Wednesday 01/01/2014 Issue 15070 الاربعاء 29 صفر 1435 العدد

رحمك الله يا نزار رفيق بشير

هناك أسماء قد لا تربطك بهم صلات مباشرة، لكنها وفق شيء ما، حفرت اسمها في ذاكرتك، من هؤلاء «نزار رفيق بشير» رحمه الله، فهو اسم عرفته من خلال جريدة الجزيرة، منذ أن تعلقت بها وبدأت بالكتابة فيها منذ عام 1416هـ، وتحولت لنافذة لي على الثقافة، لا يمكن لي التخلي عنها حتى خارج المملكة فقد تحولت لي لحالة عشق أسامرها، وأجد فيها ضالتي، والفضل لله ثم لوالدي الذي وفّرها لنا، وغرس فينا هواها، وهو القارئ لها منذ أعدادها الأولى لها يوم كانت تصله عن طريق صالح كتبي مسؤول البريد بأبها في أواخر السبعينيات وهي الصادرة في عام 1379هـ، نزار بن رفيق بشير كان أحد الأسماء العالقة في ذهني، نظرا لما كان يكتبه من مقالات، وبخاصة حينما كان يتولى التعليق على قصائد تنشر تحديدا في جريدة الجزيرة، فقد كان يتولى التعليق عليها، ويقوم بأسلوب أدبي رفيع ولغوي في تقديم قراءة نقدية رائعة للقصائد، ويعقد مقاربات بين أبياتها، وأبيات لقصائد من عيون الشعر في الأدب العربي لشعراء معروفين، وكانت أغلب القصائد التي يقدم لها قراءات في جريدة الجزيرة لشعراء معاصرين، وكان يجيد عقد المقاربات والمقارنات والمعارضات في الكثير من الأبيات الشعرية بشكل مبهر في عمليات الربط، بما يدل على أنه أديب واسع ومطّلع، ومثقف كبير، ويمتلك قاموسا ثريّا من المفردات، وكان آخر ما طالعته لأبي رفيق رحمه الله، قراءته لقصيدة شاعر عكاظ «عيسي بن علي جرابا» وهي بعنوان «بغير هواك ما حدثت نفسي « ومطلعها كان :

بِغيرِ هَوَاكَ ما حدَّثْتُ نَفْسي

بِهِ أغْرَيْتَنِي وَأرَقْتَ هَمْسِي

دَعَانِي فارْتَحَلْتُ إليهِ أرْوِي

صَدَى رُوْحي وأُترِعُ منْهُ كأسي

حزني البارحة كبير لوفاته، وأنا أقرأ نعي جريدة الجزيرة له، رغم أني لم ألتق به، ولا أعرفه إلا من خلال استمتاعي بكتاباته الأدبية، وقراءاته النقدية والتي يحتاجها واحد مثلي يريد أن يتعلم بالقراءة، وسر حزني الكبير، أني لن أقرأ له بعد اليوم، تلك الكتابات الجميلة والرائعة، فلم يكن لي في لحظة الحزن في هذا المساء إلا استعادة قول الشاعر أبي نواس:

آلا كل حي هالك وابن هالك.. وذو نسب في الهالكين عريق

فقل لمقيم الدار إنك ظاعن.. إلى بلد نائي المحل سحيق

فعزائي لبنيه بنات وبنين وأسرته الكبيرة، وعزائي لمحبيه قراء وأصدقاء {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.

محمد بن إبراهيم فايع