Friday 27/12/2013 Issue 15065 الجمعة 24 صفر 1435 العدد
27-12-2013

التربية والتعليم.. ما بين البيت والمدرسة والمجتمع.. رسالتي إليك مع التحية يا سمو الأمير

سمو الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم.. لا أعرف كيف أبدأ أو من أين أبدأ.. إن قلت أُهنِئُك يا معالي الوزير فالوزارة تكليفٌ قبل أن تكون تشريفاً.. وإن قلتُ هنيئاً للتعليمِ بكم ربما ثقُلت هذه العبارة على مسامعِ بعضِ معارضي تكليفِك لتولي شئون هذه الوزارة مستبقين بذلك حصاداً وجنياً للثمر قبل غربلة التربة وإعادة تشكيلِها لزراعة البذور ورعايتِها لتؤتي أكلَها يوم الحصاد.

وللأسف هذه طبيعة كثير من البشر الذين تتكون لديهم رؤية محددة قد لا توافق رؤاهم عن شخصٍ ما.. أو لم يمنحوا أنفسهم فرصة المعرفة عن عمق لذا تبقى هذه الرؤية الضيقة أسيرة عقولهم ووجدانهم ومن خلالها يأتي الحكم والتصنيف.. ويبقى الظاهر هو الحكم.

يا سمو الوزير.. الطالب هو سليل الإنسان العربي مؤسس الحضارة الإنسانية التي تُنسبُ إليها جذورُ كثيرٍ من الأفكار والنظريات وهي جذورٌ عربية إسلامية فليس صعباً على من غرس الشجرة أن يتولى الآخرون التعهد بتشذيب ورعاية أغصانها لتنمو وتنضج.. وهنا مربط الفرس حيث ارتباط التعليم بالتربية وليس التربية بالتعليم.. التعليم جزء من التربية والتربية عامة شاملة.. لذلك تبقى العلاقة بين التربية والتعليم علاقة تلازم وعموم وخصوص. يا سمو الوزير.. التعليم في وطني يتأوه وجعاً.. يبحث عمن يصلح شأنه ويقيل العثرات من دربه.. لذلك أختزل هذه الرسالة في ثلاثة محاور رئيسة.

المحور الأول التربية.. فرغم أن رضا الناس غاية لا تدرك أقول إن بذور التربية تربتُها البيت والأسرة فإن صلُحت التربة والبذرة صلحت الثمرة وإن فسدت التربة وأهملت البذرة ولم تُتعهد بالرعاية والسقاية الصالحة فسدت الثمرة وربما أفسدت أقرانها.. من هذا المنطلق فإن الإنسان هو التربية التي يحملها والقيم التي يعتقدها والسلوك الذي يقوم به ومنشأ ذلك البيت والأسرة ليأتي بعد ذلك دور المدرسة.. وحجر الزاوية في المدرسة هو المعلم فإن حسُن اختياره كان ذلك ساعداً أيمناً لدور الأسرة وتحقيقاً لغاية منشودة هي خلقٌ قويم علمٌ نافع وعملٌ صالح.

المحور الثاني التعليم.. فمن المعروف أن العناصر الأساسية للتعليم هي المعلم.. الطالب.. المادة الدراسية.. ومن خلال التفاعل المشترك ما بين هذه العناصر نضمن تحقيق نتائج إيجابية.. يأتي بعد ذلك الإدارة.. البيئة المدرسية.. البيئة الصفية كعناصر مساعدة للمنظومة التعليمية لكن ماذا لو كانت العناصر الأساسية يشوبُها كثيرٌ من الخلل أو عدم الموائمة في ظل متغيرات العصر.

يا سمو الوزير نحن ندرك جميعاً أننا نعيش عصر حضارة مختلفة تماما عن حضارات سابقة.. صفاتُها إنتاجٌ غزير للمعرفة والمعلومات التي ستكون في يوم ما هي رأس المال الذي يعتمد عليه.. إنتاج يعتمد على التقنية الحديثة التي أثبتت بما لا يدعو للشك أن كثيراً من الدول حققت نجاحاً باهراً في منظومتها التعليمية من خلال استخدام هذه التقنية فبتنا ننظــر جميعنــا كيف تتنافس هذه الدول على القمة في مجال التطور والتجديد في أنظمتها التعليمية.. فإستراتيجية التعليم في هذه الدول تؤكــد مقدمتها على دور التعليــم في تكوين دولة قوية تتمركز على أربعة محاور رئيسية.. هي مد التعليــم الأساسي لكل فــرد.. تطــوير وتحسين التعليم بصفة عامة.. تحقيق تكافؤ الــفرص بالنسبة للمعلمــين.. تطوير مستمر لوزارة التعليم بما يتناسب مع متغيرات العصر من منطلق أن التعليم سلاحٌ حاسم للتغيير ومواجهة المستقبل.

المحور الثالث يا سمو الوزير هو المجتمع.. فإذا كان دور المدرسة مهماً في بناء وتكوين وخلق كوادر قادرة ومؤهلة لدفع عجلة التنمية والتقدم والحراك الاجتماعي إلى الأمام فإن دور المجتمع لا يقل أهمية عن دور المدرسة بل إن العلاقة متبادلة بينهما.. فالمجتمع يؤسس المدرسة ويحدد الأهداف وفق توجهاته ورؤاه.. المجتمع مدرسة مفتوحة يتعلم منها جميع الأفراد القيم والعادات والأفكار الجادة لينطلق الجميع للرقي بالوطن.

الحديث عن التعليم يا سمو الوزير يحتاج إلى صفحات وصفحات.. ولعل رسالتي هذه أوجزت بطريقة غير مباشرة بعضاً من هموم التعليم في وطني رغم أني لم أتطرق لهموم المعلمين والمعلمات التي لا تعد ولا تحصى.. كلنا أمل أن تكون هناك نقلة نوعية للتعليم في وطني بعد أن أمسكتم بزمامه والله الموفق.

zakia-hj1@hotmail.com

Twitter @2zakia

مقالات أخرى للكاتب