم -تبين- أنها قضية خاسرة، فانسلخ الغرب عن الحكومات الإسلامية والعربية واتجه للجماعات والمنظمات والجبهات الإسلامية التي تسميها معتدلة.

معاداة الإسلام يعني معاداة دول وشعوب الشرق الأوسط ووسط آسيا وجنوب شرق آسيا، وشرق إفريقيا ووسطها، فخريطة العالم الإسلامي تتسع كل يوم، والشعوب الإسلامية يزيد أعدادها في أوروبا وأمريكا وفي إفريقيا وشرق آسيا، فهذه هي الحقيقة المرة التي توصلت لها أمريكا وأوروبا بعد الربيع العربي والصراع في أفغانستان والعراق وسوريا، أن المعاداة خاسرة, كما أن روسيا وصلت إلى نفس الحقيقة بعد حرب طويلة في أفغانستان ومراقبتها للجمهوريات الإسلامية المحيطة بها في وسط آسيا والقوقاز، وقد اعترف الساسة الروس أن حرب سوريا هددت أمنها الداخلي.

تفاوض أمريكا مع الجبهة الإسلامية محفوف بالخطر إذا كان منفصلا عن الدول الإسلامية فالمنطقة العربية وشعوبها هي إسلامية، كانت فيما مضى ضمن الخلافة الإسلامية التي كانت تجاور أوروبا وروسيا، كما أن المنطقة العربية ليست مستعدة لحروب جديدة بعد أن عاشت حروب الربيع العربي منذ عام 2010م وهي تجربة مريرة لا تتحملها المنطقة، كما أن الدول العربية والإسلامية لا ترغب في مجازفات غربية جديدة عبر بوابة الجماعات الإسلامية.

ما تريده المنطقة هو إعادة الأمن إلى سوريا بدعم الأغلبية السكانية في سوريا المعارضة لنظام بشار الأسد الذي قتل شعبه وشرده وفرض الأقلية العلوية, وجعلها القوى الحاكمة. فأمريكا أدركت ومن واقع تجربتها المريرة في أفغانستان والعراق أن هزم الديموغرافيا وهزم إرادة الشعوب محاولة فاشلة جرت عليها الويلات، وأجهدت اقتصادها, وعرضتها لخسائر عسكرية كان يمكن تفاديها خاصة في العراق لو لم تتعجل الحرب.

بالتأكيد أن طريقة التفكير التي فكرت بها أمريكا عام 2003م حين غزت العراق كانت مختلفة عما تفكر فيه الآن عندما قررت التعاون والتفاوض مع الجماعات الإسلامية المسلحة المعتدلة في سوريا.

مقالات أخرى للكاتب