Thursday 26/12/2013 Issue 15064 الخميس 23 صفر 1435 العدد
26-12-2013

كيف نجعل ميزانيتنا تاريخية لا تقليدية؟

أعلنت ميزانية الدولة هذا الأسبوع وقد كانت ولله الحمد ميزانية خير وعطاء كما كانت ميزانية تاريخية سواء من خلال حجمها أو حجم الدين العام فيها والذي بلغ حدودا دنيا، وميزانيات الدولة هي كما يقول بعض المختصين عبارة عن بيان تفصيلي يوضح تقديرات إيرادات

الدولة ومصروفاتها معبرا عن ذلك في صورة وحدات نقدية تعكس في مضمونها خطة الدولة لسنة مالية مقبلة، ويتم اعتماد هذا البيان من قبل السلطة التشريعية في الدولة.

على الرغم من ارتفاع مصروفات العام الماضي وزيادتها عما كان مخطط له فقد كان فائض الميزانية ولله الحمد كبيرا مما سيساهم في مواصلة الإنفاق على المشاريع التنموية ويعطي مزيداً من الأمان والاستقرار للمشاريع القادمة ويبقى التحدي الرئيسي لهذه الميزاينة ولتكون فعلاً تاريخية حول كيفية رفع نسب الإيرادات غير النفطية والتي لم تتجاوز 10% منذ عقود وخصوصا إذا ما تم الأخذ بالحسبان تراجع العوائد النفطية في العام المقبل في ظل إمكانية عودة إيران للسوق وزيادة الإنتاج العراقي إضافة إلى عدم ظهور سيساسة واضحة لخفض إستهلاك الطاقة في المملكة .

من فضل الله علينا وعلى هذا الوطن الكريم أن أرقام الميزانية خلال الأعوام الماضية في تزايد مستمر مما يجعل التوقعات من قبل المواطنين أكبر كما يرفع ذلك مستوى طموحاتهم ليتوقعوا العديد من المشاريع الحيوية والخدمات الأساسية والتي يسعى إليها كل فرد غير أننا نحتاج أن نعيد النظر في أسلوب إعلان الميزانية والتي تحتوي على أرقام قياسية ضخمة تستعصي أحيانا على القراءة من طولها، لأننا أصبحنا لا نجد أي تفاعل من قبل المواطن بشأنها، فعندما نسمع أن نصيب الأسد من إجمالي الميزانية قد خصص للتعليم والصحة ولانجد أثراً في تحسن الخدمات المقدمة من هذين القطاعين سواءً في عدد المرافق الجديدة من مدارس أو مستشفيات أو في مستوى الخدمة المقدمة منهما، فإنه مهما سمع المواطن بعد ذلك من أرقام كبيرة فلن يتفاعل معها ولن يشعر بأهميتها لأنه لم ير لها أثراً في حياته اليومية.

يجب أن يتجاوز الإعلان عن الميزانية ما نراه من صف للأرقام والمبالغ النقدية والبنود ليصبح وعوداً لإنجاز عدد من المشاريع الواضحة والتي سيتم العمل على تقديمها على أرض الواقع في كل عام، لتشمل أرقاماً معتمدة لعدد المشاريع مثل عدد المدارس والمستشفيات والمصانع وغيرها من المشاريع الحيوية الهامة والتي سيتم إنشاؤها من خلال هذه الميزانية المعلنة بحيث نأتي في نهاية العامة ونراجع ماتم وضعه في الميزانية مع ما تم تحقيقه على أرض الواقع من نتائج وعندها نستطيع الحكم .

لقد تفضل خادم الحرمين الشريفين بتقديم سر النجاح للمسؤولين خلال إعلان الميزانية السنوية بأن أوصاهم وأكد على المسؤولين أهمية مقابلة المواطنين وخصوصاً اولئك المغتربين، فمقابلة المواطنين تعني الخروج من ذلك القفص الذي يحبس كثيراً من المسؤولين أنفسهم فيه والنزول إلى ميدان العمل لمعرفة الحقائق بأنفسهم والاطلاع على سير العمل من خلال المعاينة المباشرة لا من خلال التقارير المكتوبة والتي قد لا يطابق كثيراً منها الواقع.

لقد حمل - حفظه الله - وزراءه المسؤولية وأكد عليهم أهمية أن يعملوا بإخلاص وأمانة واضعين مخافة الله عز وجل نصب أعينهم، كل ذلك إرشادات مثلى يمكن أن تساهم في أن تكون هذه الميزانية تاريخية لا تقليدية ويمكن أن تعيد للميزانية بريقها ومكانتها في أعين المواطنين، كما تعيد ثقتهم في أن ما يعلن من أرقام في هذه الميزانيات سيعود خيره عليهم وعلى الأجيال القادمة.

مقالات أخرى للكاتب