Sunday 05/01/2014 Issue 15074 الأحد 04 ربيع الأول 1435 العدد
05-01-2014

الهائمون على وجوههم في الشوارع إلى أين؟

جاء في جريدة الشروق بتاريخ 27 صفر 1435هـ حول المرضى النفسيين الهائمين على وجوههم في الشوارع تحت عنوان «إنقاذ أربعيني حاول الانتحار للمرة الثالثة» وذلك في بلجريش بالباحة وكانت المرة الأولى عند صعوده على بوابة يبلغ ارتفاعها المترين والنصف حاملاً سكيناً وقضيباً حديدياً مهدداً بإلقاء نفسه وكانت هذه المرة الثالثة التي يقنعه رجال الدفاع المدني بالعدول عن الانتحار.

وهناك من أمثال هذا الأربعيني الكثيرون الذين يسكنون الشوارع ويلتحفون السماء ويقفون أمام المطاعم فيأكلون ما يعطى لهم، وشعرهم أشعث ووجوههم وأجسامهم مغبرة من أثر التراب حفاة وشبه عراة نظراتهم هائمة، وهائمون على أنفسهم.

وفي الغالب عندما يتم التعامل معهم يوضعون في أحد مستشفيات الصحة النفسية ويعطون العلاج الذي غالباً لا يتم استعماله وتعجز الأسرة عن متابعة علاج أحدهم.. فمن المسؤول عن هؤلاء بعد أن يخرجوا من مستشفى الصحة النفسية لعدم وجود من يرعاهم لقد كان هناك مركز تابع لوزارة لصحة ووزارة الشئون الاجتماعية يسمى مركز الإخاء لا أدري إن كان مازال قائماً وكان مخصصاً لاستقبال الحالات النفسية الميؤوس منها حتى يتوافهم الله.

فهل صحيح أن هؤلاء الهائمين على وجوههم في الشوارع ليس لهم علاج؟. وهل ما زال هذا المركز المزدوج بين وزارة الصحة ووزارة الشؤون قائماً؟.. وأين الرحمة بهؤلاء ولماذا ليس لهم علاج؟.. ولماذا يترك مثل هؤلاء في الشوارع عرضة لإيذاء أنفسهم وإيذاء الآخرين، وربما قتل أنفسهم دهساً أو انتحاراً أو قتل شخصاً بريئاً يمشي في الشارع غير متحسب لخطر هؤلاء.

أن أمثال هؤلاء لا يمثلون ظاهرة وأعدادهم لا تتعدى المائة في جميع أنحاء المملكة ومن المملكة إقامة مركز خاص بهم يؤويهم ويقوم على رعايتهم وإعاشتهم ومحاولة علاجهم فربما كان البعض منهم لديه انفصام في الشخصية أو غيره من الأمراض النفسية التي تحتاج لعلاج طويل الأمد بدلاً من وضعهم في مستشفيات الصحة النفسية لمدة شهر أو شهرين ثم إطلاقهم لعدم انطباق مواصفات المرضى النفسية عليهم وعدم رعايتهم رعاية لاحقة حتى يستقر وضعهم النفسي والاجتماعي.

وفي جميع دول العالم تجد مثل هؤلاء الهائمين على وجوهم في الشوارع لكن مجتمعهم يختلف عن مجتمعنا مجتمع التراحم والعطف والحنان طبقاً لتعاليم ديننا الحنيف منهم من فقد أسرته ومنهم من فقد مالاً ومنهم من فقد قدرته على التواؤم مع تقاليد المجتمع ومراعاة أصول الملبس والمأكل والمأوى سواءً بإرادته أو رغماً عنه، وفي كل الأحوال على المجتمع أن يهتم بهم للحفاظ على الشكل العام والمظهر العام للمجتمع المسلم الذي يتسم بحب الخير ومساعدة الآخرين.

إن من بين هؤلاء الهائمين على وجوههم في الشوارع من قد يكون له بنت وأولاد نبذوه أو هو نبذهم وتركوه ولا يعرفون عنه شيئاً وربما لو رأوه في الشارع لا يستطيعون التعرف عليه، ومن بينهم أيضاً من ارتكب من الجرائم ما لا يصدقه عقل مثل ذلك المختل نفسياً الذي قتل زوجته وطفليته قبل أن يقتل نفسه في محافظة القنفذة كما جاء في صحيفة سبق الإلكترونية بتاريخ 28صفر1435هـ.

لذلك فإننا نناشد وزارة الصحة ووزارة الشئون الاجتماعية الاهتمام بمثل هؤلاء وعدم تركهم في الشوارع وإيواءهم في مستشفيات الأمل للصحة النفسية حتى تستقر حالتهم، ومن ثم إيواؤهم في المراكز التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية التي يجب أن تراعي مثل هؤلاء بالتنسيق مع وزارة الصحة وعدم تركهم بعد إعطائهم العلاج أو الاتصال بأولياء أمورهم لاستلامهم لأن هذا ليس الحل المناسب لمثل هؤلاء لأنهم سيظلون هائمين على وجوههم في الشوارع.

- عضو هيئة الصحفيين السعوديين

مقالات أخرى للكاتب