Wednesday 25/12/2013 Issue 15063 الاربعاء 22 صفر 1435 العدد

اللغة العربية .. الغزل أكثر من العمل!

في صحيفة الجزيرة 11-2-1435 قرأت: «حول الاحتفاء بيوم (العربية) العالمي .. الوشمي: يجب ألا يقتصر الاحتفاء على تسجيل الموقف أو الإعلان عنه) تعبير رائع، يريح البال، ويسر الخاطر، ويريح النفس، لأنه قول القادرين على التمام، في مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية، إنه قول الأمين العام للمركز. وتوقعت إفصاحاً عن مشروعات راسخة، أخذت طريقها إلى الحياة ولو بالشروع فيها، أو بوعد محدد قريب بإنجاز ولو لبداياتها.

مشروعات لها جذور ونموها كشجر الأرز أو النخيل والأثل في البقاء والاستمرارية في النماء والعطاء، وليست مقتصرة على إنجازات كزرع البطيخ، موسمي ينتهي، مؤقت البقاء، ويعاد استنباته كل أشهر أو عام! وكالاحتفاء بالعربية بالندوات، والمهرجانات، ولقاء في نواد أدبية، والمسابقات، والمؤتمرات والبيانات المشيدة والخطابية، والحلقات النقاشية، وبرامج ليست لها صبغة الديمومة والتوالد، والرسوخ، والاعتماد عليها في تنمية كيانها، وإنما تأخذ صفة التكرار والإعادة «السنوية» ومن جديد نعيد! كعيد الأم لدى العاق. فمثلاً.. من الأعمال الجزلة الملحّة، المدارس العالمية في بلادنا عليها أن تلتزم وتلزم بما يحمي هويتنا وكياننا، أي لغتنا ولساننا ولسان حضارتنا وثقافتنا وديانتنا. ومن لا يرغب فليرحل طوعياً، وبدلاً منه من يرغب، ولا اكتفاء بمسابقات في المدارس الأجنبية في أرضنا في اللغة العربية، كسحاب الصيف، وإذا اقتنعنا وأهلنا، فما لنا وما يقوله غيرنا، وبخاصة من نعتقد أنه لا يهمه أمرنا وشأننا وتطورنا، وفقاً لما نريده لا ما يريده لنا. لا بأس بالاعتماد والاقتصار على مثل هذا في نشاطات للغة العربية منا في بلاد أجنبية، أما عندنا فالعمل الإنجازي الفعال، هو إصرار واستمرار القادرين على التمام في المركز بالمال، والكفاءات العملية، والدعم في أعلى مستوياته. والعمل الصلب البنّاء، هو مواصلة السعي لأن تكون اللغة العربية هي لغة المدارس الأجنبية العالمية عندنا. فإن تعثر المطلب، فليمنع قبول المدارس لأي طالب وطني أو عربي. على الأقل غير المقنع.

وليلح بإيجابية نفاذة المركز القادر على التمام، وبه القيمون على اللغة العربية، فليلح بنفوذه المرعي على وزارة الإعلام، بحسن اختيار المذيعين والصحفيين، بأن يكون الشرط الأساس المتوفر فيهم، اللسان العربي المبين، والقلم اليعربي الرصين، ولتشجع الدراسات العربية في الجامعات بكل التخصصات. وبدون «التوفلات» رمز العثرات المعيقات للإنجازات. فالمستعمرات الإنقليزية في أفريقيا، تتكلم الإنقليزية صغاراً وكباراً بإجادة تامة، وبلدانهم في حضيض التخلف. والبرنامج المتكامل عن العربية لماذا يقزم في 3 دول! لماذا لا يعمم في كل السفارات، والملحقيات الثقافية، وكل ملحقية تؤدي واجبها. وثقفوا وعلموا، يا مهبط الوحي.

كل ما ذكره الأخ عبد الله الوشمي جهود جيدة مهمة ولابد منها، ولا غنى عنها لكنها ليست عملاقة، في مثل قامة المركز دعماً، ومالاً، ومؤهلات لغوية مختصة عملاقة وطموحات شامخة. «على قدر أهل العزم تأتي العزائم»، والمسألة -كما قال - ليست تسجيل موقف أو الإعلان عنه. ومن المطلوب ممن قدم لنا السَّلطات والفاكهة، أن يعلم أن بطون عقولنا خاوية، ولم تشبع، فمتى يقدم لنا مائدة عليها «مفطحات» تشبع وطننا وعربنا، وأمتنا وعالمنا ومسئوليتنا، بلذيذ مذاق لغتنا العربية وعلومها وفنونها وآدابها، وتراثها؟ فنقول من قلوبنا: أنعم الله عليكم. ونقضي على فرية صعوبة العربية، أو أنها ليست لغة علمية.؟!!

«وإذا كانت النفوس كبارا

تعبت في مرادها الأجسام»

نتمنى إذاعة مرئية للغة العربية، فإن كانت صعبة التحقق، فلتكن إذاعة مسموعة فقط، تجوب أنحاء العالم في 24 ساعة يومياً، برامجها الجديدة لمدة 8 ساعات، وتكرر مرتين: 8+8+8 ، وهذا مطلب متواضع، لن يعجز القادرين على التمام. لقد كتب الأخ يوسف الكويليت أكثر من مقال في صحيفة الرياض، كما كتب الأخ عبد الله بن صالح العثيمين في صحيفة الرياض يوم السبت 11-2-1435 مقالاً عنوانه «مقالة الكويليت عن العربية تثير الشجن». وقضية العربية ليست مسألة إعلام، بل تعليم وهوية.

ونذكّر أخانا عبد الله الوشمي بعنوان قاله: «يجب ألا يقتصر الاحتفاء على تسجيل الموقف أو الإعلان عنه «لنرجو ألاّ نقتصر أيضاً على الإنجازات المحدودة، والصغيرة، وأن نرى المشروعات السامقة، قوية الجذع، عميقة الجذور، وهذه لا تتم إلاّ من القادرين على التمام، أن نراها أعمالاً كبيرة، وإنجازات سريعة الولادة والنمو، واللغة العربية في بلادنا أحوج إلى العناية والإنعاش، وإذا عوفيت في دارها، صارت أقدر على البر بالإنسانية العالمية، فتطعمها من ثروتها التي ستستعيدها - بإذن الله - إذا صدقت النوايا، وتضافرت الجهود. والحاضر قد يتثاءب أو ينعس، ولكن التاريخ كالذئب لا ينام، وكالشريط لا ينسى. ويلوم الملوم.

- علي العيسى