Saturday 28/12/2013 Issue 15066 السبت 25 صفر 1435 العدد
28-12-2013

ضجيج تعيين وزير !

للمرة الأولى، ربما، يصحب خبر تعيين وزير كل هذه الضجة والصراع في المجتمع، فهل لأنه جاء قبيل إعلان ميزانية الدولة السنوية، أم لأنّ نصيب هذه الوزارة من الميزانية يشارف ربع الميزانية، أم لأنّ هذه الوزارة لا يكاد يخلو بيت سعودي من مستفيدين من خدماتها، أو متضررين منها، سواء كانوا معلمين أو معلمات، طلاباً أو طالبات، أم لأنّ الوزير الذي تم تعيينه لقيادة هذه الوزارة كان أميراً وشاعراً وأديباً ومثقفاً، يحمل رؤية ثقافية، مجتمعية، وسياسية أيضاً؟ ربما جميع هذه الأسباب، يضاف لها أيضاً رحيل المجتمع السعودي بأكمله من الشوارع والمكاتب والمنازل الواقعية، إلى العالم الافتراضي في الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.

حين تم الإعلان عن تعيين الأمير خالد الفيصل وزيراً للتربية والتعليم، بعد تجربته الطويلة أميراً لعسير، ولمكة المكرمة، وما حملته تلك الفترات من تجربة إدارية وقيادية، كشفت عن شخصية جادّة وعملية، تفاءل معظم المواطنين، خاصة أنّ وزارة التعليم تحفل بملفات شائكة ومعقّدة، تحتاج إلى إدارة وحسم فيها، بدءاً ببطالة الخريجات التربويات اللاتي ينتظرن التعيين منذ عشر سنوات وأكثر، وحتى المعلمات المغتربات اللاتي ذهب دم بعضهن مهدراً في الطرقات في ظلمة آخر الليل، وهن ذاهبات إلى مدارسهن في القرى على بعد مئات الكيلومترات، ومروراً بالمعلمات المظلومات على بند 105 ومعلمات محو الأمية، ممن سلبت أعوام خدمتهن قبل تثبيتهن على وظائف رسمية، حين أهدرت السنوات تباعاً على نظام عقود مجحفة. هؤلاء المعلمات كيف ننتظر منهن أن يبذلن ويعطين من علمهن وهن يرضخن تحت هذه الضغوط؟ كيف للمعلم أيضاً الذي يقضي سنوات شبابه مغترباً، هو في مدينة، وزوجته المعلمة في مدينة أخرى؟.

أعتقد أنّ ملف التعيين، سواء بالتفاهم أو التصارع مع الخدمة المدنية، وملف النقل الخارجي والداخلي، من أبرز الملفات التي لم تجد حلاً بعد، بالرغم من تخدير أنظمة مضحكة، كنظام جدارة وما أدراك ما جدارة.

فمثل هذه الملفات تحتاج إلى كوادر إدارية شابة، واعية ومؤمنة بدورها الوطني، كي تنجزها، بعيداً عن الحرس القديم في الوزارة، لأنّ هؤلاء الموظفين القدامى، ومهما كانت طموحات الوزير وتعليماته، لن يحققوا شيئاً ذا بال للمواطن، لذا من الطبيعي الاحتفاظ فقط بمن لديه رغبة وإرادة وإخلاص منهم، لتحقيق آمال المواطنين وأحلامهم.

أما على مستوى التعليم، فالجميع يدرك، ولعل أولهم الوزير الشاعر المثقف، أنّ التعليم العام يعاني منذ سنوات طويلة، من ضعف مخرجاته، والدليل على ذلك، عدم ثقة التعليم العالي بهؤلاء الخريجين والخريجات من المرحلة الثانوية، ووضع برنامج القياس والقدرات، الذي يتأكد من سلامة تخرج هذا الطالب وصحة درجاته ومعدله.

ولا يخفى على الوزير الفيصل أهمية أوعية المعرفة الجديدة، بكل ما تحمله من تقنية إلكترونية، مع هذا الجيل الرقمي، الذي يصعب تعليمه في المدرسة ورقياً، بينما هو في البيت متطوّر ومتجاوز إمكانات التعليم بمراحل، ولعل الفرصة تصبح أكبر لإعادة النظر في الأنشطة اللاصفية، وإعادة هيبة المكتبة، والقراءات الحرة، والتثقيف العام، عن القراءة الإلكترونية.

كما أنّ المسرح المدرسي الذي تم تغييبه عقوداً من السنوات، يحتاج إلى العودة من جديد، فالمسرح جزء من التعليم والمعرفة، وعودته تضيف إلى الطالب وعياً جديداً.

صحيح أنّ هذه الوزارة تعاني من عوائق وصعوبات تلتهم أحلامنا وطموحاتنا، إلاّ أنّ ثقتنا بالله سبحانه، وبالأمير المثقف، أكبر من كل هذه العوائق والصعوبات.

مقالات أخرى للكاتب