Tuesday 24/12/2013 Issue 15062 الثلاثاء 21 صفر 1435 العدد
24-12-2013

الأهم من لغة الأرقام

ما كان لميزانية الدولة الجديدة أن تكون بهذا الحجم، وأن يكون الفائض من إيرادات ميزانية العام المالي المنصرم بهذا الحجم الكبير أيضاً، وأن يتم الإعلان عن ميزانية جديدة وكبيرة بإنفاق 855 مليار ريال، مع تحفظ معتاد على حجم الإيرادات للعام الجديد، ما يعني أن أي زيادة سترحل إلى الاحتياطي العام، مثلما تم ترحيل أكثر من 200 مليار، التي تمثل الفائض من ميزانية العام الماضي، أقول إنه ما كان ليتم ذلك لولا السياسة الحكيمة في ضبط المصروفات واستثمار الإيرادات في خدمة الوطن والمواطن بمشروعات تعليمية وصحية وخدمات أخرى تلبي طموحات القيادة والمواطن، وتستجيب لتطلعات الجميع، وهو ما تتحدث به لغة الأرقام في الميزانية الجديدة كما في الميزانيات السابقة، وكما هو مشاهد على أرض الواقع من معالم لمشروعات عملاقة ترى بالعين المجردة.

***

ففي الميزانية الجديدة، وبشفافية واضحة، وبتبويب سهل، وجهد مقدر لوزارة المالية في إظهارها لتكون مقروءة ومفهومة على هذا النحو من الوضوح، بما يمكن القول معه إن تخصيص ربع الميزانية للتعليم بإنفاق 210 مليارات ريال على هذا القطاع المهم، وابتعاث 185 ألف مبتعث ومبتعثة للدراسة خارج المملكة، بتكلفة تقدر بـ22 مليار ريال، وبناء 465 مدرسة جديدة، واستكمال 1544 أخرى، وتخصيص نحو 35 مليار ريال من الميزانية للجامعات في المملكة، واستقطاع 108 مليارات ريال لقطاع الصحة، بما يعادل 12 في المائة من الميزانية، متضمنة بناء 11 مستشفى جديداً، واستكمال بناء وتجهيز 132 مستشفى آخر، ورصد أكثر من 6 مليارات ريال لمستشفى الملك فيصل التخصصي، وملياري ريال للهلال الأحمر، إنما يمثل ذلك قمة اهتمام خادم الحرمين الشريفين وحكومته بهذين القطاعين الأكثر أهمية في حياة الإنسان، دون أن تغفل الميزانية اهتمامها بالقطاعات الأخرى من طرق ونقل وخدمات بلدية وتحلية مياه وغيرها، ما يعني ويؤكد سلامة توجه الدولة في توزيع الميزانية وفق بنود تستجيب بأرقامها لاحتياجات كل قطاع.

***

والأهم من لغة الأرقام وضخامة الميزانية، والتنامي في إنجاز المزيد من المشروعات، هذه الكلمة الأبوية السامية التي وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وأشار فيها إلى أن ما يصرف إنما هو خدمة للدين والوطن والشعب وخدمة لأي إنسان يطلب من المملكة العون والمساعدة، (وأن ما نقص يجيبه الله)، وأن الميزانية تأتي لتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين وتحسين الخدمات المقدمة لهم، مع التركيز على التنمية البشرية والتدريب، إضافة إلى الحرص على توزيع المشروعات في جميع مناطق المملكة، إلى أن يقول -حفظه الله- «ندرك أنها أقل مما نطمح إليه ويطمح إليه المواطن الغالي، لذلك نحن عازمون على مواصلة الجهد لتأمين كل ما يحتاجه المواطن»، على أن العبرة -يقول الملك- «ليست في الأرقام بل فيما تجسده على أرض الواقع من خدمات ومشروعات، وأن على الوزراء مسؤولية تنفيذ مشروعات وبرامج الميزانية وأداء الأعمال الموكلة إليهم بكل دقة ودون تقصير، وأنهم مسؤولون أمام الله وأمامنا، وعلى الجهات الرقابية الرفع إلينا بكل ما يتم رصده من ملاحظات أو عقبات».

***

أجل، ليس هناك ما هو أبلغ مما قاله عبدالله بن عبدالعزيز، وهو يتوج الميزانية الجديدة بهذه الرؤية التي تنطلق من قلبه الكبير، ومن الحدب والحرص منه على دينه ووطنه ومواطنيه وأمته، ما لا يمكن تفسيره، إلا أن هذه الميزانية وهذا التطور الذي تشهده المملكة ما كان له أن يكون لولا توفيق الله، ثم هذه الرعاية والاهتمام الكبيران من الملك عبدالله بمصالح شعبه، وحزمه في التعامل مع كل من يسيء إلى هذه المصالح، كائناً من كان، لضمان استمرار المسيرة كما أراد لها هذا القائد التاريخي أن تكون، وقد أعطت من النتائج كل ما نراه الآن من تطور وازدهار لا تخطئه العين ولا ينكره إنسان منصف، وكل عام ونحن دائماً في أحسن حال إن شاء الله.

مقالات أخرى للكاتب