Tuesday 31/12/2013 Issue 15069 الثلاثاء 28 صفر 1435 العدد

المصارف الأمريكية العاملة بالمملكة أكبر الخاسرين وقيادات «الصف الثاني» أكبر الرابحين

ظاهرة جديدة .. الرياض «تقتنص» مصرفييها «العالميين» ليديروا مؤسسات مهمة في الدولة

الجزيرة - محمد السهلي:

يأتي إعلان بنك جيه.بي مورجان لوسائل الإعلام العالمية في الأسبوع الماضي عن قيامه بترقية اثنين من المصرفيين لمناصب عليا في السعودية كمؤشر على زيادة التحاق المصرفيين المحليين لتولي مناصب في مؤسسات حكومية مالية. وقبل ما يقارب السنتين، اختارت السعودية أحد مصرفييها ببنك مورجان ستانلي ليصبح محافظها المصرفي الجديد، وذلك في إطار تعديل وزاري يهدف إلى إسراع إصلاح الاقتصاد. وفي إطار السياسة ذاتها اختارت الرياض أوائل هذه السنة ممثلها السابق لدى البنك الدولي ليكون رئيسا لهيئة سوق المال. وقبل هذا التعيين، كان محمد بن عبد الملك آل الشيخ المسؤول الأول في منطقة الخليج العربي عن مكتب «لاثم آند واتكنز» العالمي للمحاماة وقبلها كان المسؤول الأوحد في منطقة الخليج عن مكتب «وايت آند كيس» التي تعتبر من أكبر 10 مكاتب محاماة في العالم.

وقال جيه.بي مورجان إنه عين ريان فايز رئيسا لعمليات البنك في السعودية. وانضم فايز إلى جيه.بي مورجان قادما من جولدمان ساكس في 2012 كرئيس للأنشطة المصرفية الاستثمارية ورئيس تنفيذي مشارك للعمليات السعودية.

ويأتي ذلك الإعلان بعد أن رحل عبد العزيز الحليسي رئيس العمليات في السعودية ليتولى منصبا في مؤسسة النقد العربي السعودي.

وترك الحليسي جيه.بي مورجان في النصف الأول من العام الجاري في إطار سعي المملكة للاستعانة بكبار المسؤولين التنفيذيين من مؤسسات مالية عالمية في إدارة مؤسسات مهمة في الدولة.

وقال البيان إن بدر العمودي عين رئيسا تنفيذيا لأنشطة جيه.بي مورجان في السعودية

وكان الحليسي قد تم تعيينه في 2012 كرئيس لإدارة المصرفية الدولية للشركات ((Global Corporate Bank لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمصرف الأمريكي. ووصف «شـورد لينارت»، (الرئيس التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، الحليسي في ذلك الوقت بأنه من «القيادات الفذة» التي أثبتت نجاحها في المنطقة.

والجدير بالذكر التحق «الحليسي» بـ جي بي مورجان في عام 2010 م، بعد أن شغل عدة مناصب عليا في البنوك المحلية كـ السعودي البريطاني والبنك العربي الوطني.

مورجان ستانلي

وقبل ما يقارب السنتين صدر قرار بتغيير اثنين من المسؤولين في أعلى المناصب الاقتصادية في السعودية. حيث تم تعيين محمد الجاسر محافظ البنك المركزي وزيرا للاقتصاد والتخطيط وحل محله في رئاسة البنك المركزي فهد المبارك العضو المنتدب السابق للوحدة السعودية لبنك الاستثمار مورجان ستانلي.

ولا يعتبر محللون تعيين المبارك محاولة لتغيير مسار السياسة النقدية أو الطريقة المتحفظة التي يدير بها البنك المركزي الثروة النفطية الضخمة للمملكة إذ يمتلك البنك أصولا أجنبية صافية تزيد عن 500 مليار دولار جزء كبير منها في شكل أذون وسندات خزانة أمريكية وودائع في بنوك أجنبية.

وبدلا من ذلك يرى بعض المحللين أن هذا التغيير يهدف لتسريع الإصلاحات الاقتصادية في ملفات مهمة مثل أسواق رأس المال والسياسة الصناعية وأسعار الطاقة المحلية.

وقال لرويترز خان زاهد كبير الاقتصاديين لدى الرياض المالية «السؤال هو ما الدور الذي ستلعبه وزارة الاقتصاد والتخطيط مع العلم بأنه ليس لها وظائف في تسيير الشؤون اليومية. قد يرغبون في الاضطلاع بدور قيادي في تحديد اتجاه السياسة والإصلاحات. بالتأكيد هذا التعيين يشير إلى منح الثقة من قبل الملك.»

ويحظى الجاسر باحترام المصرفيين والاقتصاديين السعوديين وتحدث في السابق عن الحاجة للتصدي للتحديات الهيكلية الطويلة الأجل التي تواجه الاقتصاد السعودي لكن إذا كان ينوي معالجة مشكلات شائكة من قبيل الارتفاع المقلق في الاستهلاك المحلي للنفط فسيحتاج دعما كبيرا.

وبحسب تقرير رويترز، «يقول محللون إن وزارة الاقتصاد والتخطيط افتقرت نسبيا إلى دور فاعل خلال السنوات القليلة الماضية إذ كانت تضغ خططا خمسية لا تشبه غالبا الأداء الفعلي للاقتصادي. ويتداخل دورها مع وزارات أخرى».

وقال جارمو كوتيلين كبير الاقتصاديين لدى البنك الأهلي التجاري في جدة «من المسائل التي تحدث عنها الجاسر زيادة الاستهلاك المحلي للطاقة والتداعيات الاقتصادية لذلك. تحدث كثيرا أيضا عن أسواق الصكوك والروابط المحتملة بينها وبين البنية التحتية.»

وأضاف كوتيلين قائلا «لذلك هو لديه رؤية اقتصادية واسعة جدا ومنصبه الجديد سيعطيه فرصة كبيرة لتطوير وتنفيذ هذه الرؤية.

وبدأت السعودية برنامجا موسعا للإصلاحات الاقتصادية قبل أكثر من عشر سنوات وعمدت إلى تحرير الاقتصاد لفتح البلاد أمام الاستثمار الخاص والمستثمرين الأجانب وتقوية القطاع المالي. وكان الهدف من هذه الجهود الحد من اعتماد المملكة على إيرادات النفط المتقلبة وخلق فرص عمل في الشركات الخاصة.

لكن الإصلاحات تباطأت في العامين المنصرمين وكان التقدم محدودا في تغييرين متوقعين منذ سنوات وهما السماح للأجانب بالاستثمار في سوق الأسهم بشكل مباشر وإقرار قانون للسماح بالرهون العقارية.

ومن المسائل الصعبة أيضا المستويات المنخفضة التي تحددها الحكومة لأسعار الطاقة المحلية. فهذا يشجع على هدرها ويخفف الضغط على الشركات لتحديث التكنولوجيا التي تستخدمها بينما يهدد الإسراف في الاستهلاك المحلي للنفط في الأجل الطويل بخفض صادرات السعودية من الخام.

وقال سايمون وليامز الخبير الاقتصادي المختص بالشرق الاوسط في بنك (اتش.اس.بي.سي) في دبي «هناك إقرار واضح في السعودية بالحاجة إلى تسريع الإصلاح وهذا قد يكون جزءا من ذلك التعديل.»

وقد يساعد فتح سوق الأسهم أمام الاستثمار الأجنبي -وهو الأمر الذي تدرسه الحكومة منذ بضع سنوات- على تقوية القطاع الصناعي عن طريق زيادة الانضباط في السوق.

ويعتقد أيضا أن السعودية تريد إصلاح سوق سندات الشركات وتشجيع الشركات على إصدار مزيد من السندات مما سيقلل اعتمادها المفرط على القروض المصرفية وهو الأمر الذي يمكن أن يكون غير ملائم للشركات ويشكل خطورة على البنوك.

وقد تكون الرغبة في تسريع إصلاحات سوق رأس المال هي السبب في تعيين المبارك محافظا جديدا لمؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي). ففي حين أن الجاسر مسؤول حكومي تدرج في المناصب الإدارية الحكومية فإن المبارك يتمتع بخبرة طويلة في القطاع الخاص وهو مطلع على الأسواق المالية بحكم عمله السابق في مورجان ستانلي-السعودية. وشغل أيضا منصب رئيس مجلس إدارة سوق الأسهم السعودية.

وقال كوتيلين «أحد مناقب فهد المبارك أن لديه خبرة مباشرة في السوق على مستوى رفيع وذات بعد عالمي لذلك فهو مؤهل بشكل جيد لدور التنظيم المصرفي.»

وأضاف كوتيلين أن هذا قد يعطي المبارك منهجا أكثر تركيز على السوق في الوقت الذي يتعافى فيه النظام المصرفي السعودي من أزمته المالية بعد عدة سنوات من إدارة المخاطر. وستضطر البنوك السعودية أيضا في السنوات القليلة المقبلة لتطبيق المعايير المصرفية العالمية الجديدة بازل-3 وهي مهمة صعبة تتطلب منها بناء عوازل من السيولة تتكون من العديد من أدوات السوق.

وقال كوتيلين «في الفترة القادمة سيكون أحد التحديات المهمة هو ضمان أن يلعب القطاع المالي دورا رئيسيا في دفع التنمية الاقتصادية ولهذا فإن إضافة الأبعاد السوقية سيكون مفيدا جدا.