Wednesday 25/12/2013 Issue 15063 الاربعاء 22 صفر 1435 العدد
25-12-2013

المعضلة الهيكلية للحالة المرورية بالرياض

استكمالاً لحديث سابق حول الحالة المرورية للرياض، اطلعت على تقريري النقل والمواصلات في الخطة الإستراتيجية الشاملة لمدينة الرياض والتي تضطلع بها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، أحدهما صدر عام 1418هـ والآخر صدر عام 1424هـ، وكأنهما لا يتحدثان عن المدينة التي نرى اليوم، وخلا كلاهما من الإشارة لسياسة مرورية تعتمد في تنفيذ الطرق والشوارع، ومنذ أن وضعت شركة (دوكسيادس) أول مخطط تنموي حضري لمدينة الرياض عام (1388) وحتى الآن، ليس هناك حسبما تبين لي من البحث والاستفسار سياسة مرورية تعتمدها الهيئة العليا في تخطيط مدينة الرياض، وتلزم تنفيذها الأمانة وبلدياتها، فمواصفات تنفيذ أعمال رصف وسفلتة الشوارع والميادين تفتقر لنصوص تشير لتطبيق سياسة مرورية، فالإرشادات المرورية في حدودها الدنيا وحقوق المشاة شبه مهملة في تنفيذ الطرق وتعليمات الطريق وتنظيمه مهمل في التنفيذ والصيانة ومناطق حصر الوقوف المؤقت في الشوارع غير موجودة، الواقع المشاهد يعبر عن عدم وجود تخطيط مروري هيكلي في المدينة، وكل ما هنالك هو تخطيط شوارع وأرصفة فقط.

السياسة المرورية في المخطط الهيكلي للمدينة يجب أن تكون محورية في تنفيذ عملية تطوير المدينة فتفرض معايير فنية لسعة الشوارع والمسارات وتفرض وجود إرشادات لسالكي الطريق تتمثل في لوحات جانبية وكتابات ورسومات على الطريق. وتوضح حقوق المشاة وتفرض تهيئتها في الطرق والشوارع، ومن أهم ما يجب أن تحويه تلك السياسة هو وضع معايير لوقوف السيارات فيكون الوقوف في الشوارع التجارية وقوفا مؤقتا وعلى أصحاب المباني توفير مواقف كافية للوقوف الدائم، كما يلزم أصحاب المتاجر والمطاعم و البنوك وغيرها بمواقف كافية لمرتاديهم إضافة لموظفيهم، وتحدد السياسة وجود مواقف عامة مدفوعة الأجرة في مناطق الارتياد والازدحام، كما تنظم هذه السياسة عملية النقل العام وإستراتيجية النقل المدرسي وتحدد مواقف لسيارات الأجرة وسياسة المرور الهيكلية ملزمة لكل الهيئات الحكومية والخاصة فلا تستثني أحداً من تطبيقها.

مدينة الرياض ستعاني في المستقبل أكثر مما تعانيه اليوم بدون وجود سياسة مرورية هيكلية، وهي بحاجة لحلول عاجلة وغير تقليدية لخلق حالة انتظام في مرورها، فهي بحاجة الآن لإلزام كل أصحاب المتاجر وخصوصاً (المولات) والبنوك والمطاعم الكبيرة والمستشفيات والمستوصفات والشركات الكبيرة بتوفير مواقف لسيارات العاملين بها ومرتاديهم، تناسب حجم أعمالهم، وذلك إما باستئجار أراضٍ بيضاء مجاورة أو هدم مبانٍ قائمة وبناء مواقف متعددة الأدوار، وتقوم الأمانة بالترخيص لمستثمرين يفوضون بسحب كل سيارة تخالف سياسة الوقوف في الشوارع وحجزها حتى يدفع صاحبها أجرة السحب، وكما تصرح الأمانة وتشجع قيام مطورين ببناء مواقف متعددة الأدوار في مناطق الارتياد وتتيح للشركات والمتاجر استئجار مواقف فيها لموظفيهم ومرتاديهم، وقد يكون من المناسب أن يسير مشغلو هذه المواقف حافلات مفتوحة منخفضة السرعة لنقل المرتادين من المواقف ولها في منطقة الارتياد - هذه التجربة موجودة في بلدة لونج بيتش في كاليفورنيا-، وحيث إن مشروع النقل العام في مدينة الرياض لن يتحقق بالصورة المرسومة له قبل عام 1438هـ ، لذا فالواجب أن يتم استعجال تشغيل النقل الذي سيعتمد على الحافلات، وأن يكون ذلك بأسعار رمزية أو حتى بالمجان لخلق ميزة مغرية تغني البعض عن استعمال السيارات الخاصة.

هذه الحلول هي لاشك حلول سريعة ولكنها أيضا تمثل مساهمة في الحل الإستراتيجي للحالة المرورية بالرياض والتي يجب أن تتحقق من خلال وضع سياسة مرورية هيكيلة صارمة، والإقدام على مثل هذه الحلول لاشك محفوف بالمواجهة مع ذوي المصالح الضيقة، ولكن لا مندوحة من تغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة.

mindsbeat@mail.com

Twitter @mmabalkhail

مقالات أخرى للكاتب