Friday 03/01/2014 Issue 15072 الجمعة 02 ربيع الأول 1435 العدد

جائزة الصحافة العربية

الشيخ الجليدي وابنه الشاب

حكاية شعبية من ليتوفيه من البرنامج التجريبي لرسوم الأطفال

عاش رجل جليدي مسن في غابر الزمان وكان لديه ابن شاب، مغرور لدرجة لا تصدق، حيث اعتبر نفسه أذكى وأقوى الجميع، ولا يوجد مثيل له على الإطلاق.

فكر يوماً:

«كبر والدي كثيراً وأصبح لا ينجز عمله جيداً. أما أنا فما زلتُ شاباً قوياً، وأستطيعُ تجميد الناس بسهولة، من صقيعي لن ينجو أحد سأخضعُ الجميع لسلطتي!

شرع الشابُ الجليدي يبحث عمن يصادف أمامه، ليجمده، انطلق بأقصى سرعته، على الطريق وبغتة رأى ملاكاً مسافراً على حصان شبع، وكان الملاك سميناً، يرتدي فروة ثقيلة، مدثراً قدميه بسجادة لفت حولهما بإحكام.

نظر إلى الملاك وفكر ساخراً:

دثرت نفسك أم لم تدثّر، كل هذا سيّان عندي، لن تنفذ من قبضتي. ربما لو كان والدي العجوز في مكاني، لتمكنت من إنقاذ نفسك، لكنك لسوء حظك وقعت بين يديّ ومن المستحيل أن تفلت مني.. فلا الفروة ولا السجادة سيحميانك من صقيعي.

دار الشاب الجليدي حول الملاك، واقترب ثم اختفى تحت السجادة وانزلق داخل الأكمام حول ياقة القميص، إلى أن جمد أنفهُ.

أمر الملاك حصانه قائلاً:

بسرعة بسرعة إني أتجمد

استمر بإيذائه حتى تصلب عنقهُ وأصابعَ قدميه ولم يستطع مواصلة السفر، أخذ يدور في مكانه ويصرخ بأعلى صوته:

- أسرع، أسرع أيها الحصان! بغتة توقف عن الصراخ وكأنه قد فقد صوته. وبالكاد وصل عربته حياً.

عاد الشاب إلى والده، متباهياً وقال:

- أرأيت كم أنا قوي. كيف غلبته! لم تدركني! لن تقوى على تجميد الناس مثلي!

ابتسم الشيخ بخبث وقال:

- يا لك من مغرور! أصدق أنك جمدّت الملاك السمين واقتحمت فروته لكن هل تعتبر ما قمت به عملاً عظيماً وذا أهمية؟

- انظر إلى الفلاح النحيف، الذي يرتدي فروة رثة، ويمتطي حصاناً أعجف، هل تراه؟

- أجل، أراه.

- إنه ذاهب إلى الغابة ليحتطب، ويجمع جذور الأشجار الجافة. لتجرب أن تجمده. وإذا تمكنت من ذلك صدقتك وشهدتُ لك بقوتك!

أجاب الابن:

- سترى ما أنا فاعل به خلال لحظة.

تهيأ الشاب الجليدي، ولحق بالفلاح محاولاً إدراكه، أما الفلاح فقد واصل سيرهُ دون أن يكلّ أو يعير ذاك أدنى اهتمام، عندئذ أمسك بقدمه محاولاً إعاقته من السير. لكن الفلاح مضى قدماً بمركبته إلى الغابة مسرّعاً الحصان.

فكر الشاب متوعداً:

لا بأس سألقي القبض عليك في الغابة.

وصل الفلاحُ الغابة، ثم تناول القطاعة، وطفق يقطع الشجر فتتطايرُ الشظايا في كل الاتجاهات! حاول الشاب تعطيل عمل الفلاح، تسلط على يديه وقدميه وعنقه، كلما حاول الجليدي مهاجمة الفلاح، كان الفلاح يزداد عزيمة وإصراراً على مواصلة العمل حتى جعله ذلك يشعر بطاقة كبيرة في جسمه مما أدى به إلى خلع قفازيه وتركهما جانباً.

كرّ الجليدي مراراً على الفلاح حتى أعياه التعب ثم قرر بداخله:

حسناً لا بد أن أتغلب عليه وأصل إلى عظامه سأحاول مهاجمته في طريق عودته.

ركض إلى العربة وخطف قفازي الفلاح. ثم جلس يضحك بسخرية:

لأرى كيف سترتدي قفازيك اللذين تصلبا وأصبحا من الصعب إدخال أصابعك بهما.

أقام الصقيع داخل القفازين لكن الفلاح لم يتوقف لحظةً واحدةً بل استمر يحتطبُ ويحتطبُ كل الوقت وبعدما انتهى شق طريقه عائداً أدراجه.

أخذ الفلاح قفازيه ليرتديهما لكنهما كانا صلبين كالحديد.

همس الشاب في نفسه ساخراً:

والآن لأرى ما أنت فاعل بدونهما.

غير أن الفلاح عندما علم أن القفازين تجمداً ولم يعد بمقدوره استعمالهما، أخذ القطاعة وانهال عليهما ضرباً. ضرب الفلاح الجليدي بكل قوته، تأوه من شدة الطرق، لكنه في النهاية أذعن لحاله وأصبح مطيعاً.

عاد الفلاح محملاً عربته بالحطب وجذور الشجر، وكان الحصان ينوء بالحمل الثقيل.

أما الشاب الجليدي فقد ذهب إلى والده حزيناً يرثى لحاله. وما أن شاهدهُ والده حتى بادر ساخراً:

- مالي أراك يا بني تسير هكذا ببطء!

- كدت أموت ولم أتمكن من تجميد الفلاح.

- أتئن من الإجهاد؟

- أجل، إن جسدي يؤلمني جداً بسبب ما أصابني من الفلاح!

- ليكن ذلك درساً لك يا بني أيها الشاب الجليدي.

ولتعلم دائماً أن من السهل التغلب على أولئك الكسالى لكن أمثال هذا الفلاح أبداً لن تستطيع التغلب عليهم مهما حاولت.

** ** **

رسوم

1 - علي جلال محمد 10 سنوات

2 - سلينا سليم حبش 10 سنوات

3 - ميس قاسم زعتر 10 سنوات

4 - لين عامر نجار 9 سنوات

5 - جابي أليكس نينو 10 سنوات

6 - آمنة داوود فرهاد 10 سنوات