Wednesday 01/01/2014 Issue 15070 الاربعاء 29 صفر 1435 العدد
01-01-2014

أين عقلي!!؟؟

(الثقافة زاد العقل) جملة تتكرر كثيراً، جملة مملة مستبعدة عن ذهن من يرى أن الزاد زاد المعدة ولا زاد يعنيه سواه، بدليل اتساع نطاق المطاعم الشعبية و العالمية ومطاعم الفاست فود ومحال التسوق الغذائي أو البوفيهات اتساعاً يشعرنا بنكسة صحية وشيكة وبتراجع فكري، وتأخر ذهني..!!

المعدة بيت الداء، والخطورة الآتية من المطاعم ومطاعم الفاست فود أقرت بها الجهات والمنظمات الصحية، وبأنها لا تقل ضرراً عن التدخين أو المعسل، وقد اهتمت وزارة الصحة أو البلدية والوزارات المعنية على تطهير المملكة من مقاهيها ولم تول مطاعم الفاست فود حفنة اهتمام.!

قيل المعدة بيت الداء ولم يقال الفكر بيت الداء! في حين نرى من يقنن غذاء الفكر أو يجيّره لصالح توجه دون آخر كمن يرى الفكر شرعي ديني فقط، وما سواه داء على الأذهان أو هو يشكل خطورة عليها! ثم يتذمرون من تأخرنا علمياً وثقافيا وفكرياً، ويعزفون على وتر قلّة العلماء لدينا، وندرة المخترعين، وغياب العباقرة، أو تراجع مستوى البحوث والباحثين، في بيئة تقيد على الذهن (منذ الطفولة وفي المراحل الدراسية) أو على الفكر والعقل حرية الغذاء الذي يشتهيه الإنسان لفكره!! بالتالي كيف بأمتنا أن تنهض بأقدام مقيّدة أو معاقة أو مكسورة أو مبتورة، وبأيدٍ وضعها كذلك..!!

شريعتنا التي نصر على أنها الزاد الفكري الوحيد المهم الذي نحتاجه أولت الثقافة اهتماما شديدا، حيث قدمت العلماء على العبّاد، كـ حديث (يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء). (السنن الأربعة). وعن ابن عباس: خيّر سليمان بين العلم والمال والملك، فاختار العلم فأعطي المال والملك معه.. ذكره ابن عبد البر في كتاب العلم، وفي الكتاب نفسه قال عليه السلام: (أوحى الله إلى إبراهيم، يا إبراهيم، إني عليم أحب كل عليم). وعن بعض الحكماء: ليت شعري أي شيء أدرك من فاته العلم، وأي شيء فات من أدرك العلم. وعن الأحنف: كاد العلماء يكونون أرباباً. وكل عزّ لم يوطد بالعلم فإلى ذل ما يصير. وعن الزبيري: العلم ذكر فلا يحبه إلا ذكورة الرجال. وقال ابن الشخير: فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة، وخير دينكم الورع. ولم تحاول تسليع الثقافة لصالح الثقافة الدينية وحدها، بدليل أن ما توصل إليه العلماء في مجال الإعجاز العلمي والعددي والبياني وغيره وجدوا له برهانا في القرآن الكريم.. بل إن الطب النفسي كثيراً ما يعتمد على المنهج القرآن والنبوي، ولدينا نموذج (مجلة النفس المطمئنة). وإذا تصفحنا مناهجنا من الأجيال السابقة إلى الجيل الحالي نكاد نجد علم النفس مغيّبا أو هو مغيب بالفعل وربما يقدم على قلق وخوف وتوجس.. ولن أنسى الفلسفة التي لا يقر يتخوف منها بعض رجال الدين!! ربما لأننا تربينا وربينا على مبدأ: سمعنا وأطعنا، في حين أن ما نسمعه بحاسة السمع يتجه رأساً إلى العقل أو يرسل إليه وقد لا يؤيده ولا يقبل به أو لا يستوعبه فيدفعه إلى أن يناقش ويحاور ويجادل قاصداً فلسفة الأشياء التي سمعها وهو مما لا يسمح له به!! اسمع وأطع ولا تجادل فأنا أكبر منك، أوعى منك، أكثر خبرة!! علم الفلسفة علم تنشيط العقل والفكر والذاكرة علم يمهد للفهم الطريق، وفي رفضه أو إسقاطه تعطيل للعقل، للفكر، للذاكرة.

حاولت الفلسفة الإسلامية أن يكون لها موطئ قدم لكنها لم تستطع ذلك، حيث أن أسلمت العلوم يعني تقييدها من خلال تجويز ما تراه ثلة جائز فتسمح به وتجريم ما لا تراه جائزا بالتالي تستبعده. كأنما هي تستبعد العقل عن أن يحاول الفهم وتفرض عليه التنفيذ الأعمى، الأعمى!

bela.tardd@gmail.com -- -- p.o.Box: 10919 - dammam31443

Twitter: @HudALMoajil

مقالات أخرى للكاتب