Thursday 02/01/2014 Issue 15071 الخميس 01 ربيع الأول 1435 العدد

طعم العبادة عند الأستاذ الدكتور إبراهيم المفلح -رحمه الله

يقول الله - عز وجل - {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً}. هذه الآية في سورة الإسراء تتربع صفحة 238 في المصحف المطبوع بمطبعة الشمرلي في مصر.

آية لها حكاية تتلجلج في صدري ورواية تجول في خواطري وفكري.

هذا المصحف من المصاحف المعدودة القليلة عندنا في جامع سكن أعضاء هيئة التدريس بجامعة الملك سعود أتقاسم التلاوة والقراءة فيه مع رجل عابد متعلق قلبه بالمساجد فارق دنيانا الفانية إلى الحياة الباقية قبل أيام قلائل.

وقد فتحت المصحف أثناء سفره في رحلته العلاجية فوجدت الورقة التي يضعها هذا الرجل الرباني علامة لآخر ما تلا فإذا هي على قوله تعالى {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً}.

وكأنها دعوة من الكريم لابن عبدالكريم أن يجيب هذه الدعوة وصرنا وإياه كأننا لم نلبث إلا قليلاً في هذه الدنيا. هذا الرجل العابد التقي النقي أبوعبدالله الدكتور إبراهيم المفلح رحمه الله رحمة واسعة وجمعنا به في جنات النعيم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

إذا أردنا أن نعرف طعم العبادة ولذتها وسمو النفس ورقتها وتجنب الدنيا وزينتها فهذا الرجل شاهد على ذلك ومثال يتراءى للعين البصيرة.

الخشوع سمته والتدبر صمته والذكر صوته.

التواضع شعاره والصدق دثاره والتبسم رداؤه.

إن صلة هذا الرجل بالله تظهر في تأثره وخشوعه في صلاته، وانكساره أمام الله في تلاوته ونحيبه، وبكاؤه في قيامه وسجوده.

الموعظة تهزه ومواسم الخير والطاعات تحفزه والبذل والعطاء يستطعمه.

كنت أقرأ عن خوف السلف وخشيتهم وعبادة سالفي الأمة وتزكية أنفسهم، وأقول إن هذا يندر في هذا الزمان فإذا أبوعبدالله المفلح قد زاحم أولئك المفلحين وسار في ركب الصالحين، فأصبح شاهداً على عصرنا وتقصيرنا في حق ربنا وإسرافنا على أنفسنا. نسأل الله أن يعفو عن زللنا.

فبالرغم من انشغالاته ومسؤولياته في حياته العملية لم يتوان عن التبكير للطاعات ولم يتكاسل عن إجابة رب البريات والمسارعة إلى الخيرات رحمه الله وأسكنه الفردوس من الجنات.

بحق إن هذا الرجل مذ عرفته من أكثر من عشرين سنة إلا ويزداد مع الأيام قرباً إلى الواحد الغفار ومناجاته تحلو في الليل والنهار.

رب إني سمعته كثيراً ما يدعو بقوله تعالى (رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين) في دعائه وسجوده وقنوته،

فيا خير الراحمين اغفر له وارحمه وارفع درجته في عليين.

وعزائي لأهل بيته وزوجه وإخوانه وأبنائه وذريته ومحبيه. وأسأل الله أن يعوض أهله خيراً ويخلف عليهم ويجبر مصابهم ويجمعنا به ووالدينا وذرياتنا في جنات النعيم على سرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين.

الشيخ علي الحازمي - إمام جامع سكن جامعة الملك سعود

amaa92@gmail.com