Monday 30/12/2013 Issue 15068 الأثنين 27 صفر 1435 العدد
30-12-2013

الميزانية .. ومأزق المورد الواحد

تأتي ميزانية العام الجديد 2014 لتؤكد مرة أخرى مدى اعتمادية اقتصادنا الوطني على مورد اقتصادي واحد هو النفط، بكل ما يحمله ذلك وما يرمز إليه من خطورة.

الميزانية، كما هو معروف، ليست أكثر من خطة للإنفاق الحكومي للسنة القادمة وتقدير للإيرادات المالية التي تتوقع الحكومة الحصول عليها خلال نفس الفترة. وبالتالي، فالميزانية القادمة هي حاصل ما تم التوصل إليه من «توقعات» حول الحالة المالية والاقتصادية للسنة القادمة التي مازالت في طي الغيب، لكنها ليست توقعات عمياء وإنما توقعات وتقديرات تستند إلى ما هو متوفر من معلومات حول احتمالات أسعار النفط الخام خلال الفترة القادمة، وكذلك القدرة الاستيعابية للاقتصاد الوطني وأجهزة الدولة لتنفيذ المشروعات التنموية المختلفة.

والآن نحن نعرف على وجه الدقة ما حدث في الماضي، أما الميزانية القادمة فهي تقديرية سوف نعرف في نهاية العام القادم مدى دقة تقديراتها.

وعلى سبيل المثال، فإن الميزانية الماضية ـ ميزانية العام المالي 2013 ـ تضمنت تقديرات لم تأت متطابقة مع ما تحقق فعلاً، فقد تبين لنا أن ما تم الإعلان عنه في مثل هذه الأيام من العام المنصرم حول الإنفاق المتوقع للدولة والذي قُدِّر بمبلغ 820 مليار ريال قد بلغ من الناحية الفعلية مبلغ 925 مليار ريال في نهاية العام 2013.

أما إيرادات الدولة التي تم تقديرها في ذلك الوقت بمبلغ 829 مليار ريال للعام 2013 فقد بلغت من الناحية الفعلية 1131 مليار ريال. وهكذا جاءت الميزانية الماضية أفضل مما كان مقدراً وحققت فائضاً بلغ 206 مليارات ريال، بدلاً من الفائض المتوقع الذي كان مقدراً بمبلغ 9 مليارات فقط.

لاشك أن المملكة لا تعاني من أي ضوائق مالية وذلك بفضل إنتاجها المرتفع من النفط وتماسك أسعاره، إلا أن هذه الحقيقة بقدر ما هي مطمئنة في المدى المنظور فهي تحملنا على القلق حول «عافية» الاقتصاد السعودي الذي يعتمد بشكل رئيس على مورد واحد، كما تحملنا على التساؤل حول إمكانية تحقيق ذلك الاقتصاد لنمو مستدام بعيداً عن الدخل الريعي، وقد جاء في التقرير الأخير لوزارة المالية أن 90 بالمائة من الإيرادات الحكومية في ميزانية عام 2013 قد اعتمدت على الإيرادات البترولية. والمزعج أن هذا يحدث على الرغم من أن خطط التنمية قد جعلت تنويع مصادر الدخل في مقدمة أهدافها منذ بدء التخطيط التنموي الممنهج في المملكة في مطلع السبعينيات الميلادية من القرن الماضي.

أخيراً، من اللافت للانتباه ما ورد في بيان وزارة المالية أن الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة من المتوقع أن يبلغ نموه في عام 2013 نسبة 3,8 بالمائة مقارنة بنسبة 5,81 بالمائة في العام السابق 2012. وهذه الحقيقة، رغم أهميتها، لم يتم التوقف عندها طويلاً بسبب الأجواء الاحتفالية المواكبة لصدور الميزانية.

alhumaidak@gmail.com

ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر

مقالات أخرى للكاتب